تقرير أممي: يجب سحب كل المستوطنين من الضفة.. والمستوطنات ترقى لـ«جرائم حرب»

منظمة التحرير تصفه بالشجاع.. وإسرائيل تعتبره انحيازا ومعوقا لجهود السلام

TT

دعا تقرير للأمم المتحدة، إسرائيل، إلى وقف التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وسحب كل المستوطنين اليهود من الضفة الغربية المحتلة، باعتبار بقائهم على أراض محتلة يرقى إلى «جرائم الحرب». وقال التقرير الذي صدر عن محققين في مجلس حقوق الإنسان، أمس، وقادته القاضية الفرنسية كريستين شانيت: «على إسرائيل وقف كل الأنشطة الاستيطانية دون شروط امتثالا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، كما يتعين عليها البدء فورا في سحب كل المستوطنين من الأراضي الفلسطينية المحتلة».

ولمح التقرير إلى إمكانية محاكمة إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية، وجاء فيه: «إن المستوطنات تتعارض مع معاهدات جنيف لعام 1949 التي تحظر نقل سكان مدنيين إلى أراض محتلة، وهو ما يمكن أن يرقى إلى جرائم حرب تقع في نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية».

وجاء التقرير بعد تحقيق انطلق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قام خلاله 3 محققين من الأمم المتحدة بمقابلة أكثر من 50 شاهدا في الأردن، تحدثوا عن الضرر والرعب الذي تسببه عمليات الاستيلاء على أراضيهم أو مهاجمتهم فيها.

ولم تتعاون إسرائيل مع الخبراء، منذ الإعلان عن تشكيل اللجنة في مارس (آذار) الماضي، ورفضت أي لقاء معهم، كما رفضت التحقيق وهاجمته أمس. ووصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية التقرير الأممي، بأنه «منحاز» و«يعوق جهود السلام». وقال المتحدث باسم الوزارة يغال بالمور، في بيان: «للأسف، فإن مجلس حقوق الإنسان ميز نفسه بمنهجية أحادية الجانب ومنحازة ضد إسرائيل، والتقرير الأخير هو تذكير مؤسف آخر بذلك».

وتقاطع إسرائيل منذ مارس 2012 اجتماعات المجلس، بسب تشكيله لجنة التحقيق، ولم تشارك الثلاثاء الماضي في جلسة خصصت لمناقشة وضع حقوق الإنسان داخل أراضيها، في سابقة هي الأولى من نوعها.

ومن المقرر أن يرفع المجلس تقريره هذا في 18 مارس المقبل، إلى الدول الـ47 الدائمة العضوية. وجاء في التقرير أيضا، أن «المستوطنات أقيمت ويتم تطويرها حصريا لمصلحة اليهود، وهي تعتمد على نظام فصل تام بين المستوطنين والسكان المقيمين في الأراضي الفلسطينية. وهذا النظام يحظى بتسهيلات ودعم عسكري بالإضافة إلى إجراءات أمنية صارمة على حساب الفلسطينيين».

ووجه المحققون دعوة إلى دول العالم كافة بعدم الاعتراف بهذه المستوطنات، ودعوا الشركات والمنظمات الخاصة في كل مكان للتوقف عن أي تعاون مع إسرائيل وقطع العلاقات مع القطاعات التي تساهم في عمليات الاستيطان.

ورحبت منظمة التحرير الفلسطينية بالتقرير «الجريء والشجاع»، وقالت عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي: «يشخّص هذا التقرير الممارسات الإسرائيلية غير القانونية من دون أية مواربة، ويقدم استخلاصات واستنتاجات، وما يتطلبه ذلك من خطوات عملية وإلزامية. فهو يضع كل أنواع الاستيطان الإسرائيلي باعتبارها (جرائم حرب) ويدرجها في سياق محكمة الجنايات الدولية لانتهاكها ميثاق روما، والبند 49 من اتفاقية جنيف، مما يضع إسرائيل تحت طائلة الملاحقة القضائية. كما يطالب بالبدء في سحب المستوطنين فورا ودون أي شروط»، وأضافت في بيان: «إنه من خلال رفض إسرائيل ومقاطعتها للمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، فإنها تضع نفسها خارج القانون، وتعزل نفسها، وتنزع الشرعية بيدها عن ممارساتها الأحادية والمخالفة للأعراف الدولية وأولها الاحتلال»، وتابعت: «لقد وصل التقرير إلى الاستنتاج بأن الهدف وراء عنف وإرهاب المستوطنين هو من أجل طرد الفلسطينيين من أرضهم، وإفساح المجال أمام توسيع الاستيطان، مما يجعلنا نستخلص أن هذا شكل صريح من أشكال التطهير العرقي». وأكدت عشراوي أنه من بالغ الأهمية «أن أية خطوات سياسية يجب أن تتخلص من لغة المواربة والمناورات، وأن تنطلق من هذا المفهوم وتتبناه باعتباره أساسا لأي حل قادم».

وكان الفلسطينيون قد أرسلوا إلى الأمم المتحدة مرارا يشكون من عمليات الاستيطان على أرضهم وهددوا مؤخرا باللجوء إلى الجنايات الدولية إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

ويشكل الاستيطان العقبة الأساسية أمام العودة إلى المفاوضات التي توقفت في 2010 بعدما رفضت إسرائيل طلب الفلسطينيين بوقف الاستيطان، ولا يزال الطلب ساريا. وتدفع إسرائيل شهريا بخطط استيطان جديدة. وكشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، عن خطة جديدة أعدها المجلس الإقليمي لمستوطنات «بنيامين»، لبناء مدينة تعليمية قرب مستوطنة كفار أدوميم على أراضي قرية عناتا. وقالت «هآرتس» إن الإدارة المدنية «صادقت مبدئيا على خطة البناء الذي سيتم لأجله هدم المدرسة العشوائية المبنية من الأكواخ لعرب الجهالين».

وما زال المشروع المذكور قيد النظر القضائي بناء على اعتراضات تقدم بها مجلس قرية عناتا وعدد من سكانها. ويقضي بإقامة القرية على أرض مسجلة باسم المالية الأردنية، قبل أن تنقلها إسرائيل إلى دائرة حراسة الأملاك الحكومية وأملاك الغائبين التابعة للإدارة المدنية الإسرائيلية.

وحصل المخطط الذي يشمل بناء قاعات اجتماعات ورياضة ومدرسة ميدانية ومتاحف وصالات ومركز لكبار السن، على موافقة مبدئية.

وقال المحامي كمال ناطور الذي يمثل أهالي عناتا: «المشروع سيوفر خدمات موجودة أصلا في معالية أدوميم القريبة، والهدف من المشروع هو سلب الأراضي ومنع الفلسطينيين من استغلالها». ويخشى أن تتحول المنطقة إلى امتداد طبيعي لمخطط ربط معالية أدوميم بالقدس، وهو المخطط الذي حذرت السلطة من أنه ينهي حل الدولتين ومسيرة السلام ويفتح احتمالات أخرى.