رئيس وزراء ليبيا يحذر من محاولات ضرب الأمن والاستقرار بمناسبة مرور عامين على الثورة ضد القذافي

كشف عن وجود 16 ألف سجين هاربين في شوارع طرابلس

TT

تعبيرا عن المخاوف الأمنية من اندلاع أعمال عنف وفوضى في ليبيا خلال المظاهرات المتوقعة بمناسبة الاحتفال بمرور عامين على اندلاع الثورة الشعبية ضد العقيد الراحل معمر القذافي، حذر رئيس الحكومة الانتقالية الدكتور علي زيدان من محاولة زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.

وأعلن زيدان، في مؤتمر صحافي مفاجئ لم يسبق الإعلان عنه، عقده في طرابلس مساء أمس، أن حكومته اتخذت جملة من الإجراءات والترتيبات لتأمين البلاد، مشيرا إلى أن رجال الجيش والشرطة على أهبة الاستعداد.

ودعا رئيس الحكومة الانتقالية مجددا مواطنيه للوقوف إلى جانب حكومته ضد من قال إنهم يعرقلون تكوين الجيش والشرطة، ويريدون تحويل ليبيا إلى الصومال أو أفغانستان، مضيفا: «الحكومة ليس لديها مصباح سحري، ندعو الجميع للتعاون على تحفيز الشباب على الدخول لقوات الجيش والشرطة».

واعتبر زيدان مع ذلك أن الوضع الأمني جيد بكل المقاييس في العاصمة طرابلس، مشيرا إلى أن من اقتحموا مقر المؤتمر الوطني أول من أمس هم جرحى مبتورو الأطراف. وأضاف: «ليس عجزا من الدولة، كان بإمكاننا إخراجهم في لحظات أو دقائق، هذه حالة إنسانية وحساسة، لكننا تحاورنا معهم تفاديا لجرح مشاعرهم نظرا لظروفهم».

ومع ذلك قال: «سنصبر، لكن إذا تمادوا سنستخدم القوة لأن المؤتمر الذي يمثل أعلى سلطة دستورية في البلاد يجب احترامه، هذا المكان يمثل سلطان وهيبة الدولة ولن نسمح لأي كان العبث به».

وكشف زيدان عن وجود 16 ألف سجين هاربين في شوارع طرابلس، وقال: «إن وضعنا الأمني الآن ليس مثاليا لكنه أفضل مما كان عليه من شهر سابق. ولدينا 30 ألف عنصر تدربوا مؤخرا في قوات الشرطة». وتابع زيدان: «نعيد تأهيل المعسكرات وتدريب القوات، وضع الجيش مترهل ونحاول إعادة تأهيله، وقياسا بوضعنا السابق الوضع الأمني معقول إن لم يكن جيدا».

وشدد على أن لدى حكومته خطة أمنية متكاملة لتعزيز الأمن في البلاد، مشيرا إلى أن بعض جوانب هذه الخطة غير معلن.

وتعهد رئيس الحكومة الانتقالية بعدم التعرض لأي مظاهرات سلمية قد تخرج بمناسبة مرور عامين على اندلاع الثورة الشعبية ضد نظام القذافي، لكنه أشار إلى تهديدات تتعرض لها الثورة. وقال زيدان: «سنطلب من المؤتمر الوطني تخفيف القيود المتعلقة بالإنفاق العام»، معتبرا أن هناك تشديدا أكثر مما ينبغي على الطريقة التي تنفق بها الحكومة أموال الميزانية المخصصة لها.

ولفت إلى أن هناك مشروعات ملحة في الإسكان وغيرها تحتاج إليها هذه الحكومة التي قال إنها تعمل ليل نهار لإنقاذ الوطن في هذه المرحلة الخطيرة والخروج إلى مرحلة الإعمار.

واعتبر أن إعادة إعمار مدينة بنغازي في شرق البلاد هي مسألة استراتيجية، وقال: «سنمضي في خطوات محددة لكن ليس تحت ضغط الشارع ولكن لأن المدينة تحتاج إلى استثمارات كبيرة في مختلف المجالات».

