الجيش يعتقل أحد شيوخ شمر مع ولديه لقيادته اعتصاما في صلاح الدين

المعتصمون يعدلون تسمية مظاهراتهم من «ارحل» إلى «جمعة شهداء الفلوجة».. ولا أمل في توقفهم

عشرات الآلاف من المعتصمين في مدينة الرمادي الذين أطلقوا على اعتصام اليوم اسم «جمعة شهداء الفلوجة» (أ.ف.ب)
TT

أقدمت قوة عسكرية عراقية أمس على اعتقال أحد قادة منظمي المظاهرات الشعبية في شرق محافظة صلاح الدين (180 كم شمال بغداد). وطبقا لمصدر أمني فإن قوة من الفرقة الرابعة من الجيش ترافقها مروحيات اعتقلت فجر أمس الشيخ مشعل نواف الحسان، أحد كبار شيوخ عشائر شمر في العراق، واثنين من أبنائه، خلال عملية دهم تمت في قرية الناعمة بناحية العلم شرق تكريت.

ويعد الحسان أحد قادة الاعتصامات والاحتجاجات الشعبية في محافظة صلاح الدين، ويتخذ من مدينة تكريت محلا لاعتصامه. لكنه وطبقا لاتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» مع الشيخ علي ذياب الحسان، رئيس المجلس المحلي لقضاء الدور في تكريت وعم الشيخ مشعل الحسان، فإنه أكد أنه «لا علم لي بعملية الاعتقال أو دوافعها، لكون الشيخ مشعل يسكن منطقة أخرى غير التي أسكنها، وسمعت بعملية اعتقاله». وردا على سؤال بشان ما إذا كانت قد جرت اتصالات بشأن معرفة ملابسات الحادث، أكد الشيخ الحسان أنه «تم إطلاق سراحه» من دون أن يذكر المزيد من التفاصيل. ويأتي حادث اعتقال الشيخ الحسان بعد يوم واحد من قيام رئيس الوزراء نوري المالكي بسحب أفراد حماية الشيخ أحمد أبو ريشة، زعيم صحوات الأنبار، بسبب مشاركته في اعتصامات مدينة الرمادي.

وفي وقت عدّل فيه متظاهرو المحافظات الغربية والشمالية الخمس في العراق تسمية مظاهراتهم اليوم من «ارحل» إلى جمعة «شهداء الفلوجة»، فإن التناقض بين ما تعلنه الجهات الحكومية من خطوات على صعيد الاستجابة لبعض المطالب وبين استمرار المظاهرات التي توشك على إنهاء شهرها الثاني من دون بارقة أمل تلوح في الأفق باتجاه وضع نهاية لها أمر بات يثير قلقا متزايدا في الأوساط السياسية والجماهيرية، حتى داخل التحالف الوطني الحاكم. فعضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، صادق اللبان، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المسألة المهمة هنا هي أن المطالب التي تم تحقيقها حتى الآن وإن كانت مطالب مشروعة بلا شك فإن السؤال هو: إلى متى يمكن أن تستمر التظاهرات إذن؟». وأضاف أنه «إذا كانت الحجة أن الكثير من المطالب كان ينبغي أن تتحقق من دون مظاهرات أو أن عملية التنفيذ يجب أن تكون أسرع فهذا كلام سليم، لكن على الجميع أن يدرك أن الظلم لا يقع على هذا الصعيد على أبناء منطقة معينة أو مكون معين، بل هناك ظلم على صعيد التنفيذ والإجراءات يطال الجميع». وأشار اللبان إلى أن «الكثير مما تحقق بات يثير تساؤلات في الشارع الجنوبي (في إشارة إلى الشيعة) بشأن كيفية البدء في تنفيذ مطالب غير مشروعة في بعضها، بينما لدينا في الوسط والجنوب حاليا 80 ألف معاملة تتعلق بضحايا النظام السابق لم ينجز منها سوى 30 ألفا، وهو ما يعني بقاء 50 ألف معاملة لا يزال أصحابها يعانون جراء التأخير والروتين الحكومي».

وأشار اللبان إلى أن «استمرار رفع سقف المطالب وعدم الاستجابة لما تقوم به الحكومة لا يمكن أن يشير إلا لحالة واحدة، وهي أن الهدف المخفي ليس تنفيذ المطالب المشروعة بل مسائل أخرى لها علاقة بما يجري في المحيط الإقليمي، وهي مسائل تنذر بمخاطر كبيرة مستقبلا». وأكد اللبان أن «المظاهرات يجب ألا تتحول إلى هدف أو وسيلة لتحقيق أهداف على حساب وحدة الوطن ومستقبله».

من جانبها، فقد أعلنت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري أن زعيم التيار مقتدى الصدر أصدر توجيهات إلى وزراء الكتلة برفض تولي مناصب وزراء القائمة العراقية في حال عرضت عليهم. وقال رئيس كتلة الأحرار النيابية بهاء الأعرجي، في مؤتمر صحافي عقده أمس في مبنى البرلمان، إن «ما قام به رئيس مجلس الوزراء عبر إقالة وزراء (العراقية) غير قانوني، لأنه مخالف للنظام الداخلي للمجلس». وأضاف الأعرجي أن «تجميد عمل الوزير أو عدم حضوره جلسات مجلس الوزراء لا يعني فقدانه منصبه، خصوصا أن مسألة الوزارات موضوع مهني».

وأكد الأعرجي أن «زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أبلغ وزراء كتلة الأحرار بعدم تسلم هذه الوزارات في حال عرضت عليهم داخل اجتماع مجلس الوزراء، لأننا جزء من الحل». لكن الأعرجي في مقابل ذلك دعا وزراء العراقية إلى «العودة لممارسة أعمالهم من أجل تخطي الأزمة والتخفيف». وفي هذا السياق، اتهم عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار الصدرية محمد رضا الخفاجي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، رئيس الوزراء العراقي بـ«تقديم المزيد من التنازلات وهو في حالة خضوع للمتظاهرين بينما كنا قد نصحناه وكذلك المرجعية الدينية العليا بالاستجابة للمطالب المشروعة فورا عندما كان في موضع قوة». وأضاف الخفاجي أن «المالكي الآن بدأ يستجيب لمطالب غير مشروعة مثل إخراج الجيش من المدن وربما المحافظات، فضلا عن مسائل أخرى بدأ يستجيب لها المالكي من جهة لكنه من جهة أخرى يعمل شيئا ليس من شأنه تهدئة الأزمة، مثل منح وزراء (العراقية) إجازة إجبارية». وأوضح الخفاجي أن «السيد الصدر أراد منذ البداية تهدئة الأزمة لكن المشكلة أن الحكومة التي تستجيب من جهة تعمل من جهة أخرى على تأزيم الوضع، وهو ما يعني عدم وجود سياسة واضحة في هذا المجال»، معتبرا «قرار الصدر بمثابة محاولة لنزع فتيل الأزمة لأننا كتيار صدري جزء من الحل ولسنا جزءا من الأزمة».