صورة أوباما بـ«بندقية صيد» تثير جدلا في أميركا

تسببت في تأجيج قضية «حيازة الأسلحة» بدلا من إخمادها

صورة أوباما ببندقية الصيد التي أثارت جدلا عقب نشر البيت الأبيض لها أول من أمس (رويترز)
TT

في يوم ميلاده الحادي والخمسين في أغسطس (آب) الماضي، ظهر الرئيس أوباما بصحبة مجموعة من الرفاق، ثم طار بمروحية متجها إلى كامب ديفيد. وهناك ارتدى سروالا جينزا وحمل بندقية صيد. وبعدها، قبل أن يحل الظلام، بدأ في ممارسة إطلاق النيران على أطباق من الطين.

قد ألتمس لك العذر إذا لم تصدق أن هذا خبر يستحق أن يتصدر العناوين الرئيسية. لكن في صباح السبت، نشر البيت الأبيض وروج لصورة لأوباما يطلق النيران على طبق طائر في المنتجع الرئاسي في ميريلاند.

كان معاونوه في البيت الأبيض يحاولون وضع حد لمصدر تشتيت متزايد، بينما كان الرئيس يخطط للضغط من جديد لحشد الدعم الشعبي لأجندة طموحة لتشديد قوانين حيازة الأسلحة، من خلال سفره إلى مينيسوتا يوم الاثنين. وأظهرت الصورة، التي التقطها مصور البيت الأبيض بيت سوزا، أوباما يرتدي نظارة شمسية ويصوب النيران من بندقية «براونينغ سيتوري 725»، يحملها على كتفه اليسرى، ودخانا أبيض يتصاعد من ماسورة البندقية. نشرت الصورة بعد أسبوع من قول أوباما في مقابلة أجراها مع مجلة «نيو ريبابليك» إنه يقوم بالتصويب بأسلحة نارية على أطباق طائرة في كامب ديفيد. وأدهش هذا الاعتراف المفاجئ – المعروف أن أوباما لديه هوايتا الغولف والتنس – الأوساط السياسية.

وطلب من جاي كارني، السكرتير الصحافي لأوباما، تقديم دليل على هذا في غرفة النشر الإعلامي. وسخر جون ستيوارت صاحب الدور الأساسي في برنامج «ذا ديلي شو» من هواية الرئيس التي كشف النقاب عنها حديثا. ورفض نشطاء حقوق حيازة الأسلحة، بل وشكك بعضهم في مواظبة أوباما على هواية التصويب بالأسلحة النارية على الأطباق الطائرة.. حتى أن إحدى عضوات الكونغرس من الحزب الجمهوري تحدت الرئيس في منافسة تصويب.

وقال ديفيد أكسلرود، مستشار منذ فترة طويلة لأوباما، في رسالة بريد إلكتروني: «إنني على يقين من أنهم قد نشروا الصورة لأنه كان هناك أشخاص يثيرون تساؤلات حول إجابته، وتلك التساؤلات تمثل مصدر تشتيت سخيفا في خضم مناقشة موضوع جاد. إنني أعرفه جيدا. وهو لا يتجمل. فإذا قال إنه يمارس هذه الهواية في بعض الأحيان، فإنني على يقين من صدقه. إنه ليس صيادا أو راميا ولا يزعم أنه كذلك».

وفي حواره مع «ذا نيو ريبابليك»، سئل أوباما عما إذا كان قد صوب النيران من بندقية، فأجاب: «نعم، بالفعل في كامب ديفيد، نحن نقوم بالتصويب على الأطباق الطائرة طوال الوقت». وبسؤاله عما إذا كان أفراد أسرته كلها يمارسون هذه الهواية، أجاب أوباما قائلا: «ليس جميع الفتيات، لكن في بعض الأحيان، يقوم ضيوفي بذلك. إنني أكن احتراما شديدا لتقاليد الصيد المتأصلة في الدولة منذ أجيال. وأعتقد أن هؤلاء الذين يتجاهلون ذلك يرتكبون خطأ فادحا».. ولكن بينما أوضح البيت الأبيض جليا يوم السبت أن الرئيس قد زاول هواية الرماية على الأطباق الطائرة على الأقل مرة واحدة، بدا من المحتمل أن يتسبب نشر الصورة في تأجيج المشاعر المتعلقة بالقضايا بدلا من إخمادها.

