الناطق باسم «الحركة التقويمية» في جبهة التحرير الجزائرية: على بلخادم أن يرحل لعدم تأقلمه مع مبادئ حزبنا

محمد الصغير قارة قال لـ «الشرق الأوسط» ان الأمين العام للحزب قسم اعضاءه

TT

قال محمد الصغير قارة، الناطق الرسمي باسم «الحركة التقويمية» في حزب جبهة التحرير الوطني الجزائرية (غالبية حكومية)، إن تصريحات عبد العزيز بلخادم، الأمين العام للحزب في ذكرى وفاة الأمين العام الأسبق عبد الحميد مهري، تدل على أنه ليس في مستوى رئاسة أكبر حزب سياسي في البلاد.

وأوضح قارة، في حديث أدلى به لـ«الشرق الأوسط» في الجزائر العاصمة، إن حركة المطالبين برحيل بلخادم ملتزمة أكثر من أي وقت مضى بمطلبها، وإن اجتماع اللجنة المركزية للجبهة اليوم سيكون بمثابة إعلان نهاية بلخادم عبر سحب الثقة منه. وانتقد قارة خلفية بلخادم الإسلامية، وقال إنه لا يمكن له أن ينسجم مع أبجديات ومبادئ حزب جبهة التحرير الوطني.. وفي ما يلي نص الحوار:

* لقد جدد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في ذكرى وفاة الأمين العام الأسبق للحزب عبد الحميد مهري تمسكه بقيادة الحزب، وقال إنه لا يمكن أن يغادر الحزب في أزمة على بياض. ما تعليقك على تصريحاته؟

- مثل هذا التصريح لم يفاجئنا. بلخادم تعود على مثل هذه الخرجات، وتصريحاته متشابهة في مضمونها ومحتواها، وهي تدل على أنه يفتقد لبعد نظر المسؤولية، ومثل هذا التصريح يعطي برهانا قاطعا على أنه ليس في مستوى رئاسة أكبر حزب سياسي في البلاد، فهو يستميت من أجل البقاء في منصبه أمينا عاما للحزب، وهذا دليل قصور وعدم نضج لتولي مسؤولية بهذا الحجم، وهو ما يجعلنا نتجه أكثر فأكثر نحو الإطاحة به، وفي أقرب فرصة ممكنة.

وحينما يقارن بلخادم نفسه مع الأمين العام الأسبق المرحوم مهري، أقول له شتان بين الثرى والثريا، كيف يقارن نفسه بمثل شخص في قامة مهري، لكن لا غرابة في ذلك، فهو متعود على استغلال الشخصيات الكبيرة، وهو دائما يتحدث عن كونه مدعوما من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ويهدد أي معارض بذلك، وها هو الآن يستغل اسم مهري بطريقة غير لائقة، خاصة في ذكرى وفاته.. كان عليه أن يتحدث عن مهري من باب تاريخه المجيد، ومآثره العظيمة، حتى تستفيد من ذلك الأجيال المقبلة، أما أن يستغل هذه الفرصة ويقحم اسم مهري في خلافات سياسية، فذلك أمر غير مقبول أخلاقيا ولا سياسيا.

وأنا أقول له إذا كان فعلا يحترم مهري، لماذا لم يذكر بأن الراحل بعث برسالة عبر مندوبين إلى المؤتمر الأخير، بيد أن بلخادم رفض أن تتلى الرسالة خلال المؤتمر، بل ورفض حتى الإشارة إلى أن مهري بعث برسالة إلى المشاركين فيه، وهو ما دفع مهري لأن يلجأ إلى الصحافة الوطنية ويكشف عن الموضوع، فكيف يتجرأ الآن ويتحدث عنه؟ ثم إن بلخادم لم يكلف نفسه عناء دعوة مهري لحضور المؤتمر، وحتى إذا كان بلخادم خائفا من عدم استجابة مهري للدعوة، فكان عليه أن يبادر ويسعى جاهدا لإقناعه بالحضور، لكنه لم يقم بذلك وتجاهله تماما.

