تهريب الصواريخ لحزب الله: خطوط سرية تحميها نخبة النظام السوري

«الحر» لم يرصد قافلة الصواريخ التي ضربتها إسرائيل.. وموجود في «نقاط العبور التقليدية»

TT

تضاريس جرداء ووعرة، تمتد على مساحات طويلة بين المصنع اللبناني (نقطة العبور الرسمية إلى سوريا) وبلدة القصر التي تحد سهل حمص، اتُهمت على مدى سنوات بأنها المعبر الرئيسي لصواريخ حزب الله من حليفه النظام السوري.

ورغم أن جدلا كبيرا أثير حول تهريب السلاح من لبنان إلى المعارضة السورية، عبر معابر غير شرعية، فإن هذه النقطة الجغرافية، التي تمتد على طول يناهز الـ120 كيلومترا، عُرفت بأن حزب الله يسيطر عليها من الجهة اللبنانية، باستثناء بلدة عرسال التي شهدت جرودها توترات أمنية بين الجيش السوري ومعارضين يحاولون تهريب السلاح إلى الداخل.

ولم تثر هذه المنطقة أيا من التساؤلات، منذ اندلاع الأزمة السورية، إلى أن فتحت الرواية الأميركية حول الضربة الجوية الإسرائيلية لقافلة تهريب أسلحة سوريا إلى حزب الله قبل ثلاثة أيام، ملف التهريب المعاكس باتجاه لبنان، لتعيد إحياء الجدل حول هذه المنطقة التي يُعتقد أنها لعبت دورا بارزا في تزويد حزب الله بترسانته العسكرية. وهذه المنطقة التي تُعرف في سوريا بسلسلة جبال «القلمون»، هي عبارة عن جبال صخرية عارية تعلو شرق سهل البقاع وتشكل جزءا من الحدود مع سوريا إلى الشرق، تكسوها الأشجار، ومعظمها جرود بعيدة عن المواقع السكنية.

أما من الجهة اللبنانية فتتشابه التضاريس، مما يجعلها قابلة للتهريب أكثر من أي منطقة أخرى، نظرا لبُعدها عن «العين الإسرائيلية»، ولكونها تُعد معقل حزب الله في البقاع. وتشير تقارير استراتيجية إلى أن المنطقة الواقعة شرق مطار رياق العسكري في لبنان «هي الأكثر ترجيحا، حيث تقع معسكرات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، القيادة العامة المتحالفة مع النظام السوري، في جرود بلدة قوسايا، وهي البلدة المقابلة لبلدة سرغايا في ريف الزبداني على السفح الشرقي لسلسلة جبال لبنان الشرقية، ويحظى حزب الله بتأييد أهالي معظم القرى المحيطة بالمنطقة».

لكن أيا من التقارير لم يجزم بأن هذا المعبر هو نقطة التهريب الرئيسية. فالقرى الممتدة من أقصى نقطة في شمال جبل الشيخ في جنوب لبنان الشرقي، وصولا إلى بلدة القصر الملاصقة لسهول ريف القصير «يعتبر معظمها الحاضنة الشعبية لحزب الله»، كما تؤكد مصادر مطلعة على الملف لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن تلك المنطقة «مفتوحة تقليديا على الجانب السوري، إذ كان يستخدمها المهربون لتهريب البضائع ومادة المازوت (السولار) من وإلى سوريا». غير أن منطقة شرق بعلبك «كانت الأكثر اتهاما بأنها تشهد تهريب الأسلحة السورية إليها»، نظرا لملاصقتها المواقع العسكرية السورية على جبل القلمون، والتي يحكم النظام سيطرته على مرتفعاتها.

وتشرح مصادر قيادية في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط» أن تلال القلمون «تعد مواقع تخزين السلاح الاستراتيجي السوري، بينها الأسلحة الكيماوية والصواريخ الباليستية»، مشيرة إلى أن تلك الجبال الشاهقة «محمية بعناصر اللواء 155 والفرقة الثالثة». وعلى الرغم من أن القرى المتاخمة لتلك الجبال في ريف الزبداني تشهد اشتباكات عنيفة ويسيطر الجيش السوري الحر على جزء منها «فإننا لم نرصد أي عبور لقوافل باتجاه الحدود اللبنانية». وتشير المصادر إلى أن المعابر التي يتدفق منها السلاح «سرية للغاية، وتغلفها الحكومة السورية وأجهزة مخابراتها بسرية بالغة، بحيث لا يطلع عليها إلا المؤتمنون من قيادة الجيش».

بالإضافة إلى هذا الخط، يتحدث المعارضون عن خط آخر يقع جنوب المصنع اللبناني، وهو مواجه لمدينة راشيا في البقاع الغربي. وتقول المصادر «هذا المعبر الذي يمر من قطنا، باتجاه قرية سورية حدودية صغيرة تُدعى رفلة، وصولا إلى الحدود اللبنانية وريف بلدة راشيا، هو معبر عسكري كانت تعتمده القوات النظامية السورية أثناء وجودها في لبنان، وتستخدمه لنقل معداتها العسكرية إلى مواقعها في البقاع الغربي». وفي حين تؤكد المصادر أن التهريب «مفتوح على كل الاحتمالات»، تشير إلى أن هذا المعبر «يمكن استثناؤه، نظرا لأن قرى راشيا لا تعتبر حاضنة لحزب الله، كما أن الطريق وعرة وقريبة من نقاط الرصد الإسرائيلية».

وتنفي المصادر أن تكون قد اطلعت على موقع قصف القافلة التي زعمت الإدارة الأميركية بأن الطائرات الإسرائيلية قصفتها قبل يومين. وتقول المصادر «يوجد الجيش الحر في رنكوس ويبرود وعسال الورد والزبداني والنبك، لم يرصد المقاتلون أي غارة، ولا حتى حطاما لشاحنات ضربتها الطائرات الإسرائيلية»، مشيرة إلى أن جرود تلك القرى «عُرفت بأنها طرق التهريب التقليدية التي يعتمدها المهربون في جبل القلمون».

وفي ظل عدم رصد المعارضة للقافلة التي تحدث البنتاغون عن ضربها، تشير المصادر العسكرية السورية المعارضة في ريف دمشق إلى «تحول خطوط التهريب باتجاه نقاط العبور الشرعية على الحدود اللبنانية».