الخارجية الأميركية: لا تفاوض حول عمر عبد الرحمن

ابنه قال إن الولايات المتحدة هي التي حولته إلى رمز للمقاومة العنيفة

TT

قال مصدر في الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة لا تتفاوض حول الذين تحكم عليهم محاكم أميركية، وذلك إشارة إلى مطالب مقاتلين إسلاميين في شمال أفريقيا بإطلاق سراح الشيخ المصري عمر عبد الرحمن، الذي يقبع في سجون أميركية بعد الحكم عليه بالسجن مدى الحياة لدوره في محاولة تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993.

وأشار المصدر إلى تصريحات كانت أدلت بها فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، في السنة الماضية، وقالت فيها: «لأكن واضحة جدا.. لا توجد خطة في الحكومة الأميركية لإطلاق سراح الشيخ الأعمى (عمر عبد الرحمن)». نافية (آنذاك) أن الحكومة المصرية تقدمت بطلب لإطلاق سراحه، وذلك بعد تصريحات كان أدلى بها الرئيس محمد مرسي، بعد فوزه مباشرة، بأنه سيعمل على الضغط على الحكومة الأميركية لإطلاق سراح عبد الرحمن.

وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قالت - في ذلك الوقت - بعد زيارة الرئيس مرسي إلى نيويورك، ونشر أخبار بأنه سيثير الموضوع: «إنه (عبد الرحمن) قدم إلى محكمة، وأدين، وحكم عليه بالسجن المؤبد.. وهو الآن يقضي الفترة التي حوكم بها. سار القضاء مساره، ونحن لا نتوقع، ولا نريد، غير ذلك»، وأضافت: «ليس هناك أي جديد في هذا الموضوع».

كما أصدرت وزارة العدل الأميركية بيانا في السنة الماضية، أكدت فيه عدم المساومة الحكومية مع أي حكم يصدره القضاء.

وكان أندرو ماكارثي، المدعي الأميركي خلال محاكمة عبد الرحمن، قال في السنة الماضية إن هناك «اتصالات وراء الكواليس» بين الحكومة المصرية والخارجية الأميركية، ليس لإطلاق سراح عبد الرحمن، ولكن لنقله إلى مصر لقضاء بقية عمره، مع التزام الحكومة المصرية بأنها لن تطلق سراحه.

وتعليقا على بيان وزارة العدل، قال ماكارثي: «نفى بيان وزارة العدل (إطلاق سراح) الشيخ، ولم ينف البيان (تحويله)». وفي حديث أمس إلى صحيفة «واشنطن بوست»، قال ماكارثي إن «إطلاق الشيخ الأعمى موضوع ظل يتردد منذ عشرين سنة».. ولم ينف ماكارثي إمكانية «التحويل».

وكان عبد الرحمن جاء إلى الولايات المتحدة في عام 1990، حيث عمل في إلقاء خطب وتقديم فتاوى في مساجد بنيويورك. وأدين في عام 1995 بتهمة «الاشتراك في حرب إرهاب ضد الولايات المتحدة»، بما في ذلك تفجير مركز التجارة العالمي الذي قتل خلاله ستة أشخاص. وأيضا وضع خطة لتفجير مقر الأمم المتحدة، ومعالم أخرى في نيويورك عام 1993.

وقبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في عام 2001، أصدر زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن خطابا مسجلا على شريط فيديو للإفراج عن عبد الرحمن، كما كتب الصحافي الأميركي بيتر بيرغن كتابا عن الموضوع، وصف فيه عبد الرحمن بأنه «المرشد الروحي لهجمات 9-11». واستشهد بفتوى دينية كتبها عبد الرحمن من زنزانته في السجن، داعيا المسلمين لضرب أعدائهم، و«قتلهم في البحر، وعلى الأرض، وفي الهواء».

وأمس الثلاثاء، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تصريحات على لسان عبد الله (ابن عبد الرحمن)، قال فيها إن عائلته لا تؤيد العنف.. لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن تحول والده «إلى رمز للمقاومة العنيفة». وأضاف عبد الله أن «جميع هذه التطورات (تكرار اسم عبد الرحمن من قبل مقاتلين إسلاميين) لم تأت من لا شيء، لأن أميركا هي التي دفعت الشباب المسلم إلى التمرد»، وأن «أميركا هي التي لجأت إلى استخدام القوة.. وما أخذ بالقوة يجب أن يعاد بالقوة».

وقال عبد الله إن والده «بريء»، ويجب إطلاق سراحه؛ على أقل تقدير من باب «الرحمة»، وبسبب عمره وصحته، مشيرا إلى أن والده يعاني مرض السكري الحاد، و«مربوط» إلى كرسي متحرك. ويمكن لعائلته فقط الاتصال به لمدة 15 دقيقة تلفونيا كل أسبوع، وغير مسموح له الاتصال مع العالم الخارجي، خشية حث أتباعه على ارتكاب العنف.

من جانبه، قال حسين أبش، الخبير الأميركي في فرقة العمل الأميركية - الفلسطينية بواشنطن، إن عبد الرحمن «سقط من على الصورة، لأنه ظل في السجن لفترة طويلة، وليست لديه أي وسيلة للتواصل مع أتباعه».

وأضاف أبش أنه، رغم أن عبد الرحمن «ليس شعبيا على نطاق واسع في مصر.. لكن، يعتبره السلفيون رائدا لهم، ويقولون إنه حوكم بأدلة ضعيفة»، وأن الإخوان المسلمين لا يعتبرون عبد الرحمن واحدا منهم، لكنهم «يتبنون قضيته لإرضاء الجناح اليميني لهم».

وأشار أبش إلى أن «جيلا جديدا من الجهاديين جعلوا عبد الرحمن رائدا لهم»، بما في ذلك المسلحون الذين عرضوا استبدال عبد الرحمن بالرهائن الأميركيين الذين اعتقلوهم في منطقة الغاز في عين أميناس (جنوب شرقي الجزائر)، وذلك قبل هزيمة القوات الجزائرية للمسلحين.