5 بوارج روسية تشارك في مناورات قبالة الساحل السوري

وسط تساؤلات عن الغاية منها.. وصلات إيران بها

TT

تفيد تقارير بأن قطعا تابعة لسلاح البحرية الروسية تبحر الآن باتجاه سواحل شرق البحر الأبيض المتوسط للمشاركة في ما يعد مزيجا من المناورات الاستراتيجية والسياسية على صلة بالأزمة السورية. وسيكون بمقدور هذه القطع، وهي 5 بوارج، إجلاء الرعايا الروس من سوريا في حال سقوط العاصمة دمشق.

ووفق مصادر وزارة الدفاع الروسية في موسكو، فإن القطع البحرية التابعة لثلاث قيادات بحرية يمكن استخدامها في عدة مهام، مع العلم بأن إحداها «نوفوشيركاسك» مصممة لتؤدي دور خفر السواحل بجانب العمليات البرية، بما فيها إجلاء المواطنين الروس الذين ما زالوا في الأراضي السورية. أما السفينة «كالينينغراد» فمؤهلة لكسر أي حصار قد يتقرر فرضه على سوريا، في حين أن السفن الثلاث الأخرى وهي «نيكولاي فيلتشنكو» و«آزوف» و«ألكسندر شابالين» فبمقدورها توفير الإسناد البحري لعمليات في العمق السوري.

ومن ناحية ثانية، تشمل مهمة القطع الروسية، حسب بيان روسي، إجراء مناورات في مجالات الدفاع الجوي وحروب السفن والغواصات. وتبعا لمصادر مطلعة في موسكو، فإن السيطرة الفعلية على ميناء طرطوس باتت في يد روسيا، وحسب وكالة «نوفوستي»، فإن أعمال توسيع مرافق الرسو في طرطوس مخطط لها أن تبدأ خلال الربيع المقبل، ولكن ما ليس واضحا بعد هو متى ستصل القطع البحرية الروسية إلى طرطوس وكم ستمكث هناك.

هذه هي المرة الأولى منذ سقوط الاتحاد السوفياتي التي تنظم فيها روسيا «استعراضا» بحريا بهذا المستوى في منطقة شرق المتوسط. وكانت روسيا قد خسرت منذ أكثر من 20 سنة جميع قواعدها البحرية ومرافق رسو سفنها في دول حوض المتوسط نتيجة التغيير السياسي الذي عصف بيوغوسلافيا السابقة، ولاحقا في ليبيا. وبالتالي، فسوريا الآن آخر «دولة صديقة» في حوض المتوسط ما زالت تستقبل السفن الحربية الروسية بالترحاب.

يذكر في هذا الصدد أن القاعدة البحرية الروسية الرئيسة موجودة في ميناء سيباستوبول بشبه جزيرة القرم التي هي اليوم جزء من أوكرانيا. وسينتهي عقد إيجار قاعدة سيباستوبول عام 2017، مع أن الحكومتين الروسية والأوكرانية وقعتا بالأحرف الأولى على اتفاق لتجديد العقد 25 سنة أخرى. ولكن في حال قررت السلطات الأوكرانية الطلب من الروس إخلاء القاعدة، فلن يعود لروسيا سلاح بحرية قادر على التحرك في المياه الدافئة، وهنا بالذات مكمن أهمية قاعدة طرطوس بالنسبة لموسكو.

مصدر عسكري أبلغ وكالة «إنترفاكس» أمس أن السفن الحربية ستنشر في المنطقة تحسبا من احتمال الاضطرار إلى إجلاء المواطنين الروس من سوريا، وفي هذا السبيل ستتولى نقل رعاياها إلى موانئ البحر الأسود الروسية. وكان ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قد أكد وجود خطط لإجلاء الرعايا ستوضع موضع التنفيذ إذا ما استدعى تدهور الأوضاع ذلك، غير أنه أردف أن هذه الخطط لا تشمل جهاز السفارة الروسية في دمشق فحسب، بل عدة آلاف من المواطنين المدنيين العاملين والمقيمين في سوريا.

على صعيد آخر، لم تتأكد بعد التقارير عن مشاركة سلاح البحرية الإيراني في المناورات الروسية مع أن لإيران وجودا عسكريا رمزيا في طرطوس، يتمثل في نحو 400 من عناصر قوات القتال البحري في الحرس الثوري مزودين بزوارق هجومية صغيرة. غير أن ثمة من يرى أن الغاية من المناورات توجيه تحذير إلى قوات حلف شمال الأطلسي «ناتو» لمنعها من شن عمليات عسكرية ضد النظام السوري، مع أنه يمكن النظر إليها على أنها وسيلة محتملة لحماية عمليات إمداد نظام الرئيس بشار الأسد بالسلاح والذخائر.

يقدر عدد الرعايا الروس المقيمين في سوريا حاليا بنحو 35 ألف شخص، ثلثهم فقط مسجل لدى السفارة في دمشق، مما يوحي بأن معظم الروس الموجودين هناك من العسكريين والعاملين في المؤسسات الأمنية ويؤدون مهام التدريب أو يتولون صيانة الأسلحة والمعدات التي باعتها موسكو لسوريا.

وفي هذا السياق، يذكر أنه سبق لموسكو أن سحبت من سوريا مئات من المواطنين الروس؛ معظمهم من النساء والأطفال، لكنها نفت وجود أي خطط لعملية إجلاء كاملة. وفي حين يصف عدد من الخبراء العسكريين استعراض موسكو البحري بأنه استعراض سنوي للوجود العسكري الروسي في المياه الإقليمية السورية، فإن المحلل البحري الإيراني حميد زمردي يرى أن القطع المشاركة هذه المرة لها طابع عسكري أكثر جدية بكثير من ذي قبل.