متظاهرو الأنبار يرفضون دعوة تنظيم القاعدة لحمل السلاح ضد الحكومة

«دولة العراق الإسلامية» تحرض سنة العراق على محاربة الشيعة

TT

أعلن متظاهرو محافظة الأنبار، غرب العراق، والتي كانت قد انطلقت منها شرارة المظاهرات المستمرة منذ أكثر من شهر ونصف الشهر في نحو خمس محافظات غربية وذات أكثرية سنية، رفضهم للدعوة التي وجهها الفرع العراقي من تنظيم القاعدة لحمل السلاح ضد الحكومة.

وكان المتحدث باسم «دولة العراق الإسلامية» أبو محمد العدناني قال في تسجيل صوتي بثته مواقع تابعة لـ«القاعدة» مخاطبا المتظاهرين المعتصمين منذ أسابيع «أمامكم خياران لا ثالث لهما، إما أن تركعوا للروافض وتعطوا الدية وهذا محال، وإما أن تحملوا السلاح فتكونون أنتم الأعلون، ولئن لم تأخذوا حذركم وأسلحتكم لتذوقن الويلات على أيدي الروافض الذين ما زالوا يخادعونكم». وتابع أن «نيل الكرامة والتحرر ورفع الظلم ونفض غبار الذل لم يكن يوما ولن يكون إلا بزخ الرصاص ونضح الدم، واسألوا التاريخ عن ذلك. في كل الأمم هذه ضريبة لا بد من دفعها لمن أراد ذلك». وأشار إلى أن «ضريبة الخنوع والذل والخضوع أثقل بأضعاف من ضريبة الكرامة».

وفي سياق ردود الفعل على هذه الدعوة، أعلن الشيخ حميد الشوكة، رئيس مجلس شيوخ محافظة الأنبار وأحد قادة المظاهرات هناك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أهالي الأنبار ومثلما يعرف العالم أجمع هم أول من قاتل الإرهاب و(القاعدة) وأول وأكثر المتضررين منهما». وأضاف الشوكة أن «المتظاهرين وسنة العراق لا يمكن لهم الاستجابة لمثل هذه الدعوات التي تفرق أبناء المجتمع الواحد، فلسنا نحن من جاء بالشيعة إلى العراق، ولا الشيعة هم من جاءوا بالسنة إلى العراق، بل نحن قبل أن نكون شيعة أو سنة عراقيون إخوة متصاهرون ومتحابون عبر التاريخ». وأكد أن «الدعوات الخيرة التي تأتي من النجف وكذلك ما تعبر عنه المؤتمرات العشائرية إنما يصب في وحدة هذا البلد، وإن هذه الدعوات تريد أن يحدث اقتتال بين العراقيين، وهذا بالنسبة لنا أمر لن يحصل، وإن تقسيم العراق خط أحمر تحت أي حجة أو ذريعة».

من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن المجلس الأعلى الإسلامي فرات الشرع، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الدعوات تهدف إلى تمزيق العراق وتحقيق أغراض دنيئة في رأس العراقيين الذين يرفضون مثل هذه الدعوات المريبة سواء كانوا سنة أم شيعة». وأضاف الشرع أن «التأكيد على خيار السلاح يعني أن هؤلاء يسترخصون دماء العراقيين من أجل تحقيق أهداف وأجندات، وهم يعرفون قبل غيرهم أن السلاح لن يأتي بأي نتيجة». وأوضح أن «العراق الآن وعلى الرغم من كل مظاهر الخلل فإنه يعيش حالة ديمقراطية، وما استمرار هذه المظاهرات وما تحمله من مطالب منذ أكثر من شهر ونصف الشهر وطبيعة التعاطي معها إلا دليل على أن الجميع بات يدرك أن تحقيق الأهداف لن يتحقق إلا بالأساليب المدنية»، مشيرا إلى أن «دعاة الفتنة والتشرذم لن ينجحوا بعد اليوم في تفريق واحد العراقيين، وأن أهل السنة في العراق يعرفون قبل غيرهم أن هذه الدعوات لا تريد بهم خيرا». ويواصل الآلاف التظاهر والاعتصام في المناطق السنية في شمال وغرب العراق خصوصا في الرمادي احتجاجا على سياسة الحكومة التي يتهمونها بتهميشهم.

وقال بيان تنظيم القاعدة إن «خروجكم المبارك على الحكومة الصفوية هو بداية انتهاء أزماتكم وإنهاء لانتكاساتكم، بداية الطريق الصحيح لاستعادة كرامتكم وحقوقكم وسيادتكم، فإياكم والرجوع، استمروا بارك الله فيكم».

من جهة أخرى، انتقد العدناني السياسيين السنة المشاركين في الحكومة، واعتبرهم السبب في ترسيخ الشيعة في الحكم، قائلا «قد آن لكم أن تعرفوا حقيقة ساستكم الذين ظلوا لسنين طويلة يجرجرونكم إلى نفق الديمقراطية المظلم، ويقودونكم من أزمة إلى أزمة، ومن انتكاسة إلى أخرى، ولم يستطع أحدهم طيلة عقد أن يخرج امرأة واحدة من السجون الصفوية، فهم عند الرافضة أذل وأحقر من ذلك». وأضاف «الساسة يصمتون صمت القبور، كل يقول منصبي منصبي، كرسي كرسي ملأوا جيوبهم وبنوا القصور وكثروا حساباتهم وأرصدتهم، لا شيء سواه. لا شيء سوى تبرير جرائم الرافضة وخداع أهل السنة وتخديرهم بوعودهم الجوفاء».

وتابع أن «ساستكم لم يغضبوا لأسر امرأة، ولم يبالوا بمئات الآلاف من الأسرى والمعتقلين. لم يهتموا للملايين من المشردين والبؤساء والفقراء المدقعين. لم يكترثوا لسيادة الإيرانيين على العراق، وظلت عندهم الحكومة الصفوية الشريكة السياسية وقرارها هو القرار الشرعي مهما كان. حتى إذا ما دارت الدائرة على أحدهم ولفحت نار الصفويين كرسيه، ارتعد أنفه وحرض أتباعه وتغيرت خطاباته متاجرا بدماء وأعراض وأموال المسلمين، وتصبح الحكومة عندها طائفية، مستبدة ظالمة تعمل على التصفية والاجتثاث والإقصاء والتهميش، يجب الخروج عليها والثورة»، في إشارة واضحة للعيساوي الذي شغل مناصب عدة في الحكومات التي أعقبت الغزو الأميركي، واتهم الحكومة بالإقصاء والتهميش للسنة.

وحذر العدناني من تصديق الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي عبر عن تضامنه مع مطالب المتظاهرين قائلا «إياكم أن تلدغوا من الجحر نفسه، فإن الروافض الذين لم يكشفوا نواياهم أدهى وأمر، ولئن كان المعتوه مقتدى قد صلى معكم وألان لكم جانبا من الخطاب فإن ميليشياته تقتل الآن بأهل السنة في الشام، أم أنكم نسيتم فظائعهم بكم في بغداد وتلعفر وما قد حرقوا من مساجدكم وقتلوا من أبنائكم واغتصبوا من نسائكم؟!».