وقارن المستشارون الحاليون والسابقون لأوباما، هؤلاء المتشككين في براعته في ممارسة هواية التصويب على الأطباق الطائرة، بمجموعة من المحافظين الذين شككوا في حقيقة مولد أوباما في الولايات المتحدة، واستمروا في الضغط إلى أن نشر الرئيس شهادة ميلاد مطولة توضح أنه ولد في هاواي.

كتب ديفيد بلوف، كبير مستشاري أوباما (حتى الأسبوع الماضي) على موقع «تويتر» يوم السبت: «أيها المشككون، أدخلوا البهجة على قلوبنا. لتبدأ مؤامرات (الفوتو شوب)!». وكتب في وقت لاحق من اليوم نفسه: «يا له من يوم! استجمع المشككون في صحة الصورة التي نشرت لأوباما وهو يصوب النيران على الأطباق الطائرة كامل قوتهم في الرد. الأمر يسمح بأكثر قراءة مضللة للموقف». وأشار دان فايفر، كبير مستشاري أوباما، إلى هؤلاء الذين لم يصدقوا أن أوباما يمارس بالفعل هواية التصويب على الأطباق الطائرة، بوصف «المشككين».

على الجانب الآخر، لم يتأثر منتقدو أوباما في مجتمع حقوق حيازة السلاح بالصورة. ويقول أندرو أرولاندام، المتحدث باسم الرابطة الوطنية للبنادق: «إن صورة واحدة لا تمحو تاريخا طويلا من كل أشكال قوانين حظر الأسلحة والسيطرة عليها التي يمكن تخيلها». ووصف لاد إفريت، المتحدث باسم ائتلاف وقف العنف المسلح، الحادثة برمتها بأنها قضية هامشية. وقال: «إذا كانت هذه هواية يستمتع الرئيس بممارستها، فليباركه الرب. إنني لست منزعجا من هذه الصورة بدرجة تفوق انزعاجي من صورة تظهره يلقي صحن الفريسبي».

لم يؤكد البيت الأبيض ماهية السلاح الناري الذي استخدمه أوباما، لكن تجار السلاح والمتحمسين يقولون إنه يتضح من الصورة أنه كان يحمل «براونينغ سيتوري»، وهو موديل شائع بين من يمارسون تلك الرياضة. ويظهر تصميم البندقية العلوي والسفلي، ماسورتين، إحداهما تعلو الأخرى، مما يسمح بحمل البندقية وإطلاق رصاصتين.

ينبعث الدخان في الصورة من فتحات هواء في الماسورة، وهي خاصية تقلل من صدمة الارتداد وتسمح بالتصويب المباشر نحو الهدف. ويقول تجار أسلحة إن البندقية هي موديل متبق في المخازن من «براونينغ»، الذي يتراوح سعر بيعه بالتجزئة ما بين 2000 إلى 3000 دولار. وبحسب موقع «براونينغ» الإلكتروني، هناك بعض الموديلات المتاحة لمن يستخدمون اليد اليسرى، بها انحناءة بسيطة بالقرب من عقب البندقية – مع أنه لم يكن واضحا من الصورة ما إذا كان الرئيس الأعسر كان يستخدم واحدا منها أم لا. «بدا أنه كان يصوب النيران على أطباق طائرة أميركية عادية».. هذا ما قاله مايكل هامبتون رئيس رابطة النوادي الرياضية الوطنية. ويضيف: «إنه سلاح جيد.. إمكاناته الوظيفية عالية جدا ومطابق للمواصفات القياسية».

ظهرت الرياضة في مطلع القرن العشرين، حينما كان الصيادون يبحثون عن وسائل لممارسة رياضة الرماية وتحسين مهاراتهم فيها. وبمرور الوقت، تطور النشاط ليصبح رياضة مستقلة بذاتها. ثمة أشكال عديدة منها، جميعها تتعلق بمحاولة رام إسقاط طبق طائر وزنه 3 أوقيات تم إطلاقه من ماكينة ذات زنبرك.

وفي الرماية على الأطباق الطائرة – النشاط الذي صرح البيت الأبيض بأن أوباما كان يزاوله في كامب ديفيد – كانت الأهداف تطلق على ارتفاعات مختلفة وتطير عبر المجال البصري للرامي. وقال هامبتون إنه حتى المبتدئون يمكن أن ينمو لديهم بشكل سريع شعور بالرضا عن أنفسهم. وفي مباراة لإطلاق النار على 100 طبق، قال إنه حتى المبتدئون بإمكانهم إسقاط 25 أو 30 قرصا والوصول إلى مستوى قدرة متوسط.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»