* لقد نفى بلخادم خبر استقبال أعضاء من جماعة المعارضين، وقال بشأن الرسالة التي وصلت إليه إنها «مذكرة اتهام»؟

- هذا الأمر غير صحيح، نحن أعضاء اللجنة المركزية المطالبون برحيل بلخادم عن الأمانة العامة للحزب، قمنا بتشكيل لجنتين؛ الأولى تسمى لجنة «التبليغ»، والثانية تسمى لجنة «الإعلام»، ولجنة «التبليغ» حملت رسالة.. حملها خمسة أعضاء من اللجنة المركزية، وعقدوا لقاء مع بلخادم في مكتبه بحيدرة، وتتضمن الرسالة أربع نقاط رئيسية، تتعلق في مجملها بضرورة احترام القانون الأساسي للحزب في اجتماع اللجنة المركزية اليوم، لكن بلخادم حينما اطلع على هذه الرسالة قال إنها ليست رسالة وإنما لائحة إدانة، ونحن نرد عليه ونقول: هذه ليست إدانة، بل توصيات، وتذكير بضرورة احترام القانون الأساسي للحزب. وهذا الأمر كما قلت سابقا ليس بجديد على بلخادم، فهو دائما يقدم تفسيرات غير مناسبة حينما يطالبه كل منتسب للحزب بتطبيق القانون الأساسي.. بلخادم لديه مركب نقص.. يحس بالنقص أمام كوادر الحزب، ويسعى دائما إلى تهميش كل القيادات التي لديها تكوين حزبي عريق، ويأتي بأشخاص وأناس ليس لديهم أي علاقة بالنضال الحزبي؛ بل إن بعضهم لديهم سوابق عدلية.

* قال بلخادم إنه لن يرد على مضمون الرسالة، وإن رده سيكون خلال أشغال اللجنة المركزية اليوم، وهو موقف يفسر على أن بلخادم لديه ثقة في حصوله على أصوات أغلبية أعضاء اللجنة المركزية واستمراره على رأس الأمانة العامة؟

- مثل هذا الكلام «نكتة بايخة» مثلما يقول إخواننا المصريون.. بلخادم قسم أعضاء اللجنة المركزية إلى ثلاثة أقسام: جزء منهم وصفهم بالغاضبين، والجزء الآخر بالطماعين، والجزء الباقي بالحاقدين. نحن في الحركة التقويمية نطالب منذ ثلاث سنوات بضرورة رحيله، وأكثر من 211 عضوا من أعضاء اللجنة المركزية وقعوا وثيقة سحب الثقة، وكثير من أعضاء المجلس الوطني لديهم المطلب نفسه، وكذلك جزء كبير من أعضاء البرلمان، فعن أية لجنة مركزية يتحدث بلخادم.. الأغلبية تطالبه بالرحيل، لو كانت لديه نخوة مسؤول لكان غادر الحزب منذ زمان، ثم هو يتحدث عن مهري حينما سحبت اللجنة المركزية منه الثقة. أنا كنت حاضرا في ذلك الوقت، وحينما بدأ المقرر بتلاوة لائحة سحب الثقة ووصل عدد الأعضاء المطالبين برحيله إلى 26 شخصا، طلب مهري من المقرر أن يتوقف عن الحديث، وأعلن مباشرة انسحابه بشرف من رئاسة الأمانة العامة للحزب، وبلخادم رغم أن أغلبية أعضاء اللجنة المركزية يطالبون برحيله، والقواعد تطالب بذلك، ونسمع كل يوم عن اعتصام مناضلي الحزب في المحافظات مطالبين برحيله.. فإنه يرفض ذلك. كان عليه أن يقتدي بأحمد أويحيى، الذي فضل الحفاظ على سمعة الحزب (التجمع الوطني الديمقراطي)، بدل الدخول في صراعات مريرة مع المعارضين لبقائه في قيادة الحزب، رغم أن القانون كان بجانبه، إلا أنه كان يتمتع بنخوة سياسية، ورفض الاستمرار في رئاسة «التجمع».

* بلخادم يتهم أشخاصا في الحركة التقويمية بأن لديهم طموحات شخصية لرئاسة الحزب، وبأن مطالبته بالرحيل تأتي في هذا السياق، وأن هدفهم ليس تصحيح مسار الحزب كما يدعون..

