ليبيا: اعتداء حرس البرلمان على طاقم تلفزيوني يكشف اجتماعا سريا لبحث تدهور الأمن

مخاوف من تداعيات مظاهرات الذكرى الثانية للإطاحة بالقذافي.. واشتباكات في سرت

TT

كشفت حادثة تعرض طاقم قناة تلفزيونية محلية للضرب من قبل بعض رجال الأمن المسؤولين عن حراسة مقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، عن تسرب أخبار اجتماع سري عقده المؤتمر بمقره في العاصمة الليبية طرابلس أول من أمس، وكان مخصصا، كما أبلغ أعضاء في المؤتمر «الشرق الأوسط»، لتقييم ومناقشة الوضع الأمني المتدهور في البلاد، ومعالجة المظاهرات المرتقب تنظيمها في الذكرى الثانية للإطاحة بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

وقال عضو في المؤتمر، طلب عدم تعريفه، لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي: «الاجتماع الذي تم كان لمناقشة ملف الأمن في ليبيا وكيفية التعامل مع المظاهرات الشعبية المتوقعة في منتصف الشهر الجاري؛ بمناسبة مرور عامين على اندلاع الثورة الشعبية ضد النظام السابق». ويعكس الاجتماع الذي جرى تنظيمه في أجواء من التكتم والسرية؛ خشية تسرب أخباره إلى وسائل الإعلام المحلية، المخاوف التي تنتاب السلطات الليبية من تداعيات المظاهرات الشعبية المتوقعة في ذكرى اندلاع ثورة الغضب ضد القذافي.

ودعا ناشطون سياسيون وإعلاميون إلى مظاهرات حاشدة لتصحيح مسار الثورة التي يعتقدون أنها انحرفت عن مسارها الأصلي.

وتأتي هذه الدعوات لتزيد من ارتباك المشهد السياسي والأمني الملتبس أصلا في ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي بعد انتفاضة شعبية دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في 17 فبراير (شباط) عام 2011.

وأظهرت لقطات فيديو بثتها قناة العاصمة الليبية الفضائية تعرض طاقم تصويرها لاعتداء بالضرب من قبل رجال الأمن المسؤولين عن حراسة وتأمين مقر المؤتمر الوطني، ما أثار غضب الإعلاميين والصحافيين الذين نظموا أمس وقفة احتجاجية أمام مقر القناة بطرابلس.

وكان المؤتمر الوطني قد أقر مؤخرا قرارا مثيرا للجدل بشأن تشكيل قوة أمنية خاصة برئاسة رئيسه محمد المقريف لتتولى حماية وتأمين مقر المؤتمر وأعضائه الذين تعرضوا على مدى الأشهر القليلة الماضية لعدة اعتداءات من قبل متظاهرين. وبعد بيانات الإدانة والاستهجان الشعبية والإعلامية، اضطرت رئاسة المؤتمر إلى إصدار بيان تعرب فيه عن استنكارها لما حدث، وتعلن عن فتح تحقيق فوري في الحادثة التي تمثل خرقا لحرية الإعلام والصحافة في ليبيا، على حد تعبيرها.

لكن بيان رئاسة المؤتمر كشف عن أن الحادث وقع خلال انعقاد اجتماع مغلق بالمؤتمر أول من أمس لم يتم الإبلاغ عنه لأي جهة إعلامية، بما في ذلك الإدارة الإعلامية بالمؤتمر الوطني. وأضاف البيان: «يستغرب المؤتمر تسرب خبر انعقاد هذا الاجتماع الذي ضم رئاسة المؤتمر ورؤساء الكتل السياسية وعددا من رؤساء اللجان، والذي امتد قرابة الخمس ساعات ونصف لم يتم خلالها إحاطة المؤتمر أي علم بما حدث خارج قاعة الاجتماع»، في إشارة إلى الاعتداء الذي طال طاقم القناة المحلية. كما اعتبرت لجنة حقوق الإنسان بالمؤتمر أن الاعتداء بهذه الصورة على مواطنين مدنيين يؤدون واجبهم أمر مرفوض وتدينه حقوق الإنسان، معلنة عن تضامنها مع القناة، وطالبت بفتح تحقيق عاجل في الحادثة. من جهته عبر رئيس الحكومة الانتقالية الدكتور علي زيدان عن أسفه لما حدث، وتعهد في اتصال مع قناة العاصمة مساء أول من أمس بمتابعة الحادث مع رئيس المؤتمر الوطني.

واستبق التجمع الوطني لثوار ليبيا المظاهرات المتوقعة في 15 من الشهر الجاري بإصدار بيان أمس جدد فيه دعمه وحرصه من أجل بناء ليبيا دولة العدل والقانون، دولة العزة والرخاء، مؤكدا رفضه وبكل قوة أسلوب «عرقلة مسيرة الثورة وخلق الفوضى والهلع لدى المواطنين، وخاصة في عاصمتها طرابلس، وقلبها النابض بنغازي».

واعتبر البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «أي محاولة للالتفاف على الثورة تعد خيانة للوطن تحركها أجندات خارجية والأيادي السوداء من بقايا عهد الإجرام وأزلامه المرضى في حق الوطن وأبنائه الشرفاء لزعزعة أمنه واستقراره وتعطيل مرحلة البناء للدولة ومؤسساتها».

وخلص البيان إلى أن المؤتمر الوطني هو نتاج الثورة الذي اختاره كل الليبيين عن طريق صناديق الانتخابات، وأن حكومته المؤقتة تمت وفق آليات رسمية وشرعية وشفافة، وفي حالة التقصير سيتم التظاهر وفق الطرق والأساليب الحضارية، وليس الفوضى التي يروج لها البعض حاليا.

إلى ذلك، وقعت اشتباكات مسلحة في مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، بين ثوار المدينة وبعض المحسوبين على النظام السابق.

وقال مسؤول في سرت إن مجموعة «خارجة عن القانون» أثارت بعض القلاقل في المدينة، وإنه عندما قامت كتيبة من الثوار بتطويق المكان حدث تبادل لإطلاق النار فقتل أحد الثوار، وسقط ثلاثة جرحى من تلك المجموعة. وأضاف المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من المدينة التي تعتبر آخر المعاقل المؤيدة للقذافي أن «الوضع الآن مستقر وهادئ، ومداخل المدينة ومخارجها محكمة السيطرة عليها من قبل الثوار».