أكثر من ثلثي أعضاء الكنيست يوصون بتكليف نتنياهو تشكيل الحكومة

في الليكود يطالبون بمحاسبته على الفشل.. وشاس يحذر من حرب أهلية في حال تجنيد المتدينين

نشطاء من حزب الليكود يعلقون لافتة تحمل صورة نتنياهو على أحد أسوار القدس أمس (أ.ب)
TT

من المتوقع أن يكلف رئيس الدولة العبرية شيمعون بيريس، رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، مساء اليوم، بتشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد أن أوصاه بذلك ثلثا أعضاء الكنيست الإسرائيلي.

وكان بيريس قد اجتمع بوفود عن جميع الأحزاب الإسرائيلية الفائزة في الانتخابات الأخيرة، خلال اليومين الفائتين، واستمع إلى آرائهم في الانتخابات ونتائجها والقضايا التي تشغلهم، ووجه إليهم جميعا سؤالا حول رأيهم في هوية رئيس الحكومة القادم، فأبلغه غالبيتهم بأنهم يرون أن نتنياهو هو صاحب الحظوظ الكبرى في تشكيل حكومة. ويمثل هؤلاء 82 نائبا من مجموع 120 نائبا في البرلمان الإسرائيلي (الليكود بيتنا 31، ويوجد مستقبل برئاسة يائير لبيد 19، وحزب المستوطنين «البيت اليهودي» برئاسة نفتالي بينيت 12، وحزب اليهود الشرقيين المتدينين «شاس» برئاسة إيلي يشاي 11، وحزب اليهود الغربيين/ الأشكناز المتدينين «يهدوت هتوراة» برئاسة يعقوب ليتسمان 7 مقاعد، وحزب «كديما» برئاسة شاؤول موفاز/ مقعدين).

يذكر أن هذه التوصية لا تعني أن نتنياهو نجح في إقامة ائتلاف لحكومته بعد؛ إذ إن المفاوضات غير الرسمية التي يجريها مع الأحزاب المذكورة لما تزل في بدايتها. بل إن كثرة الموصين به قد تكلفه ثمنا غاليا؛ لأنه سيكون مضطرا للتفاوض معها جميعا، وإذا نجحت المفاوضات سيكون مضطرا إلى توزيع المقاعد الوزارية فيما بينها، بحيث لا يبقى لقسم كبير من وزراء حزبه الحاليين مكانا في الحكومة.

وحرص أنصار نتنياهو على تأكيد أنهم معنيون بتوحيد الصفوف اليهودية لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه إسرائيل. لكن زعيم الحزب الجديد «يوجد مستقبل»، الذي يعتبر المنتصر الأكبر في هذه الانتخابات، قال إن لديه شروطا للمشاركة في الائتلاف الحكومي في صلبها تحقيق المساواة في عبء الخدمة العسكرية ووقف ظاهرة إعفاء المتدينين والعرب، ثم وضع سياسة اقتصادية تنقذ الطبقات الوسطى والفقيرة، وتحريك مسيرة السلام واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين في أقرب وقت.

وتوجه ممثلو الأحزاب الدينية إلى بيريس بطلب أن يفعل نفوذه الجماهيري لمصلحة الوحدة بين المتدينين والعلمانيين، وعدم السماح بالمساس بالحقوق التي اكتسبوها لإعفاء من يختار دراسة التوراة من الخدمة العسكرية؛ لأن في ذلك مساسا بجمهورهم وبالتوراة. وسلموه رسالة من رئيسهم الروحي، الحاخام عوفاديا يوسيف، يحذر فيها من أن تجنيد الشباب المتدين سيقود إلى حرب أهلية في إسرائيل.

وأثار شاؤول موفاز استهجان وسائل الإعلام للتوصية بتعيين نتنياهو رئيسا للحكومة المقبلة؛ إذ كان فقط قبل أسابيع قليلة قد حذر من سياسته قائلا: «نتنياهو سيقود إسرائيل إلى مغامرات حربية مدمرة لمصالح إسرائيل».

وبدا أن بقية الأحزاب ستجلس في المعارضة، خصوصا حزب العمل بقيادة شيلي يحيموفتش، التي أكدت أنها ترفض التوصية بأي نائب لرئاسة الحكومة؛ لأنها لا تثق بأن صاحب الحظوة نتنياهو سوف يدير الدولة بشكل سليم. وقالت إن حزبها سيدعم الحكومة في القضايا الأمنية وفي قضية السلام، ولكن من مقاعد المعارضة.

وأما رئيسة حزب «الحركة» تسيبي ليفني، فقالت إنها ستنتظر لترى ما هي سياسة الحكومة المقبلة، فإذا وجدتها حكومة سلام، فعندها ستنضم إليها.

وامتنع حزب ميرتس اليساري والأحزاب العربية الثلاثة عن تسمية مرشح لرئاسة الحكومة؛ «لأن جميع المرشحين لا يستحقون إدارة الدولة». وقالت رئيسة ميرتس، زهافا غلاون، إن الحكومة المقبلة ستضيع مرة أخرى فرصة تحقيق السلام.

وتحدث ممثلو الأحزاب العربية عن «مشكلة التمييز في برامج الأحزاب اليهودية». وقال النائب أحمد الطيبي، مندوب القائمة العربية والعربية للتغيير، إن الأحزاب الإسرائيلية توحي بأنها لا تريد للأحزاب العربية أن تكون في الائتلاف الحكومي، أو حتى في المعارضة، وهذا أمر مقلق للغاية.

وأعرب حنا سويد، مندوب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، عن القلق والاشمئزاز من إعلان الأحزاب الإسرائيلية بغالبيتها الساحقة عن نبذ الأحزاب العربية، ومن تغييب موضوع السلام مع الفلسطينيين.

وقال مندوب حزب التجمع الوطني، جمال زحالقة، إن الخريطة الحزبية الإسرائيلية تخلو من أي شخصية جادة في تحقيق آمال المواطنين العرب في السلام والمساواة والديمقراطية الحقيقية.

وقد رد بيريس قائلا إن وظيفة الديمقراطية هي أن تضمن الحقوق لجميع المواطنين والمساواة الكاملة، وأعلن رفضه لكل مظاهر العنصرية والتمييز على أي خلفية كانت، دينية أو طائفية أو عرقية.

ومن المفترض أن يباشر نتنياهو غدا بشكل رسمي اتصالاته مع الأحزاب لتشكيل حكومته المقبلة، ويتوقع المراقبون أن يواجه نتنياهو أكبر المصاعب داخل حزبه الليكود؛ ففي هذا الحزب يوجد اليوم عشرة وزراء وأربعة نواب وزراء. وسيجد قسم كبير منهم نفسه خارج الحكومة؛ لأن عدد الوزراء فيها سينخفض من 30 إلى 24 على الأقل، بناء على شرط حزب لبيد الذي طالب بتخفيضها إلى 18 وزيرا، ووافق على حل وسط بجعلها من 24 نائبا.

وتشكلت مجموعة ضغط داخل الليكود تطالب بعقد جلسة للجنة المركزية لمحاسبة نتنياهو وغيره من قادة الليكود على فشلهم في الانتخابات، والتسبب في خسارتهم أحد عشر مقعدا، وقد يؤدي هذا الحراك في الليكود إلى تنازل نتنياهو عن واحد على الأقل من الأحزاب المرشحة للانضمام لائتلافه، حتى يرضي الغاضبين من وزرائه.