النيابة العسكرية الإسرائيلية تحقق مع رئيس الأركان السابق بشبهة التآمر

أشكنازي: المفروض أن يحققوا مع وزير الدفاع الذي أدت مؤامراته إلى المساس بالجيش

بيريس يبدأ لقاءاته قبل قراره تكليف نتنياهو تشكيل الحكومة الإسرائيلية أمس (إ.ب.أ)
TT

أمر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، بتحقيق تجريه الشرطة العسكرية، بحضور الشرطة المدنية، مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غابي أشكنازي، ومساعده العقيد إيرز فاينر، حول شبهات قيامهما بجمع معلومات بشكل غير قانوني عن الحياة الشخصية لوزير الدفاع، إيهود باراك، بغية المساس به وتشويه سمعته.

وهز القرار المؤسسة العسكرية والأمنية والسياسية في إسرائيل، لأنه قد يفضي إلى توريط أشكنازي في قضية جنائية والقضاء بذلك على فرصة دخوله عالم السياسة كمنافس لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، علما بأن أشكنازي يعتبر من أقوى المرشحين لمنافسته، إذ يحظى بجماهيرية واسعة في صفوف الإسرائيليين.

ورد أشكنازي على هذا القرار بالاستغراب والاستهجان. وقال إنه لا يخشى من هذا التحقيق لأنه يعرف تماما أنه بريء، مضيفا: «من يجب التحقيق معه هو الوزير باراك، الذي ارتكب مخالفات خطيرة ضد رئيس أركان الجيش مستخدما وثائق عسكرية سرية، لخدمة أغراضه ومصالحه الذاتية، وتسبب بذلك في ضرر كبير للجيش». وقال إن مساعدي باراك أبادوا عددا من الأشرطة والوثائق التي تكشف الكثير من الأمور وتظهر الجناة الحقيقيين في القضية.

وجاء هذا الأمر بالتحقيق في أعقاب صدور تقرير مراقب الدولة، حول الفضيحة الضاربة أطنابها في الحكومة والجيش والمتعلقة بتصفية حسابات تصل إلى درجة قتل الشخصية. وتعود هذه القضية إلى ما قبل أربع سنوات، عندما بدا أن أشكنازي يتمتع بشعبية هائلة من 74% من الجمهور، بنحو 35 نقطة أكثر من نتنياهو، و40 نقطة أكثر من باراك. فنظم رجال نتنياهو وباراك حملة لتصفية شخصية أشكنازي، كانت بدايتها في إعلان باراك أنه يرفض تمديد فترة رئاسته للأركان في الجيش، ثم أقدم نتنياهو على سن قانون يمنع أشكنازي من الدخول إلى عالم السياسة طيلة ثلاث سنوات من تاريخ إنهائه الخدمة العسكرية.

ورد رجال أشكنازي، بحملة مضادة. وأقدم صديق أشكنازي وزوجته، بوعز هرباز، على إعداد تقرير مزور يبدو من صياغته أن معده هو الجنرال يوآف غالانت، الذي كانت الحكومة الإسرائيلية قد عينته رئيسا لأركان الجيش مكان أشكنازي وبعكس رغبة أشكنازي. وتسبب هذا التقرير في فتح ملفات مختلفة ضد غالانت، أدت في نهاية المطاف إلى تراجع الحكومة عن تعيينه وتركه الجيش. وعندما اكتشف أمر تزوير التقرير وبراءة غالانت منه، كان قد عين رئيس أركان جديد هو بيني غانتس. فراحت المؤسسات القضائية تحقق في الموضوع، فاكتشفت أمورا مذهلة عن حرب الجنرالات داخل الجيش الإسرائيلي والمستوى المتدني الذي هبطت إليه.

وخلص مراقب الدولة، في تقريره الذي نشر قبل شهرين، إلى أن أشكنازي أخفى تقرير هرباز عن عيون المؤسسات، ولكنه أرسله إلى بعض أصدقائه وأساء إلى العلاقات بين الجيش ووزير الدفاع ولم يتدخل لتحسين هذه العلاقات. وأن مساعده، فاينر، قام بجمع معلومات شخصية عن تصرفات باراك ونشرها في الجيش لتشويه سمعته.

