متطرفون يهود يطالبون بمحاكمة مخرج سينمائي استنطق 6 رؤساء لـ«الشاباك»

المخرج عشية ترشح للأوسكار: الفيلم صرخة لإنهاء الاحتلال يطلقها كل إسرائيلي مخلص

TT

هاجم المتطرفون اليهود، خصوصا في المستوطنات، المخرج السينمائي الإسرائيلي المرشح للأوسكار، درور مورا، وطالبوا بمحاكمته بتهمة الخيانة وتشويه سمعة إسرائيل، لأنه استنطق ستة رؤساء لجهاز المخابرات العامة (الشاباك)، الذين أجمعوا على أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية يشكل خطرا على إسرائيل ويجب التخلص منه في أسرع وقت.

وقال النائب ميخائيل بن آري إن هذا الفيلم يسيء لإسرائيل أكثر من أي إساءة يسببها ألد الأعداء. وأضاف أن «الفنانين الإسرائيليين يمارسون سياسة انفلات تحت لافتة الديمقراطية. فهم يحظون بدعم الدولة لإنتاج أفلامهم، ولكنهم يصرفون الأموال على مشاريع معادية للدولة. ويجب وقف هذا العبث». وبثت إذاعة المستوطنين عدة تعليقات بالروح نفسها، مما جعل الأوساط الأمنية تستعد لوضع حراسة على المخرج عند عودته من حفل الأوسكار.

وكان مورا قد أخرج فيلما وثائقيا مطولا بعنوان «حماة الديار» (The Gate Keepers)، وهو عبارة عن مقابلات معمقة مع الرؤساء الستة الأحياء لجهاز المخابرات العامة السابقين في إسرائيل، وهم: يوفال ديسكين وعامي أيلون ويعقوب بيري وآفي ديختر وأبراهام شالوم وكرمي غيلون. وقد انتقدوا سياسة حكومات إسرائيل التي خلدت الاحتلال بالاستيطان. وهاجموا في الفيلم سياسة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو. وعبروا جميعا عن قلقهم على مستقبل إسرائيل وكيانها «الديمقراطي واليهودي».

ومنذ أن عرض الفيلم في إسرائيل، قبل أسبوعين، وهو يثير جدلا حادا في إسرائيل. ويشن اليمين الإسرائيلي هجوما عنيفا عليه، بدعوى أنه فيلم مسيء لإسرائيل، متجاهلين أن كل ما فعله الفيلم هو أنه فتح الباب أمام رؤساء أخطر الأجهزة الأمنية في إسرائيل للتحدث حول ما تفيض به ضمائرهم من آلام تجاه مستقبل إسرائيل بسبب السياسة الخاطئة للكثير من زعمائها. ولكن ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار للحصول على لقب أفضل فيلم وثائقي، زاد من غضب اليمين. وزادته أكثر التصريحات التي أدلى بها المخرج لشبكة الأخبار الأميركية «سي إن إن»، الليلة قبل الماضية، التي قال فيها إن «الاحتلال يفسد المجتمع الإسرائيلي بشكل خطير وبدأ يتحول إلى كارثة قومية بسبب خوف الدولة ومؤسساتها من مجموعة مستوطنين بلطجيين منتفعين من استيطانهم».

وأضاف مورا أنه قرر جمع الشخصيات الست في فيلمه، كونهم كانوا من صناع القرار والضامنين لتنفيذه، وقال إن هؤلاء الأشخاص «هم من يفهمون حقيقة الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني أكثر من غيرهم، لأنهم وصلوا إلى مراكزهم من الميدان وهم يعرفون كل خبايا الصراع بالتجربة الشخصية، وشاركوا في كل الأبحاث السرية والعلنية بخصوص القضية الفلسطينية، ويعرفون الفلسطينيين جيدا. فعندما يتوصل هؤلاء إلى نتيجة مفادها أن الاحتلال كارثة وينبغي وقفها، فعلينا أن نفكر في إعادة النظر في كل شيء».

ولفت المخرج بشكل خاص إلى تصريحات أكبر الرؤساء سنا، أبراهام شالوم، فقال: «إن شالوم هذا هو واحد من الناجين من براثن النازية. وأجرى شالوم في هذا الفيلم مقارنة بين الاحتلال الإسرائيلي والاحتلال النازي لأوروبا. مثل هذه المقارنة من مثل هذا الشخص يقول أشياء كثيرة ينبغي أن تزعزع المجتمع الإسرائيلي. فإسرائيل لا تدرك تبعات إهمالها الملف الفلسطيني والاستخفاف به. إسرائيل فقدت إحساسها بكيفية التعايش السلمي مع الفلسطينيين، خاصة بعد أحداث حرب 1967، وبعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، عندما ضاعفت (إسرائيل) جهودها للقضاء على الإرهاب».

ووجه شالوم في هذا الفيلم اتهاما مباشرا لرئيس الوزراء الحالي (نتنياهو)، قال فيه إنه يتحمل قسطا وافرا من المسؤولية عن اغتيال رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين، في إطار حربه ضد اتفاقيات أوسلو. وهذا لا يغفر له. وأضاف: «لقد باتت إسرائيل محكومة بالمتطرفين. وأحد أبرز العوائق أمام وضع استراتيجية للتعامل مع الفلسطينيين، تمثلت بوجود الإسرائيليين المتعصبين، مثل المواطن الإسرائيلي الذي قام بتنفيذ عملية اغتيال رابين عام 1995، والآخر الذي حاول تفجير مسجد قبة الصخرة في القدس».

ويذكر أن حبكة الفيلم تتمحور حول السياسات الإسرائيلية التي فضلت دائما التكتيكات المذهلة التي تفتقر إلى استراتيجية بعيدة المدى، وقد نفذ الفيلم رسالته عن طريق دمج صور ومشاهد حية عن المشكلات والأزمات التي تعيشها إسرائيل. وهو يشدد على أن الجهاز الاستخباراتي يمكنه النجاح في عمليات التصدي للإرهاب، ولكن إذا لم تدعم تلك العمليات بمشاريع للسير قدما في عملية السلام فلن تكون ذات جدوى. وقال المخرج إنه قلق للغاية من وجود نتنياهو في رئاسة الحكم في إسرائيل: «فلدينا رئيس وزراء يسمع بأذنيه أقوال رؤساء المخابرات حول خطورة الاحتلال على إسرائيل، ولكنه لا يصغي إليها ويواصل تخليد الاحتلال. هذا وحده يدل على شخصيته».