مصدر إسرائيلي: قصف قافلة الأسلحة إنذار أولي لسوريا ولبنان

بيروت تنفي حدوث هجوم.. ومصادر تؤكد تحليق الطيران الإسرائيلي لعدة ساعات

توزيع أقنعة غاز في مستعمرة إسرائيلية قرب القدس أمس (رويترز)
TT

على الرغم من أن إسرائيل الرسمية رفضت تأكيد أو نفي الأخبار القائلة بأن سلاح الجو الإسرائيلي قصف، فجر أمس، قافلة تحمل الأسلحة من سوريا إلى لبنان، فإن عدة مصادر إسرائيلية أكدت بشكل غير رسمي هذه الأنباء، واعتبره أحدها، في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية الرسمية، بمثابة «إنذار أولي لسوريا ولبنان، وسيكون الرد أقسى وأشد في المرة المقبلة». وقد نفت الوكالة اللبنانية الوطنية للإعلام «صحة المعلومات التي ترددت عن غارة إسرائيلية على الحدود اللبنانية - السورية» وقال المصدر الإسرائيلي إن إسرائيل حذرت بكل الوسائل الممكنة، العلنية والسرية، من أنها لن تسكت عن تهريب أسلحة من سوريا إلى لبنان في أي حال من الأحوال، «لكن العناصر المغامرة في الجهتين أصرت على تنفيذ العملية.. فإذا كانت تمتحن مدى اليقظة الإسرائيلية، فقد أخذت الجواب. وإذا كان تصرفها مغامرا تتحدى به إسرائيل، فإن الحساب سيأتي لاحقا».

وكانت مصادر غربية قد أبلغت وكالات الأنباء بأن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي حلقت فوق سماء الحدود ما بين لبنان وسوريا طيلة خمس ساعات متواصلة (من التاسعة مساء الثلاثاء وحتى الثانية من فجر الأربعاء). وقصفت هدفا على الحدود السورية - اللبنانية. وقد أكد مصدر إسرائيلي النبأ لكنه رفض ذكر اسمه «بسبب حساسية المسألة»، كما جاء في النبأ. ولم تتوفر لدى المصدرين معلومات بخصوص الهدف الذي أصيب أو أين وقع القصف وماذا كانت نتيجته. وقال ناطق باسم الجيش اللبناني، في وقت سابق، إن طائرات إسرائيلية حلقت بشكل مكثف فوق أراضي لبنان طوال الليل. وقال المصدر الأمني الإسرائيلي: «بالقطع حدثت ضربة في منطقة الحدود».

وفي السياق ذاته، نقل موقع «المونيتور» الأميركي، عن الجيش اللبناني تأكيده مهاجمة طائرات إسرائيلية لقافلة أسلحة متجهة من سوريا إلى حزب الله اللبناني، بالقرب من الحدود اللبنانية السورية. ولدى سؤال الناطق العسكري الإسرائيلي، كان جوابه: «لا نعلق على تقارير من هذا النوع».

واعتبرت مصادر إسرائيلية هذا القصف استكمالا للموقف الإسرائيلي الصارم الذي عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الأسبوع الماضي، حول ما سماه «خطر تسرب أسلحة كيماوية من سوريا إلى حزب الله اللبناني وعناصر أخرى متطرفة». وأجرى نتنياهو اجتماعات يومية، منذ يوم الأربعاء في الأسبوع الذي سبقه، مع قادة الجيش والمخابرات والوزراء واستدعى وزير الدفاع إيهود باراك، يوم الجمعة الماضي خصيصا للبحث في الموضوع. وأرسل رئيس مجلس الأمن القومي يعقوب عاميدرور إلى موسكو للبحث في هذا الخطر وطلب تدخلها لوقفه. كما أرسل إلى واشنطن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، الجنرال أفيف كوخافي، والتقى أمس مع مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية، بينهم رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارتن ديمبسي.

المعروف أن القيادة الإسرائيلية كانت قد أعربت عن «القلق الإسرائيلي المتزايد من نقل السلاح السوري إلى حزب الله»، وأكدت أن هذا القلق «لا يقتصر فقط في السلاح الكيماوي؛ بل على أنواع أخرى من الأسلحة المتطورة». وذكرت تقارير من الاستخبارات العسكرية في يوم الاثنين الماضي أن «سلاح الجو الإسرائيلي سيدخل إلى دائرة الخطر في حال حصول حزب الله على ما تمتلكه سوريا من مخزون الصواريخ».

