بايدن وكلينتون يحذران إيران: وقت الدبلوماسية ينفد

صالحي يأمل في تغير السياسة الأميركية مع تولي كيري الخارجية

بايدن وميركل على هامش القمة الأمنية في ندوة صحافية في برلين أمس (أ.ف.ب)
TT

أرسلت طهران عدة رسائل تعبر عن سعادتها بالتغييرات التي يقوم بها الرئيس أوباما في إدارته، وتنظر إيران إلى تعيين جون كيري وزيرا للخارجية وترشيح السيناتور تشاك هاغل وزيرا للدفاع على أنه دليل على رغبة الرئيس باراك أوباما في تفضيل الحوار مع إيران، على المواجهة لتسوية المسألة النووية.

وقد عبر وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، الجمعة، لوزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري عن الأمل في أن «يغير شيئا في نهج السياسة الأميركية المعادية لإيران». في الوقت الذي قام فيه كيري بأداء اليمين الدستورية لتولي منصبه الجديد.

صالحي الذي نقلت عنه وكالة «فارس» بأن «جون كيري شخصية بارزة في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، ويقال إنه مطلع جيدا على التطورات الحالية في الشرق الأوسط». وأعرب عن «الأمل في أن يتمكن من تغيير شيء في نهج سياسة الحكومة الأميركية المعادية لإيران». وأضاف: «وعلى كل حال، أتمنى له النجاح في هذه المهمة الصعبة».

واعتبر صالحي أنه يجب انتظار «بقية التعيينات في الحكومة الأميركية لنرى ما إذا كان الرئيس باراك أوباما يريد الوفاء بوعوده وتغيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وخاصة السياسة العدائية تجاه الشعب الإيراني».

لكن الرسائل التي وجهها عدد من الساسة الأميركيين حملت تشددا في الموقف الأميركي، وتحذيرات بأن الوقت بدأ ينفد أمام إيران، لتنفيذ التزاماتها الدولية والتحرك نحو مفاوضات جادة.

فقد دعا نائب الرئيس الأميركي جو بايدن طهران إلى استئناف المفاوضات حول برنامجها النووي، حسبما نشرت الصحف الألمانية، أمس، في اليوم الذي يبدأ فيه بايدن جولة أوروبية. وصرح بايدن، الذي وصل صباح الجمعة إلى العاصمة الالمانية برلين مفتتحا جولة أوروبية لصحيفة «سودويتشه تسايتونغ» في اجابات على اسئلة مكتوبة ، قائلا: «نعتقد أن هناك متسعا من الوقت وهامشا للدبلوماسية، إضافة إلى ضغط اقتصادي».

وقال بايدن في رد على أسئلة مكتوبة، إن «النافذة لن تبقى مفتوحة إلى ما لا نهاية»، محذرا في الوقت نفسه طهران من أن زمن الدبلوماسية لن يدوم، وأن الوقت بدأ ينفد للتوصل إلى حل دبلوماسي بشأن برنامجها النووي، وجدد التأكيد أن الولايات المتحدة ستمنع إيران من امتلاك السلاح النووي.

وتمارس الولايات المتحدة الضغط على إيران، خاصة عبر فرض عقوبات اقتصادية شديدة، إضافة إلى تلك التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، بهدف حمل إيران على تغيير سياستها النووية. ويشتبه الغربيون في أن إيران تريد امتلاك السلاح النووي تحت غطاء برنامج نووي مدني، لكن إيران تنفي ذلك بشدة. وتفضل واشنطن منذ أشهر استراتيجية «الطريق المزدوج» تجاه إيران، تقرن فيها العقوبات الاقتصادية والمفاوضات الدبلوماسية.

وشدد المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني على مواصلة واشنطن الضغط على إيران لتستجيب لالتزاماتها الدولية، وقال: «نحن نحكم على إيران من خلال أفعالها وليس الأقوال، وهم دائما ينتهكون الالتزامات أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ولذا تتحمل إيران أشد نظام عقوبات في التاريخ، وكان لهذا تأثير كبير على الاقتصاد». وأكد كارني أن الضغط الأميركي سيزيد طالما رفضت طهران أن ترقي إلى مستوى التزاماتها الدولية فيما يتعلق بالبرنامج النووي.

وفي سؤال حول الخطوات التي سيتخذها أوباما، أجاب كارني: «لم يتخذ أوباما أيا من الخيارات المطروحة على الطاولة، وكل الخيارات مطروحة».