وحذر من أن أي فعل مرتجل أو غير مدروس لن يكون مجديا حتى لو أدى مؤقتا إلى إزالة الاحتقان لدى عامة الناس. وأضاف: «على أهالي بنغازي، أم الثورة، وموطن إعلان الاستقلال، أن يعرفوا أن مدينتهم عزيزة على قلب كل مواطن ليبي، ودعونا نعمل بشكل علمي مدروس، ما حدث من تهميش سببه سنوات القذافي، لكن بعد الثورة ستنال المدينة حظها من التنمية والإعمار». وتابع قائلا: «حكومتي عمرها شهران فقط، ونحتاج إلى زمن للوفاء بكل المتطلبات، ونطلب من الشعب الصبر علينا».

ودعا زيدان المؤتمر الوطني العام (البرلمان) إلى إعادة النظر في قانون الإدارة المحلية الذي رفضه أعضاء المؤتمر في وقت سابق بعدما قدمته الحكومة، معتبرا أن وجود البلديات سيساهم كثيرا في حل مشكلات البلاد.

ونفى زيدان انحياز حكومته لأي طرف حزبي على حساب طرف آخر، مؤكدا أنها تعمل بنزاهة ومهنية وبموضوعية بعيدا عن المحسوبية. وأضاف: «من أراد أن يشكك أو يثير أي إشاعة فنحن سنكون على تواصل مع الشعب وسنكون واضحين وصريحين».

وتعهد زيدان بسرعة حل مشكلات الجرحى الذين اقتحموا مقر المؤتمر الوطني أول من أمس احتجاجا على بطء الإجراءات المتعلقة بتلبية مطالبهم، لكن زيدان لفت إلى مشكلات تتعلق بهذا الملف، مشيرا إلى بعض المشكلات التي يثيرها الجرحى الليبيون في الخارج، مضيفا: «إذا ذهب شخص إلى ألمانيا وفرنسا واعتدى على السفارة ستتعامل هذه الدول معه بالقانون». وكشف عن أن السفير الألماني الذي التقاه أمس تعهد بتوفير تأشيرات سفر عاجلة لمجموعة من الجرحى.

من جهته، ترأس وزير الداخلية الليبي عاشور شوايل اجتماعا أمنيا في طرابلس لبحث تأمين الاحتفالات والمظاهرات المرتقبة منتصف الشهر الحالي، بينما تداولت مواقع وصفحات إلكترونية ليبية على مواقع التواصل الاجتماعي عبر شبكة الإنترنت شريط فيديو لمجموعة مؤيدة لنظام حكم القذافي أطلقت على نفسها اسم «الزحف المقدس لتحرير العظمى»، الاسم القديم الذي أطلقه القذافي على البلاد منذ منتصف الثمانينات قبل سقوط نظام حكمه ومقتله في أكتوبر (تشرين الأول) 2011.

وأظهرت لقطات الفيديو التي شاهدتها «الشرق الأوسط» مجموعة من الملثمين ومسلحين يرتدون زي الجيش الليبي السابق وخلفهم العلم الأخضر الذي يرمز إلى نظام القذافي. وتلا قائد المجموعة الذي لم يفصح عن هويته بيانا مكتوبا هدد فيه بأن المجموعة ستزحف لتحرير البلاد مجددا، وأنهم سيضربون بيد من حديد.

إلى ذلك، قالت السلطات الليبية إنها تجري اتصالات مكثفة مع نظيرتها اللبنانية لإطلاق سراح مصور بقناة رياضية ليبية تم توقيفه دون تقديم أية تفسيرات يوم الجمعة الماضي عقب وصوله إلى مطار بيروت، ضمن الوفد الإعلامي المكلف بتغطية منافسات بطولة الأندية العربية للكرة الطائرة.

وبينما قالت مصادر القناة لوكالة الأنباء المحلية إن هناك مساعي حثيثة تبذل من بعض الجهات المسؤولة للإفراج عن المصور الذي لم يسبق له السفر خارج ليبيا، أعلنت اللجنة الأولمبية الليبية أنها ستجري اتصالاتها مع نظيرتها اللبنانية في نفس الإطار.