4 انتحاريين يقتحمون مقر قيادة شرطة كركوك.. والضحايا 135 قتيلا وجريحا

سيارة مفخخة هاجمت المقر أولا أعقبها هجوم نفذه 3 مسلحين يرتدون أحزمة ناسفة

عناصر أمن يعاينون موقع انفجار السيارة المفخخة في كركوك أمس (أ.ب)
TT

قتل 33 شخصا على الأقل وأصيب أكثر من مائة آخرين بجروح في هجوم بسيارة مفخخة تبعه هجوم انتحاريين مسلحين على مبنى قيادة الشرطة وسط مدينة كركوك أمس، وورد بين الجرحى العميد سرحد قادر قائد شرطة الأقضية والنواحي في المحافظة، الذي تم نقله إلى مستشفى في أربيل بعد إصابته بظهره، فيما لم تستبعد قائد شرطة المحافظة اللواء جمال طاهر أن يكون هو المستهدف بالهجوم.

وأفاد شهود من عناصر الشرطة أن الانتحاري الذي اقتحم البوابة الرئيسية كان يستقل سيارة مطلية بنفس طلاء سيارات الشرطة، وبعد التفجير الذي تسبب بأضرار بالغة بالمباني والمحال التجارية القريبة من المدخل الرئيسي، اقتحم ثلاثة مسلحين يرتدون أحزمة ناسفة متنكرين بزي الشرطة المقر في محاولة للوصول إلى المدخل الرئيسي للبناية. وقال العميد ناطح محمد صابر، مدير عام الدفاع المدني في المحافظة، أن المسلحين كانوا يحملون قنابل يدوية وأسلحة خفيفة واشتبكوا مع الشرطة عند الباب الرئيسي وقتلوا جميعهم قبل أن يفجروا أنفسهم.

ويبدو أسلوب الهجوم مطابقا لعمليات سابقة نفذها تنظيم القاعدة ضد مراكز أمنية في بغداد والأنبار وصلاح الدين وحتى كركوك ذاتها، بهدف السيطرة على المبنى المستهدف وإلحاق أكبر ضرر ممكن فيه.

وقال العميد سرحد قادر وهو راقد في المستشفى لوكالة الصحافة الفرنسية إن المهاجمين حاولوا على ما يبدو تحرير سجناء لأن هجومهم كان منظما، وأوضح: «كنا داخل المبنى حينما وقع الانفجار الأول، وخرجنا على الفور ورأيت مسلحين اثنين يرتديان زي الشرطة يحاولان اقتحام المبنى فقتلا بعد الاشتباك معهما». وأضاف: «دخل عدد آخر من المسلحين وهم يلقون بقنابل يدوية ويحملون أسلحة، وجرى اشتباك معهم وتمكنا من قتلهم جميعا» دون تحديد عددهم.

واحترق عدد كبير من السيارات المدنية بينما انتشرت أشلاء الضحايا وغطت الدماء مساحات واسعة في موقع الانفجار الذي أثار الهلع والخوف بين المواطنين الذين وصل عدد منهم بحثا عن أقرباء لهم وسط الركام الذي خلفه الانفجار، وقال كوسرت حسن كريم، وهو شاهد عيان، «كنت قريبا عندما وقع الانفجار، وشاهدت مركبة تقف عند نقطة تفتيش للمدخل». وتابع: «وفي لحظات انفجرت المركبة أثناء قيام الحراس بفحصها» مضيفا: «كان تفجيرا مروعا ورأيت الجثث ملقاة في كل مكان». من جهة أخرى، قال محمد عزيز وهو موظف في شركة الاتصالات الواقعة في الجهة المقابلة للبوابة، لقد «شاركت في إجلاء عدد من الجثث من داخل الشركة الاتصالات جميعهم أصيبوا بالرأس». وتعرض مبنى شركة الاتصالات وهي شركة عامة تابعة للدولة لكن معظم شركات الهاتف الجوال تستخدم البناية لارتفاع طوابقها، إلى دمار كبير، وقال عزيز إن الموظفين أصيبوا بالخوف والهلع من شدة التفجير.

وبحسب المعلومات المتسربة من قيادة شرطة المحافظة، فإن الهدف من تلك الهجمة كان اغتيال اللواء جمال طاهر قائد شرطة المدينة الذي كان موجودا داخل المبنى وقت الهجوم ونجا. وفي اتصال معه اكتفى اللواء طاهر بالبيان الذي أصدره محافظ المدينة نجم الدين كريم حول الحادث وملابساته، لكنه رد على سؤال «الشرق الأوسط» عما إذا كان هو المستهدف بالهجوم بالقول: «نحن مستهدفون من اللحظة التي توافدت فيها المجموعات الإرهابية إلى العراق».

في غضون ذلك ألقت قيادة الاتحاد الوطني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني بجانب من المسؤولية في هذا الحادث على عاتق الحكومة العراقية والجيش العراقي، وعزا النائب خالد شواني عن التحالف الكردستاني أسباب الحادث إلى التقصير والإهمال من جانب الجيش العراقي في المدينة، وأوضح شواني في تصريح أدلى به لموقع الاتحاد «بي يو كيه ميديا» أن «ضعف وإهمال الفرقة 12 من الجيش في أداء مهامها.. أوجد حالة من الفراغ الأمني في الحويجة وجنوب وغرب مدينة كركوك، والذي يسهل على الإرهابيين التحرك منها لتنفيذ جرائمهم الإرهابية». ودعا شواني الحكومة الاتحادية إلى محاسبة قادة الفرقة.

من جهته، أعرب المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني آزاد جندياني عن اعتقاده بأن «الأوضاع الأمنية المتشنجة في المناطق الكردستانية خارج إقليم كردستان (المناطق المتنازع عليها) مهدت الظروف الملائمة لتنفيذ العمليات الإرهابية ولعمليات التخطيط والتنفيذ من قبل الإرهابيين». وأضاف جندياني: «نؤكد لمواطنينا في العراق وكردستان خاصة في المناطق الكردستانية خارج الإقليم، بأننا سنحارب الإرهابيين وبقايا البعث الذين يحاولون القيام بأعمال إرهابية أو تخريب الأوضاع الأمنية في تلك المناطق» وتقع مدينة كركوك الغنية بالنفط على بعد 240 كلم شمال بغداد، وهي قلب المناطق المتنازع التي يطالب الأكراد بضمها إلى إقليمهم، الأمر الذي ترفضه بغداد بشدة. ويعتقد دبلوماسيون ومسؤولون أن النزاع حول هذه المناطق هو أخطر تهديد لاستقرار العراق على المدى البعيد، ويستغل المتمردون فقدان التنسيق بين الأجهزة الأمنية لشن هجمات دموية، مما تجعلها أكثر المدن العراقية عرضة للهجمات.