عبد العزيز بلخادم: باق في الجزائر.. وترشحي مجددا لقيادة الحزب أمر سابق لأوانه

الأمين السابق لجبهة التحرير الجزائرية يقول في حوار مع «الشرق الأوسط» إن التقويميين لم يهزموه بل السبب غدر شركائه

TT

فند عبد العزيز بلخادم، الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني الجزائرية، حزب الأغلبية، في حوار خص به «الشرق الأوسط» في الجزائر العاصمة، تقارير تشير إلى نيته مغادرة الجزائر والاستقرار بالمملكة العربية السعودية، وتطليق السياسة بعد أن أطيح به من قيادة الحزب بعد سحب الثقة منه أثناء اجتماع اللجنة المركزية للجبهة نهاية الشهر الماضي. وأكد بلخادم قائلا: «أنا لا أملك سوى جنسية واحدة هي الجنسية الجزائرية. الجزائر بلدي ولا أملك غير الجزائر، وأنا باق فيها، وباق لكي أواجههم في اللجنة المركزية»، في إشارة إلى خصومه. وبشأن ترشحه مجددا لرئاسة الحزب، قال بلخادم: «هذا الأمر سابق لأوانه، أنا لا أتحدث لا عن ترشح ولا عن شيء آخر، أنا أتحدث عن الحزب الذي ينبغي أن يسير من طرف أناس يخدمون مصالحهم الشخصية، بقدر ما يخدمون الحزب»، وأضاف: «أنا في نيتي مواصلة نضالي في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني، لعدم تمكين الذين يريدون حكم الحزب لتحقيق مآرب شخصية.. سأعمل على عدم تمكينهم من الحزب، وهذا بالنضال في اللجنة المركزية». وفي ما يلي نص الحوار..

* ما تعليقكم على نتائج اللجنة المركزية وسحب الثقة من شخصكم أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني؟

- أنا خرجت مرفوع الرأس، ونتائج الحزب المشرفة تتحدث، وهي نتائج لم يحققها الحزب منذ إقرار التعددية في البلاد. وأنا بانسحابي كرست الممارسة الديمقراطية في الحزب من خلال اعتماد صندوق الاقتراع بعيدا عن الانقلابات. وأنا أقول إن المسؤولية أيام، والنضال دوام، «وتلك الأيام نداولها بين الناس»، لذلك، فهذا الأمر ليس مدعاة للحزن أو القلق.

النتائج تتحدث عن واقع لا يمكن أن ينكره أي عاقل، وفي العهد الذي كنت فيه مسؤولا عن الحزب، حقق هذا الأخير أفضل النتائج في الانتخابات التشريعية والمحلية منذ انطلاق التعددية. وأنا كرست الممارسة الديمقراطية في التداول على المسؤوليات عبر الصندوق، الشيء الذي يشرفني ويجعلني أخرج مرفوع الرأس.

وحينما نتحدث عن نتائج سحب الثقة، فإن الفارق بين من يجدد ومن يسحب الثقة، هو أربعة أصوات فقط، وأنا أقول بملء فمي، لم يهزمني التقويميون، ولم يقض خصومي علي، بقدر ما هزمني وغدر بي بعض من كان شريكا لي في اتخاذ القرارات، من أعضاء اللجنة المركزية الوزراء، الذين عينتهم في المكتب السياسي، وكنت أعدهم أصحابي وهم: عمار تو، والطيب لوح، ورشيد حراوبية، وعبد العزيز زياري. فإذا خصمنا هذه الأصوات من عدد الذين سحبوا ثقتهم، تجدوا أنها عززت الثقة في شخصي، من طرف أعضاء اللجنة المركزية، وبالطبع ثمة من يريد أن يبرر هذا، لإخفاء ما وراءهم من نوايا، من غدر وخديعة، هؤلاء مثل الذي يعين نفسه قاضيا ثم يعلن لنفسه البراءة.

وأجدد القول إنني خرجت مرفوع الرأس خلافا لما تروجه الإشاعات.. أنا مرتاح ومطمئن البال، وأستطيع أن أرى الناس في أعينهم، بينما بعض الناس لا يستطيعون أن يروني بأعينهم.

