الخطيب يرفض «التخوين» ويعلن استعداده للتفاوض مع الشرع

صالحي: نمد الأسد بالبنزين والقمح.. والجيش السوري كبير ولا يحتاج لمقاتلينا

متظاهران يرفعان علم الثورة السورية خارج المجلس الألماني للعلاقات الخارجية في برلين أمس، بينما كان وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي يلقي كلمة هناك (أ.ب) و في الاطار معاذ الخطيب
TT

وسط صمت دمشق المطبق، جدد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب أمس الدعوة للحوار مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد وطالبه بـ«موقف واضح» من موضوع الحوار لحل الأزمة المشتعلة في البلاد منذ مارس (آذار) 2011، وخاطب الأسد مباشرة قائلا له «انظر في عيون أطفالك وحاول أن تجد حلا وستجد أننا سنتعاون لمصلحة البلد». ومع ترحيب إيراني متزايد بموقف الخطيب المفاجئ بدعوته للحوار لحقن الدماء وإعلان طهران أنها ستواصل التفاوض مع المعارضة السورية، أكد الخطيب في مداخلة مع قناة «الجزيرة» الفضائية أمس وذلك غداة عودته من مدينة ميونخ الألمانية حيث التقى هناك بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإيراني علي أكبر صالحي ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه «يمد اليد» لنظام الأسد، متوجها إليه مباشرة بكلمات مختارة وبعيدة عن التشنج ليدعوه إلى «التعاون من أجل مصلحة الشعب».

وقال الخطيب «الآن النظام عليه أن يتخذ موقفا واضحا. نحن نقول سنمد أيدينا من أجل مصلحة الشعب ونساعد النظام على الرحيل بسلام. المبادرة الآن عند النظام، أما أن يقول كمبدأ نعم أو لا، ووقتها لكل حادث حديث»، وأضاف «أنا أقول يا بشار الأسد انظر في عيون أطفالك وحاول أن تجد حلا وستجد أننا سنتعاون لمصلحة البلد». وتابع «أنا أقول لك يا دكتور بشار هذا البلد معرض للخطر الشديد، ابتعد عن توحشك ولو قليلا. قبل أن تنام انظر في عيون أطفالك وسيعود لك جزء من إنسانيتك، وسنجد حلا»، حسبما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. وكان الخطيب أعلن في 30 يناير (كانون الثاني) استعداده المشروط «للجلوس مباشرة مع ممثلين عن النظام»، مسجلا خيبة أمله من غياب الدعم الدولي للمعارضة.

وتمثل شرطاه بالإفراج عن «160 ألف معتقل» في السجون السورية وتجديد جوازات سفر السوريين الموجودين في الخارج. وجوبه موقفه بانتقادات من بعض المعارضين، قبل أن يعلن الائتلاف المعارض في بيان صدر عن هيئته السياسية أن «أي حوار يجب أن يتركز على رحيل النظام». ورفض الخطيب «تخوين» كل من يتكلم عن التفاوض، قائلا «شعبنا يموت ولن نسمح بذلك». وأكد أن «المبادرة السياسية» التي تقوم بها المعارضة من أجل حل الأزمة «يجب أن تؤدي إلى رحيل النظام، وأؤكد على رحيل النظام، (...) وهذا كان محور الحديث مع كل الأطراف التي تم اللقاء بها». وأوضح الخطيب أمس «العقلية البعثية عودت الناس أن كل كلام عن التفاوض هو نوع من التخوين. النبي عليه الصلاة والسلام جلس مع كفار قريش العتاة ليفاوضهم. القيادة الفيتنامية جلست سنوات في باريس تتفاوض مع الأميركان وشعبها تحت القصف. لم يخون أحد القيادة ولا أحد اعتبر ذلك نوعا من التنازل. هذه عقيدة بعثية فيروساتها دخلت في بعض المعارضين للأسف». وختم «شعبنا يموت ولن نسمح بذلك». وكان الخطيب يرد على سؤال حول مضمون المحادثات التي أجراها خلال نهاية الأسبوع في ميونيخ.

