المغرب: تضارب الأنباء بشأن مراجعات فكرية لسجناء السلفية الجهادية

قيادي في «النهضة والفضيلة الإسلامي» يؤكد عقد لقاءات مع سجناء متشبثين بثوابت البلاد

TT

رفض ما يسمى «أمير حركة المجاهدين المغاربة» سابقا، والمعتقل حاليا بسجن طنجة (شمال المغرب) بتهمة الإرهاب، تبني أي مبادرة للمصالحة مع الدولة المغربية من خلال إعلان السجناء الإسلاميين عن مراجعات فكرية يمكن أن تفضي إلى الإفراج عنهم، في حين أكد مصدر حزبي وجود مبادرة المصالحة.

وكان قد أعلن أخيرا عن استعداد عدد من «سجناء السلفية الجهادية» للتراجع عن أفكارهم من خلال مبادرة أطلقها حسن الخطاب، زعيم «جماعة أنصار المهدي» المعتقل بسجن سلا، والمحكوم بالسجن مدة 30 سنة، برعاية من حزب «النهضة والفضيلة»، ذي المرجعية الإسلامية. وقال محمد نكاوي، «أمير حركة المجاهدين» سابقا، المعتقل منذ 2003 والمحكوم عليه بالسجن مدة عشرين سنة، في بيان كتب بلغة حادة، وزعته أمس (الاثنين) «اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين» إن «المحاولات الدؤوبة للنفخ في رماد المبادرات العقيمة، وإحياء المراجعات الممسوخة هو إفلاس حقيقي يكشف ما وضح لدينا من ازدواجية المعايير، وبوار سياسة الاحتواء والاشتمال». وزاد قائلا: «إننا في مرحلة فاصلة ما بعد ثورات الشعوب ونداء الحرية والكرامة، ولا ينبغي أن نولي تلك التجارب العقيمة أي اهتمام؛ إذ إنها لم تفلح في مصر وليبيا ودول أخرى في تكريس التدجين والإدخال في بيت الطاعة والإذلال ومسح الكرامة وإراقة ماء الوجوه»، على حد اعتقاده.

وأضاف نكاوي، زعيم الحركة التي كانت تنشط في الخارج منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي «نعلن براءتنا من محاولات الزج بنا في مشاريع تتنافى مع خطاب إشهار المظلومية وتدفع بنا في دوامة لا صلة لنا بها. لذلك نؤكد انتفاء أي صلة لنا بما يروجه بعض الأدعياء في الآونة الأخيرة من تراجعات في بعض السجون». من جانبه، نفى أنس الحلوي، عضو اللجنة المشتركة للدفاع عن السجناء الإسلاميين لـ«الشرق الأوسط» وجود مبادرة للمصالحة بين الدولة والسجناء الإسلاميين تقوم على أساس مراجعة هؤلاء السجناء لمعتقداتهم وأفكارهم، كشرط للإفراج عنهم، وقال إن ما تردد من اعتزام 400 سجين التراجع عن أفكارهم غير صحيح، وأضاف أن ما حدث هو أن حسن الخطاب أبلغ عدد من السجناء الإسلاميين بأنه بصدد إعداد لائحة طلب العفو، وطلب من الراغبين الاستفادة من العفو تدوين أسمائهم وتوقيعاتهم حيث لم يتجاوز عدد الموقعين 50 معتقلا. وأضاف الحلوي أن هذه المبادرة تمت بوساطة من حزب «النهضة والفضيلة»، مشيرا إلى أن عددا من السجناء الموقعين شعروا بأنهم كانوا ضحية تدليس عندما أعلن فيما بعد أن الأمر يتعلق بمبادرة للمصالحة ومراجعة الأفكار، وليس مجرد طلب للعفو، وقال من المرتقب أن يصدر السجناء الإسلاميون خلال الأيام المقبلة بيانا مضادا لأن أغلبهم، وعددهم الإجمالي نحو 700 سجين، سجنوا بسبب تهم ملفقة، بحسب اعتقاده.

من جانبه، قال محمد خليدي، الأمين العام لحزب «النهضة والفضيلة» لـ«الشرق الأوسط» إن حزبه «منذ نشأته وهو يطالب بالمصالحة والوطنية، ومع اعتماد الدستور الجديد، أعدنا مبادرة المصالحة إلى الواجهة للمطالبة بطي ملف السجناء الإسلاميين مثل ما حدث مع المعتقلين اليساريين في السنوات الماضية». وأوضح خليدي أنه توصل بعدد من الرسائل من السجناء يبدون فيها استعدادهم للمصالحة، منهم عبد القادر بلعيرج، وحسن الخطاب، وأضاف أنه تم عقد عدة اجتماعات مع هؤلاء السجناء في عدد من السجون، بتنسيق مع السلطات المعنية، أكدوا خلالها أنهم متشبثون بثوابت البلاد، وليس لديهم أي نية لزعزعة الاستقرار، مشيرا إلى أن المبادرة انخرط فيها نحو مائة سجين.

وأكد خليدي أن «الأمر لا يتعلق بمراجعات فكرية؛ لأن المراجعة الفكرية تخص الشيوخ أما هؤلاء السجناء فمعظمهم لهم مستوى فكري محدود وليس لديهم ما يراجعونه»، مشيرا إلى أن هؤلاء السجناء يعتقدون أن الأحكام التي صدرت ضد عدد منهم كانت مبالغ فيها ومرتبطة بسياق الحرب العالمية ضد الإرهاب، ويستشهدون بأن العاهل المغربي الملك محمد السادس نفسه أكد في حوار مع صحيفة «الباييس» الإسبانية عام 2005، أنه حدثت تجاوزات أمنية عقب أحداث 16 مايو (أيار) 2003 بالدار البيضاء. وقال خليدي إنه سيسلم في القريب تقريرا بشأن هذه المبادرة إلى الجهات المعنية، وردا على سؤال حول أسباب فشل مبادرات المصالحة التي أطلقت من قبل، أقر خليدي أن المصالحة تتطلب وقتا، بيد أن الإرادة متوفرة لطي هذا الملف الذي من المفترض أن يسهم في حله مختلف الأطراف، منوها إلى الجهود التي تقوم بها في هذا الصدد عدد من الجمعيات الحقوقية.