فرنسا عازمة على طرد دعاة متشددين

فالس يميز بين المتطرفين وبين الإسلام المعتدل

TT

لا يريد وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس أن يهدم الصورة التي بناها لنفسه في وظيفته الجديدة كوزير اشتراكي للداخلية وشؤون العبادة في فرنسا منذ شهر مايو (أيار) الماضي، والتي حملت له الشعبية بحيث إنه الأكثر تمتعا بها من بين كل أفراد حكومة جان مارك أيرولت. والصفة الأولى للوزير إسباني المولد وفرنسي الجنسية أنه رجل ذو قبضة حديدية لا يتهاون أبدا في شؤون الأمن، ولا يلين له عزم في مكافحة الإرهاب والتطرف مهما كان مصدره. وبذلك لا يعاني فالس من أي عقدة نقص إزاء وزراء اليمين الذين تعاقبوا على وزارة الداخلية، وأبرزهم على الإطلاق الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.

ومجددا كان فالس أمس وفيا لشهرته، إذ أعلن خلال مشاركته في مؤتمر لمكافحة الحركات المتشددة العنيفة في بروكسيل أنه عازم على طرد «عدد من الدعاة والأئمة المتشددين الأجانب في الأيام المقبلة»، ولكن من دون الإعلان عن تاريخ محدد. وما ينوي الوزير الفرنسي فعله ليس بجديد إذ سبق لفرنسا أن أبعدت عن أراضيها العشرات من الأئمة الذين كانت تعتبرهم إما متشددين وإما يروجون لإسلام «لا يتوافق مع قيم الجمهورية الفرنسية وبعضهم اتهمته بالترويج للعنف».

وتفيد معلومات وزارة الداخلية أن نحو 125 من الإسلاميين تم طردهم من فرنسا منذ عام 2002 لأسباب تتعلق بالتشدد. وآخر من طرد التونسي محمد حمامي، إمام مسجد الخليفة عمر القائم في الدائرة الـ11 في باريس بتاريخ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي اتهمته الداخلية بالدعوة إلى الجهاد العنيف وإلى استخدام العنف ضد المرأة وبمعاداة السامية.

غير أنه حرص باستمرار على التفريق بين الجهاديين الإسلاميين والإسلام الصحيح. وكل مرة كان يدعى فيها الوزير الفرنسي إلى تدشين مساجد جديدة على الأراضي الفرنسية كان يتمسك بهذا التمييز، حتى لا تتحول سياسة مناهضة الجهاديين إلى التجريح بالإسلام وتشويه صورته. وقال فالس في بروكسيل: «أنا لا أخلط بين هذا النوع من الإسلام المتشدد مع الإسلام في فرنسا.. لكن هناك بيئة دينية، وهناك مجموعات تعلن سلفيتها وتنخرط في آلية سياسية، وترمي ببساطة إلى السيطرة على الجمعيات والتحكم بضمائر عدد من العائلات». وقرار فالس حاسم، إذ يؤكد نيته «طرد جميع أولئك الأئمة وجميع أولئك الدعاة الذين يتعدون على المرأة ويدلون بأقوال تنتهك قيمنا وتشير إلى ضرورة قتال فرنسا». ولذا فإنه يرى أن «الحزم مطلوب.. وهذا ما سأفعله». وتعاني فرنسا من مشكلة مزمنة في موضوع توافر الأئمة للقيام بخدمة جالية يزيد عددها على خمسة ملايين مسلم. وأصل المشكلة أنه بسبب غياب أئمة نشأوا في فرنسا ويعرفون تقاليدها، فإن العادة درجت على استقدام أئمة من بلدان عربية.