أسير أفرج عنه في صفقة شاليط وأعيد اعتقاله يدخل يومه الـ«200» دون طعام

شقيقة سامر العيساوي: أخي يحتضر

TT

لا يبدو أن سامر العيساوي بعد 197 يوما من الإضراب يكترث كثيرا بالموت، بل يواصل حربا ضروسا معه بعد أن دخل إضرابه أمس منحى جديدا، بتوقفه عن تناول الماء في خطوة تجعل الوقت أضيق وأصعب ومفتوحا على احتمالات لا يتمناها محبوه ولا حتى أعداؤه.

والعيساوي، 33 عاما، الذي يسجل أطول إضراب فردي وجماعي عبر التاريخ، قال بصعوبة لزواره من أعضاء كنيست ومحامين، إنه سيواصل حتى الحرية حتى بعدما قالوا له إنهم يريدونه حيا بينهم.

وقالت المحامية شيرين عيساوي، وهي شقيقة سامر، لـ«الشرق الأوسط»: «أخي يحتضر». وأضافت: «حالته الصحية خطيرة، إنه فعلا يحتضر ولا أحد يحرك ساكنا».

وشيرين مثل باقي العائلة، والداه وأشقاؤه، ممنوعة من زيارة سامر، لكنهم يلتقطون رسائله عبر محامين وأعضاء كنيست عرب. وقالت شيرين «أبلغونا أن وضعه الصحي دخل مرحلة حرجة». وأضافت: «قلبه لا يدق بانتظام وعضلته ضعيفة، يعاني إغماءات متكررة ولديه ألم في كل الجسم وألم أكبر في الكلى، ولا يستطيع النوم إلا عبر حقنه بمهدئات. ونحن نتوقع الأسوأ».

وهذا الأسوأ أصبح أكثر واقعية بعد امتناع سامر عن تناول الماء. وأوضحت شيرين أن شقيقها أخذ هذه الخطوة بعدما ملّ الوعود الزائفة بشأنه. وقالت: «لقد قرر التصعيد احتجاجا على استمرار اعتقاله واحتجاجا على الوعود المتكررة».

والعيساوي مفرج عنه في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 ضمن «صفقة شاليط» التي أبرمتها حماس مع إسرائيل برعاية مصرية، لكن أعيد اعتقاله في 7 يوليو (تموز) 2012 بداعي خرقه شروط الصفقة. وقالت عيساوي إن التهمة الموجهة لشقيقها وهو المتحدر من القدس، هي دخول الضفة الغربية.

وأوضحت «لقد أفرج عنه في الصفقة من دون شروط، لكن بعد شهور، تلقى أوامر بمنع الدخول إلى الضفة الغربية، ومن ثم اعتقلوه في منطقة الرام في الضفة الغربية بحجة مخالفة الأوامر العسكرية». وتابعت: «الآن يطلبون استكمال مدة محكوميته السابقة».

وحتى الإفراج عنه كان سامر أمضى 10 سنوات من أصل 30 كان محكوما بها. واعتبرت شيرين «هذا جنون، يريدون سجنه 20 عاما من أجل زيارة الضفة». وتابعت القول: «هذا تطبيق عنصري للقانون إذ يوجد مئات الحالات لمستوطنين تواجدوا في الضفة رغم أوامر منع دخولهم، وأعيدوا إلى بيوتهم من دون تهم أو حتى احتجاز». وأردفت «سلمنا المحكمة قائمة بأسماء هؤلاء المستوطنين، وقال القاضي لنا إنه سيتعامل مع سامر بخصوصية وبشكل مباشر لأنه كان أحد المفرج عنهم في صفقة شاليط».

ويبدو من غير المعقول أن يستطيع شخص ما الصمود 197 يوما دون طعام، لكن المعتقلين المضربين في السجون الإسرائيلية، يحصلون على فيتامينات مصرح بها عالميا في مثل هذه الحالات، وتخلوا عن الطعام، وهو ما يمكنهم من المواصلة. ورغم ذلك بدا سامر مثل شبح عندما أحضر للمحكمة قبل يومين بسيارة إسعاف.

وقالت والدته التي حضرت المحكمة وهي تبكي: «كان مثل الهيكل العظمي، عظامه بارزة وعيناه مختفيتان ولا يتحرك أبدا». وثمة قلق كبير ويرتفع يوما بعد يوم على حياة سامر غير أن أحدا لم يطلب منه التوقف. ورغم ذلك أضافت شيرين «لم نطلب منه أن يوقف إضرابه ونحن نحترم قراره، لكننا نريد منه أن يعود لشرب الماء». وأضافت: «نقلنا له رسائل مع الصليب الأحمر، غير أنه أكد لنا أنه لن يتراجع حتى ينال حريته».

وهذا الكلام أبلغه سامر للنائب أحمد الطيبي الذي زاره أول من أمس. وكتب الطيبي على «فيس بوك» عن الحوار الذي دار بينه وبين سامر في عيادة سجن الرملة يقول: «قلت له نريدك يا سامر مناضلا حيا بيننا ومعنا من أجل شعبك ووطنك ونريد أن نزورك في بيتك بعد نصرك في هذا الإضراب إن شاء الله» فقال لي «لا خيار أمامي سوى النصر أو الشهادة، وأرى الشهادة قريبة.. أرفض أن تتم إعادتي للسجن 20 سنة أخرى ولكن لا مانع لدي أن يحاكموني على المخالفة أمام محكمة الصلح لدخولي مناطق هي أصلا جزء من وطني ولمدة شهر أو شهرين، لكنهم يريدون الانتقام مني ومن الأسرى إثر صفقة شاليط».

ووصف الطيبي الوضع الصحي لسامر بأنه مترد إلى درجة الخطورة على حياته، حيث إن وزنه وصل إلى 48 كيلوغراما. وطالب مسؤولون عرب وفلسطينيون من بينهم الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي إطلاق سراح العيساوي فورا.

وأبدت الحكومة الفلسطينية أمس، القلق الشديد على حياة الأسرى المضربين عن الطعام، وبشكل خاص الأسير العيساوي إلى جانب أسرى آخرين مضربين، وهم أيمن شروانه وجعفر عز الدين وطارق قعدان، محملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياتهم، ومشددة على ضرورة الإفراج الفوري عنهم.

غير أن شيرين لا ترى ذلك كافيا، متهمة الجميع بالتقصير. وقالت: إنها وعائلتها تنتظر ما يتجاوز المطالبات المتكررة بالإفراج عن شقيقها. ويوميا تصلي الأم التي فجعت بأحد أبنائها سابقا، كي يعود سامر إلى بيته حيا يرزق وليس جسدا باردا محمولا على الأكتاف.

* سامر العيساوي

تعرض للاعتقال 4 مرات وقضى 12 عاما في سجون إسرائيل، وتحرر من الأسر ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة بعد أن كان محكوما بالسجن 30 عاما بتهمة تنفيذ عمليات عسكرية.

ولد العيساوي في قرية العيسوية شمال شرقي القدس، جده كان من أوائل الذين انضموا إلى منظمة التحرير الفلسطينية، فيما استشهدت جدته خلال سنوات الانتفاضة الأولى، وعانى والده ووالدته في مطلع السبعينات مرارة الاعتقال ليفجعا بعد ذلك باستشهاد ابنهما البكر في عام 1994 جراء الأحداث التي تلت مجزرة الحرم الإبراهيمي، وتعرض إخوته وأخواته الستة ومن بينهم شيرين للاعتقال.