الخطيب يلتقي على هامش «ميونيخ» بايدن ولافروف.. ويجدد استعداده للتحاور «بشروط»

مروة لـ «الشرق الأوسط»: المفاوضات تتضمن آليات تسلم وتسليم السلطة تجنبا للفراغ

نائب الرئيس الأميركي جو بايدن (يمين) في حديث باسم مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على هامش حضورهما القمة الأمنية في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)
TT

أثار رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب، أمس، الجدل مرة أخرى، بتجديده التأكيد على أنه «مستعد بشروط للتحاور مع نظام الرئيس بشار الأسد»، رغم أن هذا «العرض» الذي قدمه قبل أربعة أيام استدعى ردودا قاسية من المعارضة السورية التي أعلنت أن هذا القرار «يتعارض مع الوثيقة التأسيسية للائتلاف».

وجدد الخطيب خلال ندوة على هامش المؤتمر الأمني في ميونيخ تناولت الوضع في سوريا، إعلان استعداده للحوار مع النظام، منددا بشدة بـ«صمت» المجتمع الدولي إزاء «المأساة» التي يعيشها السوريون. وقال الخطيب قبل لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن، كل على انفراد، على هامش المؤتمر «نحن مستعدون للاجتماع مع هذا النظام حول طاولة مفاوضات»، رافضا في الوقت نفسه أن يكون من سيمثل النظام السوري في هذه المفاوضات أشخاصا «أيديهم ملطخة بالدماء»، مضيفا «علينا أن نستخدم كل الوسائل السلمية».

وكان لقاء لافروف مع الخطيب هو اللقاء الأول بين الرجلين منذ انتخاب الخطيب في نهاية 2012 رئيسا للائتلاف السوري المعارض. والتقى لافروف أيضا الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي، ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن، في محاولة لتضييق الخلافات بينهما حول النزاع في سوريا. وأعرب بايدن السبت في ميونيخ عن أمله في أن يعزز المجتمع الدولي دعمه للمعارضة السورية لنظام الأسد الذي «لم يعد قادرا على قيادة الأمة». وأشار إلى أن «خلافات كبرى» لا تزال قائمة بين الولايات المتحدة وروسيا حول سوريا من بين ملفات دولية كبرى.

من ناحيته، عبر لافروف في كلمة ألقاها بعد المسؤول الأميركي عن تمنيه أن تجتمع مجموعة العمل حول سوريا بقيادة الإبراهيمي مجددا للسعي إلى التوصل إلى حل انتقالي، معتبرا أنه يمكن «تحقيق تقدم». في غضون ذلك فإن تصريحات الخطيب أمس أثارت صدمة أعضاء في المجلس الوطني السوري. وقال مصدر مقرب من المجلس المعروف برفضه القاطع للحوار مع النظام في ظل وجود الأسد على رأس السلطة، إن تلك التصريحات «تعني التراجع عن الثوابت الوطنية التي قامت الثورة على أساسها»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك «يُفهم منه القبول بتسوية، ومن شأنه أن يمسّ مصداقية الثورة».

وتردد في أروقة المعارضة السورية أن الخطيب «اجتهد في موقفه الذي لم تدرسه مكونات المعارضة»، وأنه «يتخذ مواقفه بعيدا عن الائتلاف والمستشارين والهيئة السياسية المؤقتة في الائتلاف»، رغم أن بعض المعارضين «يوافقون على طرح الخطيب الذي يحظى بشعبية كبيرة في دمشق وريفها، وقد أيد مناصروه هذا الطرح»، بينما اعتبر آخرون أن ما يقوم به الخطيب «هو مناورة سياسية تأتي ردا على مبادرة الأسد التي طرحها الشهر الماضي، ولا تعني تنازلات يرفضها المعارضون». وفي حين يرى البعض أن موقف الخطيب «يعني القبول بتسوية سلمية للأزمة السورية»، يؤكد مدير المكتب القانوني في المجلس الوطني وعضو الائتلاف هشام مروة أن مواقف الخطيب «لا يمكن قراءتها من هذه الزاوية، ولا تعني التغريد خارج سرب المعارضة». وأوضح مروة لـ«الشرق الأوسط» أن طرح الخطيب «مبني على ثابتة أن التفاوض مع ممثلين عن النظام سيكون لمناقشة إجراءات تسليم السلطة، وليس التفاوض على بقاء الأسد»، مشددا على أن الرئيس السوري «لن يكون جزءا من الحل». وأضاف «لا مانع من الجلوس مع أشخاص غير ملوثة أيديهم بالدماء بعد رحيل الأسد، أو حين يتخذ الأسد قرارا بالتنحي.. عندها يجلس ممثلون عنه مع المعارضة لتنفيذ عملية التسلم والتسليم، وليعملوا على نقل السلطة إلى الثورة وممثلي الشعب السوري كي لا تقع البلاد في الفراغ الإداري والسياسي، لكنهم لن يبحثوا في مستقبل سوريا لأنهم جزء من نظام مهزوم».