وعددت هذه التقارير أنواع الأسلحة التي لا تسمح لحزب الله بأن يحصل عليها، «كونها أسلحة متطورة ثمنها يزيد على 3 مليارات دولار، وامتلاك حزب الله لها يعتبر خللا في التوازن». ومن هذه الأسلحة: صواريخ من نوع «SA»، المضادة للطائرات والمعروفة باسم «بوك» ولها قدرة على ضرب طائرات منخفضة التحليق، وصواريخ «سكاد-D»، وصواريخ أرض - أرض أخرى، يصل مداها إلى 750 كيلومترا، قادرة على الوصول إلى كل مكان في إسرائيل وعلى حمل رؤوس تحتوي على نحو ألف كيلوغرام من المتفجرات، وصواريخ «ياحونت» التي يصل مداها إلى 300 كيلومتر ويتم نصبها على سفن أو على الأرض التي سيمكن نصبها على شواطئ صور أو بيروت لتتمكن من شلّ المداخل البحرية الأساسية في إسرائيل حيفا وأسدود وإصابة السفن الراسية فيهما، وكذلك ضرب آبار الغاز في البحر الأبيض المتوسط.

وحسب العميد المتقاعد أمنون سوفرين، الذي شغل مناصب عديدة في أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وعمل رئيس مديرية «الموساد»، فإن «إسرائيل تراقب تحركات منظمة حزب الله في هذا السياق عن كثب، والقوافل التي تعبر بين سوريا ولبنان، وإن علمنا عن قافلة تنقل أسلحة كيماوية، فلن نتردد في أن نوقفها»، وتابع أن سوريا «تملك المئات من الرؤوس الحربية الكيماوية»، وأن المرحلة الراهنة دقيقة للغاية، لا سيما أن «منظمة حزب الله تحاول أن تنقل أسلحتها الموجودة في سوريا إلى لبنان، ومن ذلك نقل رؤوس حربية كيماوية، قبل سقوط نظام بشار الأسد».

وأضاف العميد المتقاعد أن إسرائيل تعد منظمة حزب الله الأخطر في ما يتعلق بالأسلحة السورية الكيماوية، لأن المنظمة الشيعية، المدعومة من قبل إيران، تملك راجمات لإطلاق الصواريخ، وتستطيع أن تركب رؤوسا حربية كيماوية على صواريخ «سكاد» التي بحوزتها. وتابع: «إننا نعلم أن نقل الأسلحة يستغرق بضع ساعات، لذلك نراقب تحركات المنظمة من دون انقطاع».

وتطرق الخبير الإسرائيلي إلى نبأ قصف سلاح الجو الإسرائيلي للقافلة أمس، فقال إن إسرائيل لا تقصف مواقع أو قوافل تحمل الأسلحة الكيماوية في سوريا، لأن «تسرب السلاح الكيماوي، جراء قصف جوي، سيهدد حياة المدنيين في محيط هذه المواقع»، واقترح الخبير أن تلجأ إسرائيل إلى عملية أرضية تنفذها وحدات خاصة من قوات المشاة. وقال إن الخطر لا يقتصر على حزب الله، فهناك مجموعات جهادية أخرى تشارك في حرب الثوار السوريين ضد نظام الأسد، بينها «جبهة النصرة»، التي تنشط في جنوب سوريا وتنتمي إلى «القاعدة»، وكذلك «أبو سياف» وهي مجموعة سلفية تحذو حذو «القاعدة». وقال إن عناصر جهادية شوهدت على مقربة من الحدود السورية مع إسرائيل. ووصف العميد المتقاعد هذه المجموعات بأنها «مستعدة للمخاطرة أكثر من الدول التي تحتكم إلى العقلانية في تصرفاتها، خاصة أن سوريا ليست بلدهم». وأوضح: «ردع المنظمات الإرهابية صعب للغاية، وأفضل طريقة لردعهم هي منعهم من التوصل إلى أسلحة الدمار الشامل»، وحذر قائلا: «لسنا (إسرائيل) الهدف الوحيد في الشرق الأوسط، هذه المنظمات ستعتدي على كل من يخالفها في المنطقة، من أجانب ومحليين».