* تعيين أمين عام جديد سيتم خلال دورة طارئة للجنة المركزية في الفترة المقبلة، هل في نيتكم الترشح مجددا لتولي الأمانة العامة؟

- لا. أنا في نيتي مواصلة نضالي في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني، للحيلولة دون تمكين الذين يريدون حكم الحزب لتحقيق مآرب شخصية. سأعمل على عدم تمكينهم من الحزب، وهذا بالنضال في اللجنة المركزية.

* لكن هل في نيتكم الترشح للأمانة العامة مجددا؟

- الترشح لمنصب الأمين العام أمر سابق لأوانه.. أنا لا أتحدث لا عن ترشح، ولا عن شيء آخر.. أنا أتحدث عن الحزب الذي ينبغي أن يسير من طرف أناس يخدمون مصالحهم الشخصية، بقدر ما يخدمون الحزب.

* الملاحظ أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي هو الرئيس الشرفي للحزب، التزم بالصمت خلال هذه الأزمة، ولم تصدر عنه أية تصريحات في هذا الشأن، وكل طرف يدعي أنه مدعوم من طرف الرئيس.. ما موقف الرئيس مما يجري حاليا داخل الحزب؟

- أنا قلت قبل عملية الشروع في التصويت خلال أشغال اللجنة المركزية، إن الرئيس هو رئيس كل الجزائريين، وهو رئيس الحزب، ولا يمكنه أن يكون مع طرف ضد طرف آخر، وبالتالي هو ترك الممارسة الديمقراطية داخل الحزب، والعمل الذي قمنا به هو عمل مشرف لحزبنا، والعملية كانت شفافة من خلال العودة إلى الهيئة الناخبة الممثلة في اللجنة المركزية، إلى جانب الفرز العملي والتصويت السري. ولا أعتقد أنه من مصلحة الحزب، أو من مصلحة الرئيس، أو من مصلحة البلاد، أن يكون الرئيس بوتفليقة في خندق ضد خندق آخر، لأنه رئيس لكل الجزائريين، وهو رئيس كل المناضلين في حزب جبهة التحرير الوطني.

* بعض التقارير تشير إلى أن هناك تعليمات فوقية صدرت من أجل رفع أشغال اللجنة المركزية، في الوقت الذي دعوتم فيه أنتم إلى ضرورة انتخاب أمين عام جديد خلال أشغال هذه اللجنة، وهو ما رفضه الجناح المعارض لكم؟

- لا توجد تعليمات فوقية ولا تحتية، الشيء الذي اقترحته هو الذي اعتمد.. أنا اقترحت في اليوم الثاني من أشغال اللجنة المركزية أن تشكل لجنة لتلقي الترشيحات، وأن يمكن المكتب السياسي من تسيير شؤون الحزب إلى حين انتخاب أمين عام جديد، وهذا ما حدث.. أما الحديث عن تعليمات فوقية أو تحتية، فهذا كذب وافتراء. لم تصدر أية تعليمات لا فوقية ولا تحتية ولا حتى جانبية.

لقد انتهت أشغال اللجنة المركزية خلال الأيام الثلاثة المرخص لها، من طرف وزارة الداخلية، ولأننا لم نتمكن من انتخاب أمين عام جديد، لأن الخصوم الذين كانوا يريدون رحيلي لم يتفقوا على مرشح محدد، وطبقا للمادة التاسعة من النظام الداخلي للحزب، فقد بقيت اللجنة المركزية وبقي المكتب السياسي يسير شؤون الحزب، إلى أن نتمكن من عقد دورة طارئة تقدم فيها الترشيحات، وينتخب فيها أمين عام جديد.

* خلال هذه المرحلة، هل سيكون لكم دور في الحزب؟

- طبعا أنا عضو في اللجنة المركزية، ومثلي مثل باقي الأعضاء الآخرين، نتشاور من أجل انتخاب الذي نراه الأقدر على تسيير شؤون الحزب، بعيدا عن المحسوبية، وبعيدا عن المصالح الشخصية، وبعيدا عن الجهوية، وعن الانتقام أيضا.

* لكن الجناح المعارض لكم يتهمكم بهذه الاتهامات.. هم يتحدثون عن انتشار العديد من السلوكيات غير القانونية خلال فترة ولايتكم، خاصة ما سموه «تقديم أصحاب المال القذر» على المناضلين الحقيقيين الذين يمتلكون تاريخا من النضال، ولديهم كفاءة..

