الإسماعيلية تعلن الغضب على الإخوان بعد سبعة أشهر من التصويت لمرسي

«الشرق الأوسط» داخل المدينة التي تأسست فيها الجماعة قبل ثمانين عاما

مدرعة للجيش قرب مجرى قناة السويس في الإسماعيلية («الشرق الأوسط»)
TT

لا ترحب قيادات جماعة الإخوان المسلمين بمدينة الإسماعيلية بمصر بأن يتفقد الإعلام مقر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة، من الداخل، بعد أن حطمه متظاهرون غاضبون في المدينة مطلع الأسبوع الماضي. وقال أحد قيادات الجماعة ومن خلفه واجهة محطمة للمبنى: «لا نعرف ماذا يمكن أن يحدث.. فلا داعي أن نستفز أحدا». وربما يبدو هذا مستغربا في المدينة التي كانت مهد جماعة الإخوان المسلمين في عشرينات القرن الماضي.

لكن «باريس الصغيرة» كما تلقب مدينة الإسماعيلية، التي تقع في منتصف المسافة بين بورسعيد شمالا والسويس جنوبا على المجرى الملاحي لقناة السويس، باتت من بين أكثر مدن مصر سخطا على الجماعة التي وصلت للحكم بعد عام ونصف العام من سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) 2011.

وتحول السخط لموجة من الغضب عقب إعلان الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول على مدن القناة في أعقاب اشتباكات دامية شهدتها مدينتا بورسعيد والسويس قبل أيام.

وتصدى سكان الإسماعيلية لقرار حظر التجوال بتنظيم دوري لكرة القدم وحفلات السمسمية وهي آلة موسيقية شعبية تمتاز بها المدينة، بالتزامن مع بدء الحظر في التاسعة مساء وحتى السادسة صباحا، قبل أن يخفف لاحقا إلى الثانية من بعد منتصف الليل وحتى الخامسة.

ويقول محمد إبراهيم (48 عاما) وهو موظف حكومي إن «هذا الاستخفاف بقرار الحظر هو الطريقة التي يرد بها شعب الإسماعيلية على الظلم الذي لحق بهم». ويتابع: «لم نقم بثورة على الحزب الوطني لنأتي بحزب وطني بلحية (في إشارة للسمت الديني لجماعة الإخوان المسلمين)، كارنيه (بطاقة عضوية) حزب الحرية والعدالة أصبح مثل كارنيه الحزب الوطني يمكن لحامله تسهيل مصالحه في الإدارات الحكومية.. هذه الثورة رفعت شعار العدل وما دام العدل لا يزال غائبا ستبقى الثورة مستمرة».

وحطم متظاهرون بالإسماعيلية مقر حزب الإخوان في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير قبل أسبوع. وأحرقوا مقر الجماعة أيضا في المدينة قبل نحو شهرين، استجابة لصدى اشتباكات دامية وقعت آنذاك أمام قصر الاتحادية الرئاسي بالقاهرة بين أنصار جماعة الإخوان ومعتصمين مناوئين للجماعة والرئيس مرسي.

وبدأ الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين دعوته من مدينة الإسماعيلية قبل أن ينتقل إلى العاصمة. ولا يزال المسجد الذي أسسه في عام 1931 موجودا إلى الآن في أحد الأحياء الفقيرة التي تختفي خلف الأبنية الأنيقة بأسقفها المكسوة بالقرميد الزاهي والمشيدة على الطراز الفرنسي في الحي الغربي القريب من المجرى الملاحي لقناة السويس أحد أهم مصادر الدخل القومي في البلاد.

يقول هاني زكي (32 عاما) وهو سائق تاكسي يصر على تأكيد عدم انتمائه لأي فصيل سياسي: «كنا نظن أن لدى الإخوان برنامجا اقتصاديا واجتماعيا يمكن أن ينتشلنا من الفقر لكن اتضح أنهم تجار شطار وليسوا رجال دولة.. إنهم أشبه بجنود الأمن المركزي.. شكل واحد وخطاب واحد وسمع وطاعة». ورغم سوء الأحوال الجوية تظاهر أمس المئات في الإسماعيلية في «جمعة الخلاص»، ورفع المتظاهرون شعارات مناهضة للرئيس مرسي والإخوان، وطالبوا بتشكيل حكومة إنقاذ وطني.

وذهبت أصوات الإسماعيلية إلى الرئيس مرسي في جولتي الانتخابات الرئاسية، لكن مراقبين قالوا إن القطاع الريفي في المحافظة وليست مدينة الإسماعيلية هو الذي منح الإخوان غالبية الأصوات هنا.

لا ينكر القيادي في حزب الإخوان بالإسماعيلية، عبد العال خلف الله، وجود قدر من العداء تجاه جماعة الإخوان، ويشير إلى وجود عوامل متضافرة أدت إلى ذلك، يقول: «كنا نعمل على مدار العقود الماضية تحت الحصار وتم عزلنا عن الناس، لذلك هناك من لا يزال متأثرا بالصورة التي روجها النظام السابق عن الإخوان.. وهناك فلول هذا النظام الذين يستخدمون شبكة من البلطجية لمحاربتنا.. كما يوجد أيضا أعداء المشروع الإسلامي من الليبراليين والعلمانيين».

ويتابع خلف الله: «نحن لا نطلب من الناس إلا الصبر فنحن تسلمنا البلد خربة ولم يسمح لنا المتربصون بالتقاط الأنفاس بل عملوا على عرقلة مسيرتنا وحاولوا تشويه صورتنا لكي لا نحقق مشروعنا الحقيقي وأهدافنا الحقيقية. كيف يمكن بناء مؤسسات الدولة والمظاهرات متواصلة على هذا النحو».

وعلى خلاف مدن القناة الأخرى لا تزال الشرطة منتشرة في الإسماعيلية إلى جانب عناصر الجيش الموكل إليهم تأمين المرافق الحيوية في المدينة والطرق المفضية لقناة السويس، وهو ما دعا خلف الله إلى السؤال: «لماذا لم تحمِ الشرطة مقار الإخوان وحزب الحرية والعدالة؟ بل لماذا لم تحمِ ديوان المحافظة؟».