وشدد مروة على أن التفاوض «يعني نقل السلطة، لأن الأسد سيرحل لا محالة، سواء أكان ذلك بعملية عسكرية على غرار ما حصل بليبيا، وهو احتمال مستبعد، أم حين يجد نفسه مهزوما ويضطر تحت ضغط الثوار في الميدان إلى تسليم السلطة». وأشار إلى أن «الترتيبات على نقل السلطة ضرورية للغاية، تجنبا لانهيار ما تبقى من الدولة، ولحماية الشعب السوري من التهجير العرقي والانقسام الطائفي واعتداء أحياء على أخرى في المناطق المتعددة مذهبيا». وكشف مروة لـ«الشرق الأوسط» أن الائتلاف الوطني «يعمل على إنجاز مبادرة متكاملة للحل السياسي، تقوم على تنحي الأسد ونقل السلطة إلى الثوار وفق إجراءات معينة».

وبين التحليلات الكثيرة لموقف الخطيب الذي أخرج رؤيته من الإطار الشخصي قبل ثلاثة أيام، إلى الإطار الرسمي بإعلانه المبادرة في ميونيخ أمس، تأتي إشارات إلى أن الخطيب «يتعرض لضغوط دولية للقبول بتسوية سلمية للأزمة السورية». وأوضح ممثل الائتلاف السوري في بريطانيا وليد سفور لـ«الشرق الأوسط» أن الضغوط الدولية «تأتي حصرا من روسيا وإيران»، مؤكدا أن الغرب «لا يضغط على الائتلاف للقبول بالحل السياسي وتقديم تنازلات، لكن هناك بوادر تردد من بعض الدول الكبرى وتخليها عن دعم المعارضة للبقاء على موقفها الرافض للحوار مع الأسد». وأشار إلى أن «بريطانيا متحمسة لرحيل الأسد، وترى أنه لا شراكة في المرحلة المقبلة، وهذا ما أعلنه مسؤولون فيها حين التقينا بهم، حيث أكدوا على رحيل الأسد».

ولفت سفور إلى أن الخطيب «لا يحيد عن ثوابت الائتلاف المرتبطة بالحوار مع السلطة إلا حول انتقال السلطة والمرحلة الانتقالية»، مشيرا إلى أنه بهذا المعنى «غير مستعد للحوار بهذه الطريقة».

وكان الخطيب قد انتقد بشدة أمس «وقوف المجتمع الدولي مكتوف الأيدي أمام ما يجري منذ 22 شهرا في سوريا من نزاع مسلح بدأ انتفاضة شعبية وتحول حربا أهلية حصدت أكثر من 60 ألف قتيل بحسب الأمم المتحدة». وقال أمام جمع من كبار المسؤولين والدبلوماسيين في ميونيخ «من غير المقبول أن يقف المجتمع الدولي متفرجا على ما يجري للشعب السوري»، مضيفا أن «النظام مدعوم من صمت المجتمع الدولي (...) وإذا ما استمر هذا الأمر فستكون عواقبه وخيمة على المنطقة».

وأوضح الخطيب أنه سيقول لبايدن إن «كل ما يمكن فعله لوقف هذه المأساة هو مقبول» بالنسبة إلى المعارضة السورية، لا سيما «التشويش» على الطائرات الحربية السورية «لمنعها من قصف» السوريين. وشارك في الندوة أيضا المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي الذي أكد مجددا على أن الحل يجب أن يأتي من مجلس الأمن الدولي، داعيا إلى تشكيل حكومة انتقالية تتمتع «بكامل الصلاحيات التنفيذية».