وأعلن الخطيب لاحقا أنه مستعد للتفاوض مع فاروق الشرع النائب السني للرئيس السوري، لكن المحادثات ينبغي أن تقوم على مبدأ رحيل النظام.

وأضاف الخطيب في تصريحات لتلفزيون «العربية» إنه طلب من إيران نقل مبادرته إلى حكومة الأسد.

من جانبه، أعلن وزير الخارجية الإيراني أمس من برلين تعليقا على أول اجتماع له مع الائتلاف السوري أن المحادثات «كانت مثمرة جدا وقررنا مواصلتها».

وحول الدعم الإيراني للنظام، قال صالحي إن الحكومة السورية ليست بحاجة لمقاتلين أجانب لإخماد الانتفاضة، وأضاف «جيش سوريا كبير بما فيه الكفاية ولا يحتاجون إلى مقاتلين من الخارج»، ومضى يقول حسب وكالة رويترز «نحن نمنحهم (حكومة الأسد) الدعم الاقتصادي. نرسل البنزين ونرسل القمح. نحاول إرسال بعض الكهرباء لهم من خلال العراق ولم ننجح».

في الوقت نفسه في دمشق، جدد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي في مؤتمر صحافي عقده إثر محادثات مع المسؤولين السوريين وعلى رأسهم الأسد، دعم بلاده للنظام. وقال، بحسب الترجمة الرسمية لكلامه إلى العربية، إن بلاده دعت إلى اجتماع بين الأطراف السوريين يعقد في دمشق «حتى نثبت أن هذا الحوار هو سوري وكل مؤلفات المجتمع السوري موجودة فيه»، وأضاف «ندعم مشاركة الجميع في سوريا بهذا الحوار»، مشيرا إلى أن «المبادرة التي طرحها السيد بشار الأسد تستطيع أن تكون الأساس المناسب له». وطرح الأسد في السادس من يناير (كانون الثاني) «حلا سياسيا» للأزمة المستمرة في بلاده منذ أكثر من 22 شهرا يقوم على أن تدعو الحكومة الحالية إلى مؤتمر حوار وطني يتم خلاله التوصل إلى ميثاق وطني يطرح على الاستفتاء، ثم يتم تشكيل حكومة تشرف على انتخابات نيابية، لكنه لم يأت على ذكر تنحيه عن السلطة. وفي تفاعلات الغارة الإسرائيلية قرب دمشق، أكد جليلي في مؤتمره الصحافي أمس أن إسرائيل «ستندم على عدوانها» على سوريا.

وأقرت إسرائيل ضمنا أول من أمس بأنها نفذت الغارة في سوريا بعدما لزمت الصمت حول هذا الموضوع على مدى أيام.

وقال جليلي إن «الكيان الصهيوني سيندم على هذا العدوان الذي قام به ضد سوريا مثلما ندم على حروب الـ33 يوما، والـ22 يوما، والثمانية أيام»، في إشارة إلى حرب يوليو (تموز) 2006 بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان، وحربي غزة في نهاية 2008 وفي 2012.

وأضاف في المؤتمر الذي نقل مباشرة على التلفزيون الرسمي السوري، «الشعب والحكومة السورية جادون بهذا الموضوع والعالم الإسلامي يدعم سوريا».

وأشار جليلي الذي التقى الأسد أول من أمس إلى أن «سوريا تقع في الجبهة المتقدمة من العالم الإسلامي في مجابهة الكيان الصهيوني»، مضيفا أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي هي حاليا في الرئاسة الدورية لمجموعة دول عدم الانحياز ستستفيد من كل علاقاتها (...) لدعم سوريا ضد العدوان الصهيوني».

وعلى الجبهة الدبلوماسية أيضا، بدأ نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أمس زيارة تستغرق أربعة أيام إلى الصين، حليفة النظام السوري، «للدفع في اتجاه حل سلمي للمسألة السورية»، بحسب وزارة الخارجية الصينية.