- بلخادم انحرف بالحزب في عدة اتجاهات سياسيا، وآيديولوجيا، ونظاميا، وحتى ماليا، وحتى شعار المؤتمر الأخير لم يكلف نفسه عناء صياغته، بل قام باستعارة وسرقة شعار المؤتمر القومي السوداني «حزب قائد.. الوطن رائد»، وهو شعار «المؤتمر» الأخير نفسه، واستورد أيضا الهيكل التنظيمي للحزب الوطني المصري حرفيا، وقام بتطبيقه على حزب جبهة التحرير الوطني. بلخادم يقوم دائما بخرق القانون الأساسي للحزب، من خلال تعيينات فردية ليس لها أية علاقة بالنضال والانتماء الحزبي، ويكفي أنه لا توجد أية محاضر لاجتماعات المكتب السياسي، لأن كل القرارات تصدر فرديا من طرفه، وهذا انتهاك صارخ للقانون الأساسي، هناك كثير من التجاوزات ولدينا الأدلة القاطعة على ذلك، ونحن وصلنا إلى قناعة مفادها أن الرجل لا تهمه مصلحة الحزب بصفته تنظيما له رصيد تاريخي كبير.

* في حال حصول بلخادم على ثقة أعضاء اللجنة المركزية، كيف سيكون موقفكم حينذاك؟

- هذا مستبعد تماما، لكن موقفنا سيكون الاستمرار في المطالبة برحيله، فذلك مبدأ لن نحيد عنه، وبلخادم لديه خلفية إسلامية لا يستطيع من خلالها أن يتأقلم مع أبجديات وتربية ومبادئ حزب جبهة التحرير الوطني.. بلخادم إسلامي، لذلك لا يستطيع أن يتأقلم مع مبادئ الحزب، لذلك يجب أن يرحل.

* إذا سحبت الثقة من بلخادم، فمن هو الشخص الأوفر حظا لتولي منصب الأمين العام؟

- هذا الأمر يرجع إلى تقاليد الحزب.. فعلى المترشح أن يكون من حكماء الحزب، وإذا حاز ثقة أعضاء اللجنة المركزية، فسيكون أمينا عاما للحزب، وإذا لم يحصل على إجماع فالصندوق سيكون الحكم بين المترشحين للأمانة العامة.

* هل أنتم متخوفون من تكرار أحداث العنف التي صاحبت أشغال اللجنة المركزية السابقة؟

- كل المؤشرات تشير إلى أن مؤسسات الدولة ستتجند من أجل توفير ظروف ملائمة للسير العادي لأشغال اللجنة المركزية، ونحن سمعنا أن بلخادم سيعمل على تكرار تجربة 15 يونيو (حزيران) الماضي بإحضار «بلطجية»، مدعمين من طرف أصحاب «المال الحرام» لترهيب المشاركين في أشغال اللجنة، لكننا نملك مؤشرات على أن الدولة ستوفر كل شيء من أجل تجنب تكرار سيناريو 15 يونيو الماضي، وإذا تكرر هذا السيناريو، فسوف نقاطع الاجتماع، ولن ندخل القاعة أصلا.. فأحداث العنف والشغب التي تسبب فيها بلطجية جاء بهم بلخادم كانت بالنسبة لنا الدافع الأقوى للإصرار على تنحيته، فالرجل انتهى سياسيا.. لكن عموما، نحن سنحضر بقوة غدا (اليوم) بصفتنا أعضاء في اللجنة المركزية.

* هل هناك تنسيق بينكم وبين وزراء الحزب الثمانية الذين طالبوا أيضا بلخادم بالرحيل؟

- ليس لدينا وزراء.. لدينا أعضاء لجنة مركزية رافضون لاستمرار بلخادم، وهؤلاء الوزراء ينسقون بيننا على أساس أنهم أعضاء في اللجنة المركزية، لكن وجودهم له دعم معنوي كبير.

* البعض يقول إنكم تلقيتم أوامر فوقية من أجل الإطاحة ببلخادم، وذلك في إشارة إلى الرئيس بوتفليقة الرئيس الشرفي للجبهة؟

- هذا ما صرح به بلخادم نفسه، وأنا أقول إن بلخادم هو الذي يوحى إليه وليس نحن، وفعلا فهو لا يخطو خطوة إلا بعد أن يتلقى الأوامر. وأذكر أنه إبان الإطاحة ببن فليس عام 2004، طلبنا من بلخادم الانضمام إلى جناح المطالبين برحيل بن فليس، فقال بالحرف الواحد: «أنتظر أن يوحى إلي».

* قلتم إنكم جمعتم توقيعات ثلثي أعضاء اللجنة المركزية.. هل أنتم متأكدون من رحيل بلخادم؟

- بإذن الله متأكدون من خلال استمارات تثبيت نزع الثقة عن بلخادم.