- هذا غير صحيح، وأنا أقول لهم: ما الذي جمعكم بمطعم في «دالي إبراهيم» بأعالي العاصمة ليلة 31 يناير (كانون الثاني) الماضي؟ ألم يعقد هذا الاجتماع مع أصحاب المال الذين هم من جماعتكم؟ من الذي كان يوزع الأموال في اليوم الثاني من أيام انعقاد اللجنة المركزية؟ أليس هم أصحاب المال الذين هم من جماعتكم؟ فهذا الكلام مردود عليهم، ولدينا الدليل على أن هؤلاء هم من يستعملون الوسائل القذرة، من أجل الإطاحة بالشرعية، وبالأمين العام.

* بشأن مساركم السياسي خلال الفترة المقبلة، أشارت تقارير صحافية نشرت أمس نقلا عن مصادر مقربة منكم، إلى أنكم تنوون مغادرة الجزائر، والاستقرار في المملكة العربية السعودية وتطليق السياسة، هل هذا صحيح؟

- (يضحك مطولا) أنت تتحدث معي وأنا في الجزائر العاصمة. فعلا هذا أمر غريب، صرت أشكل عليهم خطرا إلى درجة أنهم يردونني أن أخرج من بلدي.. وأنا أقول لهم أنا لا أملك سوى جنسية واحدة هي الجنسية الجزائرية، خلافا للبعض منهم.. الجزائر بلدي، ولا أملك غير الجزائر.. وأنا باق فيها، وباق لكي أواجههم في اللجنة المركزية ما دمت عضوا فيها.. سنكون لهم بالمرصاد، وسنحول دون السماح للرداءة بالتمكن من قيادة الحزب.

* البعض يقول إن مظاهر الحزن والتأثر الشديد كانت بادية عليكم بعد نزع الثقة منكم، وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول إنكم ارتشفتم إبريقا من القهوة من شدة التأثر والحزن؟

- (يضحك مجددا) أنا أدعو هؤلاء إلى مشاهدة التقارير التلفزيونية لمختلف القنوات التي تابعت أشغال اللجنة المركزية لحظة بلحظة.. الصور التي بثتها هذه القنوات سواء العمومية أو الخاصة قبل وأثناء وبعد عملية التصويت، تثبت أنني كنت جد مرتاح ومبتسما وضاحكا، وذلك خلافا لما يشاع. أنا مطمئن البال ومرتاح والحمد لله.

إن ما يهمني هو أن يبقى الحزب القوة السياسية في البلاد، وأن يتماسك المناضلون، ويعمل الجميع من أجل تكريس الممارسة الديمقراطية في الحزب، بعيدا عن الانقلابات وبعيدا عن المؤامرات، وبعيدا عن الافتراءات والكذب، وأن يحرص الجميع على خدمة الحزب لا خدمة مصالحهم الشخصية.

* خلال إشرافكم مؤخرا بصفتكم أمينا عاما للجبهة على احتفالية بمناسبة ذكرى وفاة المرحوم عبد الحميد مهري، الذي أطيح به من رئاسة الحزب عبر انقلاب أبيض، تحدثتم عن مناقب الراحل، وقلتم إنه لم يترك الحزب على أزمة من بياض، وإنكم تقتدون به، واتهمكم خصومكم بتهميش مهري حينما كان حيا، لذلك الحديث عن الاقتداء به هو استغلال لاسم الراحل، وهو أمر غير مقبول؟

- لا.. الأستاذ مهري رحمه الله هو أستاذنا وكبيرنا، وقدوتنا ومثالنا، ولست أنا من يعمل على عزل أو تهميش أو التغطية على أفكار الأستاذ مهري، لأنني كنت أشاطره طرحه السياسي حينما كان أمينا عاما، وهو قدوتي ومثلي في النزاهة والترفع وبعد النظر. هؤلاء يريدون أن يزرعوا الفتنة بيني وبين الإخوة المحبين للمرحوم مهري، ويريدون زرع الفتنة بيني وبين الرئيس، ويريدون زرع الفتنة أيضا بيني وبين المناضلين الذين يريدون أن يسير الحزب من طرف أناس نزهاء.