ربع مليون فلسطيني نزحوا من مخيمات سوريا يتشاركون العوز ويطالبون بالإغاثة

أبو فاعور: النزوح السوري والفلسطيني يعيد استنفار الكثير من الهواجس التاريخية

TT

26 نازحا يقيمون في منزل واحد قوامه 3 غرف في مخيم عين الحلوة في صيدا (جنوب لبنان). نزح هؤلاء قبل شهرين من مخيم اليرموك في دمشق، هاربين من موجة العنف التي ضربت المخيم، ويتقاسمون مع آلاف الفلسطينيين الذين نزحوا إلى لبنان مآسي الحاجة والعوز. يحتاج هؤلاء إلى كل شيء، لكن إيجار المنزل وتكلفة الطبابة أكثر ما يرهق كاهلهم، ويطالبون بإغاثتهم، شأنهم شأن ربع مليون فلسطيني نزحوا من مخيمات سوريا إلى الأردن ولبنان والمدن السورية الآمنة.

وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن الأحداث التي تشهدها سوريا أدت إلى تهجير نصف اللاجئين الفلسطينيين من البلاد، مشيرة إلى أن الكثير منهم يحتاجون إلى مساعدة إنسانية.

وأفادت «الأونروا» في بيان لها بأن «الحرب المندلعة في سوريا أدت إلى تهجير 250 ألفا من أصل 500 ألف فلسطيني يعيشون في هذا البلد، بينما لجأ 20 ألفا إلى لبنان ونحو 3500 إلى الأردن». وكان المفوض العام لـ«الأونروا»، فيليبو غراندي، أكد أن «نحو 525 ألف لاجئ فلسطيني في سوريا يعانون» من النزاع، مشيرا إلى أنهم على وشك أن يصبحوا «لاجئين مزدوجين».

غير أن الأرقام في لبنان تتخطى، بحسب مصادر فلسطينية، هذا الرقم. وقال مصدر بارز يعمل على متابعة ملف النازحين من سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الرقم «كان دقيقا قبل 15 يوما»، مشيرا إلى أن عدد النازحين من سوريا «إلى ازدياد».

وأوضح المصدر أن 3400 عائلة فلسطينية نزحت من سوريا يقيم أفرادها في مخيمات الجنوب في صيدا وصور وإقليم الخروب، بينما تستضيف مخيمات الشمال نحو 1800 عائلة، ويستضيف البقاع (شرق لبنان) نحو 2200 عائلة، لافتا إلى أن متوسط أفراد كل عائلة يعد بخمسة أشخاص.

وتعاني مخيمات لبنان اكتظاظا سكانيا فوق العادة، «لكن أسعار الإيجارات المنخفضة نسبيا في المخيمات إذا ما قورنت بتكلفة الإيجارات خارج المخيمات تجعلها مقصدا رئيسيا بالنسبة لفلسطينيي سوريا»، يقول المصدر: «أسعار الإيجارات في المخيم تتراوح بين 200 و250 دولارا لمنزل يتراوح حجمه بين غرفتين وثلاث غرف، وهو ما يدفع نحو أربع عائلات للإقامة في منزل واحد». ويوضح أن معدل إقامة الأشخاص في غرفتين في مخيم عين الحلوة مثلا هو 18 شخصا.

وبالإضافة إلى إيجارات المنازل، تثقل تكلفة الاستشفاء والطبابة كاهل النازحين الفلسطينيين إلى لبنان. ويقول مصدر من عين الحلوة لـ«الشرق الأوسط» إن «(الأونروا) لا تغطي أكثر من 30 في المائة من تكلفة العلاج، ما يضع النازحين أمام تحديات اقتصادية كبيرة»، مؤكدة أن معظمهم «لا يستطيعون دفع الـ70 في المائة من فاتورة الاستشفاء».

لكن رئيس منطقة لبنان الوسطى في «الأونروا» محمد خالد، يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن معاملة النازحين الفلسطينيين من مخيمات سوريا، لا تختلف عن معاملة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان. ويؤكد خالد أن «الأونروا» منذ وصولهم إلى لبنان «تقدم لهم الرعاية الطبية، أما مساعدات الإغاثة فتبدأ (الأونروا) بتوزيعها بدءا من يوم الأحد المقبل في العاشر من فبراير (شباط) الحالي».

ويوضح خالد أن مساعدات الإغاثة «ستكون موزعة على 20 ألف فلسطيني جرى تسجيلهم في بيانات المنظمة الدولية»، مشيرا إلى أن كل فرد «سيحصل على 20 دولارا بدل ملابس، بينما تحصل كل عائلة على مساعدة قيمتها 130 دولارا بدل مأوى».

ويؤكد خالد أن رقم النازحين الفلسطينيين «ارتفع من إحصاء عيد الميلاد الماضي من 17 ألف نازح مسجل في القيود إلى 20 ألف نازح»، لافتا إلى أن «الرقم قد يكون تخطى ذلك خلال الأسبوع الماضي».

ويوجد في سوريا نحو 10 مخيمات للاجئين الفلسطينيين، ويتعرض أكبر هذه المخيمات، اليرموك، جنوب دمشق، لمشكلات وظروف صعبة في ظل الصراع الدائر في البلاد. وبحسب إحصاءات فلسطينية، يبلغ عدد الفلسطينيين في سوريا 620 ألف لاجئ.

وتعرضت عدة أحياء ومخيمات فلسطينية، خصوصا في دمشق وريفها، في الآونة الأخيرة لهجمات وعمليات قصف أسفرت عن سقوط العشرات من اللاجئين الفلسطينيين، بينهم أطفال ونساء، في ظل أوضاع إنسانية سيئة، ونشوء حركة نزوح داخلية وخارجية. وتستضيف المناطق الآمنة في سوريا العدد الأكبر من النازحين الفلسطينيين من المخيمات. وتشير مصادر المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حركة النزوح الرئيسية «جاءت باتجاه مناطق ريف دمشق مثل مناطق السيدة زينب، والغوطة الغربية»، بينما توزع آخرون على «أحياء آمنة في حمص والقامشلي والحسكة، كما اتجه البعض منهم إلى السويداء والقنيطرة».

وفي سياق ذي صلة، أعرب وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني وائل أبو فاعور عن خشيته من أن يؤدي تدفق المزيد من اللاجئين من سوريا إلى حدوث انفجار اجتماعي واقتصادي في لبنان.

وقال أبو فاعور أمس: «ليس هناك من قدرة لاستيعاب هذا العدد الفائض. أخاف أن يؤدي هذا الأمر إلى انفجار اجتماعي اقتصادي في لبنان لأننا بدأنا نلاحظ عمليات توتر شديدة بين المجتمع اللبناني المستضيف وبين النازحين السوريين نتيجة أن هذا النازح السوري... يقاسم اللبناني في كل شيء».

وأضاف في مقابلة مع وكالة «رويترز» أن هناك قلقا لبنانيا من أن تزايد «الأعداد بات يخلق الكثير من الضغوطات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والديموغرافية في لبنان».

وقال أبو فاعور: «النزوح السوري والفلسطيني الجديد قد يكون، بل هو بالتأكيد أكبر تحدٍّ يفرض نفسه على لبنان وعلى حكومة لبنان في هذه المرحلة لأنه يخلق الكثير من المخاطر والكثير من الضغوطات ويعيد استنفار الكثير من الهواجس التاريخية».