وانتقد كارني إعلان إيران نيتها تثبيت أجهزة طرد مركزي متقدمة في وحدة الإنتاج بمفاعل نطنز، وقال: «ليس هناك ما يدل على عدد الأجهزة التي ترغب إيران في تركيبها، أو الجدول الزمني للقيام بذلك، وهذا ليس مفاجأة، نظرا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول تطوير إيران لأجهزة الطرد المركزي، ومع ذلك فإن القيام بتركيب وتطوير هذه الأجهزة هو مزيد من التصعيد واستمرار للانتهاكات، ويمثل خطوة استفزازية من جانب إيران، وستؤدي فقط إلى مزيد من العزلة من جانب المجتمع الدولي».

وأضاف كارني: «إننا لا نزال نعتقد أن هناك وقتا للدبلوماسية، لكن تلك الإجراءات تقوض جهود المجتمع الدولي لتخفيف القلق بشأن السلاح النووي الإيراني».

وعلى النهج نفسه، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في اليوم قبل الأخير لها في منصبها، إن نافذة المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي لا يمكن أن تبقى مفتوحة لفترة طويلة، لكنها امتنعت عن ذكر موعد نهائي.

وقالت كلينتون: «لا أعتقد أن النافذة يمكن أن تبقى مفتوحة لفترة أطول كثيرا، لكنني لن أحدد لها أياما أو أسابيع أو أشهر». وأوضحت كلينتون أنها تعتقد أن هناك كثيرا من النقاشات تجري على أعلى المستويات في الحكومة الإيرانية، بهدف البحث عن تحقيق أقصى قدر من الاستفادة في محادثات البرنامج النووي للبلاد، وأن المسؤولين الإيرانيين يحاولون القيام بمناورات سياسية، لأن أعينهم على الانتخابات في يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما يدفعهم إلى تأخير موعد استئناف المفاوضات.

وقالت كلينتون خلال خطابها أمام مجلس العلاقات الخارجية، مساء أول من أمس (الخميس)، إن حل المأزق مع إيران سيكون اختبارا رئيسيا لوزير الخارجية الجديد جون كيري. وأوضحت أن سياسة إدارة أوباما تفضل التسوية عن طريق التفاوض مع الجمهورية الإسلامية، لكن الولايات المتحدة سوف تفعل ما يجب لمنع إيران من الحصول على قدرات لتصنيع أسلحة نووية.

وشددت على أن فشل الجهود الدبلوماسية في حل الخلاف مع إيران، أو إقناع الأسد بإنهاء الصراع في سوريا، لا يعني أن استراتيجية أوباما على توجيه «يد مفتوحة» لأنظمة معادية كان خطأ.

ويأتي ذلك في وقت لم تستقر القوى الكبرى فيه على موعد ومكان لاستئناف المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني. ويقول راي تاكيه الباحث بمجلس العلاقات الخارجية بواشنطن لـ«الشرق الأوسط» إنه حتى بعقد مفاوضات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، فإنه لن يخرج من تلك المفاوضات نتائج جيدة، ويوضح أن القوى الدولية تسعى في المرحلة الحالية إلى دفع إيران لعقد مفاوضات مع مجموعة الـ«5 +1» (أعضاء مجلس الأمن الدائمين إضافة إلى ألمانيا)، والاتفاق على مكان وموعد الاجتماع. ويتحدث الاتحاد الأوروبي عن مماطلة من الجانب الإيراني، وتنتقد طهران عدم استعداد القوى الغربية للحوار مع إيران.

ويوضح تاكيه أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات قاسية، على أمل أن تحصل على تنازل إيراني، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ولذا تبحث واشنطن عن حوافز، بحيث تكون السبيل الوحيدة لإقناع إيران. والأولية الآن ستكون هي منع إيران من إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة عالية مقابل التخفيف من العقوبات الغربية.

وحول تهنئة صالحي لنظيره الأميركي كيري وسعادة طهران باختيار هاغل وزيرا للدفاع، قال الباحث بمجلس العلاقات الخارجية بواشنطن: «حتى لو تم تأكيد اختيار هاغل وزيرا للدفاع، فإن هناك (لوبي) قويا مؤيدا لإسرائيل، وجنبا إلى جنب مع جون كيري، فإن الإدارة الأميركية ستستمر على الأرجح في خطها الثابت، على الأقل حتى تضمن واشنطن أن إسرائيل لن تقدم على أخذ الأمور بيدها والقيام بمهاجمة إيران».

ويؤكد الباحث الأميركي أن تخفيف العقوبات ليس أمرا في يد الرئيس أوباما كليا، لأن الكونغرس يؤيد اتخاذ تدابير أكثر صرامة ضد إيران، ومن الجانب الآخر، فإن المسؤولين الإيرانيين يتشككون في أن أميركا ليس لديها نية لرفع العقوبات، ويشيرون إلى أن العقوبات الأميركية المفروضة على العراق لم ترفع حتى بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003.