الجيش الجزائري يتعاطى إعلاميا لأول مرة مع حادثة عين أميناس

قال إن قيادة العملية العسكرية حرصت على الحفاظ على أرواح الرهائن ورفضت ابتزاز الإرهابيين

TT

أفاد الجيش الجزائري بأن قيادته «كانت حريصة على الحفاظ على أرواح الرهائن»، عندما تدخلت القوات الخاصة في 18 من الشهر الماضي لحسم الموقف مع الجماعة المسلحة التي هاجمت المنشأة الغازية بعين أميناس (1300 كلم جنوب شرقي العاصمة)، التي تسيَرها المجموعة البريطانية «بريتش بتروليوم».

وذكرت وزارة الدفاع في مجلة «الجيش»، لسان حال العسكر، أن «الجزائر تصرفت مع هذا الحدث بكل مسؤولية واحترافية. فقد كان التدخل السريع والحاسم للجيش الوطني الشعبي هو الخيار الوحيد في هذه الظروف، ودون تفاوض (مع الخاطفين) حتى لا يتحول المجرمون والقتلة إلى مفاوضين».

وكان وزير الداخلية دحو ولد قابلية، ذكر في اليوم الأول من الهجوم على المنشأة أن السلطات «تتلقى مطالبهم ولكنها لا تتفاوض معهم أبدا». ولكن بعد خمسة أيام، قال رئيس الوزراء عبد المالك سلال، في مؤتمر صحافي، «إننا حاولنا التفاوض معهم ولكن سقف مطالبهم كان مرتفعا إلى حد لا يمكن قبوله».

وذكرت مجلة «الجيش» في عددها الشهري الأخير الصادر أمس (عدد يناير/كانون الثاني)، أن «المجرمين كانوا مصرين على الفرار خارج الوطن مع الرهائن وتفجير مركب الغاز، بعد أن لغموه. وأمام هذا التهديد الخطير لسيادة الجزائر، واستهداف موقع استراتيجي يعد عصب الاقتصاد الوطني، جاء تدخل الجيش الذي كان أكثر من ضروري بل حتمي لإنقاذ الأرواح وحماية الاقتصاد الوطني، وهو عمل وتصرف من صميم السيادة الوطنية نفذه الجيش بكل مهنية واحترافية، مستفيدا في ذلك من تجربته في مكافحة الإرهاب خلال سنين طويلة من العمل الميداني».

يشار إلى أنه نادرا ما يتعاطى الجيش الجزائري مع القضايا المطروحة في البلاد أو خارجه، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بأنشطته، لذلك تسميه الصحافة المحلية بـ«الصامت الكبير»، وهو وصف يثير إزعاج قادة المؤسسة العسكرية.

وانتقدت الصحافة الخاصة المحلية، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بسبب «اختفائه» في عز الأحداث. وفيما يشبه الرد على ذلك قالت «الجيش» إن رئيس الجمهورية من موقعه القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع، «تابع تفاصيل العملية عن كثب، ولحظة بلحظة». وأضافت: «لقد تم تنفيذها بشكل سريع جدا لم يكن يتوقعه الملاحظون والمختصون المتابعون لتطورات هذا الاعتداء الإجرامي، وتم التحضير لها جيدا بعد دراسة كل الاحتمالات التي يمكن أن تؤول إليها الأحداث، بما فيها سيناريو محاولة الفرار وأخذ الرهائن، فكان الرد سريعا ونوعيا بحيث لم تترك أي الفرصة لهؤلاء».

وأسفر تدخل الجيش عن مقتل 29 إرهابيا (32 إرهابيا هاجموا المنشأة)، فيما قتل المعتدون 37 رهينة أجنبية بالرصاص، بحسب السلطات الجزائرية. وردت مجلة «الجيش» ضمنيا على إيحاءات من بلدان الرهائن الذين قتلوا مفادها أن الجزائر لم تكن حريصة على حياتهم، إذ قالت: «إن تدخل الجيش بهذا الشكل الدقيق والمحترف، يؤكد حرص قيادته على الحفاظ على أرواح الرهائن ورفض التفاوض مع الإرهابيين وكل محاولات الابتزاز والمساومة». وأضافت: «كانت العملية (العسكرية) ضرورية بل حاسمة حتى لا تصبح الجزائر كلها رهينة لدى الإرهابيين والمجرمين وترضخ لمساوماتهم». وتابعت: «مرة أخرى أثبت الجيش الجزائري كفاءة عالية في إدارة عمليات تدخل محفوفة بالمخاطر، تتطلب الاستعداد للتضحية واحترافية عالية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بإنقاذ أرواح وحماية منشآت استراتيجية».

وتقول مجلة «الجيش» إن العملية «كانت ناجحة بكل المقاييس العملياتية منها والسياسية، والدبلوماسية والإعلامية، ومكنت من تجنب كارثة حقيقية لو تمكن المجرمون من استعمال الترسانة الضخمة من الأسلحة التي كانت بحوزتهم، لتم تدمير المصنع، لا سيما القنابل والأحزمة الناسفة».