السلطة غاضبة من تلكؤ دول عربية في التعاطي مع الشؤون الفلسطينية

تراجع وبرود في العلاقات سببه خلافات سياسية أو التعامل مع حماس

TT

قالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة خيبة أمل كبيرة وحالة من الغضب لدى قيادة السلطة الفلسطينية من التلكؤ الكبير التي تتعاطى به دول عربية مع الشأن الفلسطيني، سواء على الصعيد السياسي أو المالي، مؤكدة وجود حالة من التراجع في العلاقات مع بعض الدول. وبحسب المصادر، فإن السلطة تعاني كثيرا في القضايا التي تتطلب موقفا وحراكا ومساندة عربية.

وضربت المصادر أمثلة على ذلك، بمبادرة السلام الجديدة التي اقترحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتبنتها لجنة مبادرة السلام العربية، التي يفترض أن تكون قد قدمت هذا الشهر إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية وروسيا الصين، لكن ما حدث، أن الدول العربية لم تشكل حتى الآن اللجنة التي ستشرف على تقديم هذه المبادرة.

وكانت السلطة قد أعلنت رسميا الشهر الماضي أن دولة فلسطين، ومعها باقي الدول العربية، ستطلق مبادرة رسمية لإحياء عملية السلام، هذا الشهر تقوم مفاوضات مع إسرائيل تبدأ من حيث انتهت مع الحكومات السابقة، على أن تستمر 6 أشهر، يتوقف خلالها الاستيطان. وقالت السلطة أن وفدا رسميا عربيا سيحمل هذا المقترح. وعقبت المصادر: «بدأت تتبلور اقتراحات فرنسية وبريطانية وغربية قبل حتى أن تشكل لجنة عربية».

وهذا ينطبق على قرار تحويل 100 مليون دولار شهريا إلى السلطة. وتنتظر السلطة منذ شهرين تحويل مبلغ 100 مليون دولار التي من المفترض أن تصل في أي لحظة لكن عدم تسديد دول عربية لحصتها من هذا المبلغ أخره كثيرا وزاد من أزمة السلطة المالية إلى الحد الذي شلت فيه مؤسساتها.

وتراجعت علاقة السلطة بدول عربية وإسلامية إلى حد كبير، فلم تعد على الأقل كما كانت عليه مع مصر وقطر وتونس وماليزيا والإمارات العربية المتحدة. وثمة دلائل على برود العلاقات أو عدم تلقي السلطة الدعم الكافي من الدول العربية في مفاصل حساسة.

وعندما ذهب الرئيس الفلسطيني إلى نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي، لطلب التصويت على صفة دولة غير مراقب، وجه دعوة إلى كل وزراء الخارجية العرب لحضور جلسة الأمم المتحدة، وكان يشمل ذلك، تحمل مصاريف إقامة كل الوفود العربية في أفضل فنادق الولايات المتحدة، غير أن أحدا على الإطلاق لم يلبِ الدعوة ولم يحضر باستثناء وزير الخارجية التركي.

وعندما انتظرت السلطة وفدا عربيا رفيعا من وزراء الخارجية العرب، في رام الله لتقديم الدعم والتهنئة بهذه الدولة، كانت تبشر بداية بحضور غالبية وزراء الخارجية العرب ثم انخفضوا إلى النصف ثم صاروا 4 وفي النهاية لم يحضر سوى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي مع وزير خارجية مصر. كما أن مسؤولين عرب دأبوا على زيارة رام الله توقفوا عن ذلك نهائيا.

وترجع مصادر مختلفة في السلطة ذلك إلى خلافات غير معلنة حول الموقف الفلسطيني من المفاوضات مع إسرائيل، وكذلك إزاء الموقف الفلسطيني من الذهاب إلى الأمم المتحدة أصلا، وبسبب الانقسام الداخلي، إذ تجاهر دول بدعم حماس على حساب السلطة أو تفضل ذلك.

وليس من باب الصدفة أن مصر تتعمد إجراء اتصالات مباشرة مع حماس في غزة بصفتها ممثلة للفلسطينيين، ويتكرر ذلك برغم غضب السلطة وإعلانها رفض ذلك، وليس من باب الصدفة أيضا أن الأمير القطري حمد بن جاسم زار غزة، وأجل زيارة كانت مخططة إلى رام الله، وفعل ذلك، أي زار غزة، رئيس الوزراء الماليزي، ويخطط لذلك الآن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي.

ولم تخف السلطة غضبها من ذلك، فهاجمت الرئاسة المصرية في أوقات سابقة، وغمزت من قناة قطر، وطلبت من المرزوقي تأجيل زيارته وشنت هجوما عنيفا على رئيس الوزراء الماليزي. وتمنت السلطة على المرزوقي تأجيل زيارته للقطاع إلى ما بعد تحقيق المصالحة الوطنية للشعب الفلسطيني. واتفق المرزوقي مع الرئيس الفلسطيني على ذلك، أثناء لقائهما في قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا قبل أيام.

كما جاهرت السلطة بالغضب عندما زار رئيس وزراء ماليزيا محمد نجيب أحمد، قطاع غزة، وقالت الرئاسة إن «رئيس الوزراء الماليزي قد اتصل بالرئيس عباس وأبلغه أنه سيقوم بإرسال مواد إنسانية لغزة والضفة، على أن يلتقيه (أي أبو مازن) في القاهرة.. الأمر الذي يثير علامات استفهام واستغراب لمثل هذا التصرف الذي يسهم في مؤامرة تقسيم الوطن الفلسطيني». وأهابت الرئاسة في بيان نشرته الوكالة الرسمية بالأشقاء والأصدقاء كافة المساهمة بتجسيد قرارات الأمم المتحدة بإقامة دولة فلسطينية موحدة وعاصمتها القدس الشريف.

وثمة شعور في رام الله بأن وحدة التمثيل الفلسطيني تتعرض لضربات متتالية من العرب، وعزز ذلك التغييرات الإقليمية في المنطقة، وتراجع العلاقات الفلسطينية الأميركية في ظل جمود عملية السلام. ويقول الرئيس الفلسطيني إنه لن يسمح مطلقا بالمس بوحدانية التمثيل ومنظمة التحرير، وستكون هذه على الأغلب، مثار الصراع الجديد بين فتح وحماس.