ولكن التقرير نفسه يوجه اتهامات غير قليلة إلى باراك، بينها أنه عرقل عمليات تعيين 157 ضابطا كبيرا في الجيش بسبب الحسابات الشخصية والمصالح الذاتية وتأجيج الخلافات مع رئيس الأركان. ومن بينها الامتناع عن تعيين منسق لشؤون المناطق الفلسطينية طيلة سنة كاملة، لأنه رفض الأسماء التي طرحا أشكنازي، واستخدم وسائل مرفوضة لمنع تعيين جنرال، وتأخر في التوقيع على أوامر أصدرها رئيس الأركان وتحتاج إلى تصديقه، وأعلن عن إنهاء عمل أشكنازي قبل عشرة أشهر من موعده، من دون إبلاغ أشكنازي نفسه، الذي عرف بالأمر من خلال وسائل الإعلام. وهاجم رئيس الأركان في قضايا قبل أن يفحص المعلومات.

ويتوقع المراقبون أن تقود التحقيقات الجديدة في الشرطة العسكرية إلى توسيع حلقة الخلاف وبث التوتر في صفوف الجيش.

وتجدر الإشارة إلى أن التقرير الدولي للمنظمة التي تعنى بشؤون الشفافية والنزاهة الذي نشر أول من أمس، أشار إلى أن درجة الفساد مرتفعة جدا في أوساط المؤسسة الأمنية في إسرائيل، وذلك بسبب السرية التي تحيط بها بنود الميزانية العامة، والتهرب من التعاون مع المشرع الإسرائيلي. وذكرت صحيفة «هآرتس» أن «إسرائيل تقع ضمن المجموعة (دي+) إلى جانب كل من الكويت والهند ولبنان والمكسيك وسنغافورة. وأدرجت إسرائيل، حسب التقرير، بين الدول التي لا تسعى لمنع الفساد في المؤسسة الأمنية، وأنها تعمل في إطار سري مبالغ فيه، وهذا ما ظهر من التقرير المذكور الذي نشرته المنظمة التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، ويصنف الدول وفقا لمستوى خطر الفساد في المؤسسة الأمنية. ودعا التقرير إلى مضاعفة الجهود لإبداء المزيد من الشفافية في المؤسسة الأمنية لأن غياب هذه الشفافية من شأنه أن يضاعف ظاهرة الفساد».

وحسب التقرير، فقد تلقت إسرائيل درجة منخفضة جدا في مستوى الشفافية، وانتقادا شديدا حول ميزانية الأمن والأعمال الأمنية، ورغم وجود أجهزة ومؤسسات لمراقبة تصرفات وزارة الجيش في إسرائيل كلجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، إلا أن وزارة الجيش لا تبدي أي استعداد للتعاون معها، وعليه فإن تأثير الكنيست على تصرفات المؤسسة الأمنية منخفض جدا. وجاء في التقرير أيضا، أن السنوات الأخيرة بينت أن حكومة إسرائيل أظهرت «قلة صبرها» تجاه المنظمات الاجتماعية التي عبرت عن انتقادها لتصرفات المؤسسة الأمنية، كما أن ميزانية وزارة الجيش تفتقد للشفافية في مراقبتها، وفي معرفة طرق الإنفاق السرية في إطار هذه الموازنة أو خارجها.

وأكد التقرير ضرورة متابعة المهام العاجلة التي تنتظر الحكومة المقبلة في إسرائيل، خاصة في ما يتعلق بتقليص موازنة الأمن بشكل تدريجي، ولتطبيق القرارات حول الجدوى من زيادة درجة الشفافية، ولوقف تمرير المبالغ لصالح موازنة الأمن بشكل سنوي من دون رقابة ومحاسبة من الجمهور الذي يضطر إلى دفع ثمن تضخيم موازنة الأمن على حساب موازنات الوزارات الأخرى في إسرائيل.