البرلمان الليبي ينقل اجتماعاته إلى خيمة بعد احتلال معتصمين لمقره بطرابلس

المقريف يتحدث عن مقر بديل

جنود ليبيون يقفون أمس أمام مركبات عسكرية وهبتها ايطاليا لطرابلس (رويترز)
TT

في سابقة هي الأولى من نوعها، اضطر أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) أعلى سلطة دستورية وتشريعية في ليبيا، إلى عقد اجتماعهم في خيمة نصبت على عجل في رواق ملحق بالمقر الأصلي، الذي يحتله عشرات الجرحى المعتصمين داخل القاعة الرئيسية للمؤتمر في طرابلس.

وعوضا عن مقره الأصلي الموجود في فندق «ريكسوس» الفخم بطرابلس، انتقل المؤتمر مؤقتا إلى خيمة أقيمت على أرضية حديقة الممر المؤدي إلى قصور الضيافة المجاورة لقاعة المؤتمر الأصلية.

وأقر المؤتمر أمس بأغلبية كبيرة في جلسة عقدها بمقره الجديد، اختيار لجنة إعداد الدستور عبر آلية الانتخاب، حيث وافق 87 عضوا من أصل 97 شاركوا في الجلسة على اللجنة وسط غياب كبير لبقية الأعضاء.

ويتكون المؤتمر أساسا من 200 عضو موزعين ما بين المستقلين والتكتلات والأحزاب السياسية. لكن الهيئة الوطنية لتطبيق معايير النزاهة والوطنية أبطلت عضوية نحو 14 عضوا على مدى الشهور القليلة الماضية.

وأعلن عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر أنه سيتم خلال الأيام القليلة القادمة تشكيل لجنة لإعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات التي ستتولى الإشراف على انتخاب لجنة الستين التي ستضم عشرين عضوا عن كل منطقة من المناطق الثلاث الشرقية والغربية والجنوبية في البلاد.

من جهته، قال سليمان قجم، عضو المؤتمر بأن جلسة أمس كانت استثنائية وإيجابية أظهرت وطنية أعضاء المؤتمر وتفانيهم وحرصهم على الاجتماع حتى ولو كان هذا الاجتماع في سرادق أو خيمة تحت البرد حتى ينجزوا الاستحقاق المنوط بهم، لافتا في تصريحات بثتها الصفحة الرسمية للمؤتمر على موقع التواصل الاجتماعي«فيس بوك» إلى أن وثيقة الإعلان الدستوري التي تم إرجاعها إلى الشعب الليبي ألغت لجنة الحوار الدستوري المجتمعي، كما ألغت وضع المعايير والضوابط وتركت الأمر للشعب الليبي باعتباره صاحب القرار فيها.

واعتبر عبد الفتاح حبلوص، عضو المؤتمر، أن الجلسة كانت استثنائية وغير عادية من حيت التوقيت والمكان لكنها اعتيادية من حيث استكمال جدول الأعمال بأي طريقة، والذي توقف يوم الأحد الماضي نظرا للاحتجاجات التي حدثت في المؤتمر.

وأكد في تصريحات له أمس إصرار الأعضاء على استكمال الجلسات وحرصهم الشديد على استمرار عملهم بأي شكل وتحت أي ظرف، مضيفا: «مرت الجلسة والحمد لله بشكل غير عادي من حيث المبدأ، ونحن غير راضين على ما يحدث من انتهاك لشرعية المؤتمر، ولكن في نفس الوقت سنحاول أن نقدم للوطن كل ما نستطيع».

وجاءت موافقة المؤتمر الوطني على تشكيل اللجنة التي ستعد الدستور المقبل للبلاد في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد من تأخر المؤتمر في الاستجابة لهذا الاستحقاق الدستوري المهم، قبل مظاهرات حاشدة متوقعة منتصف الشهر الحالي بمناسبة مرور عامين على اندلاع الثورة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن اجتماع المؤتمر أمس في خيمة أثار جدلا في أوساط الليبيين الذين تندروا على عدم قدرة المؤتمر على عقد اجتماعاته بمقره الأصلي، كما قارنوا عبر صفحات التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت بين خيمة المؤتمر والخيمة البدوية الشهيرة التي اعتاد العقيد القذافي اصطحابها معه في حله وترحاله، في الداخل والخارج.

وكشف أعضاء في المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط» أن الجرحى كانوا حتى عصر أمس يحتلون قاعة الاجتماعات الرئيسية للمؤتمر الوطني مما أدى إلى تعطيل عمله. وكان الدكتور محمد المقريف، رئيس المؤتمر قد أعلن أن المؤتمر قرر البحث عن مقر جديد له لكي يتمكن من عقد اجتماعاته التي تعطلت على مدى اليومين الماضيين بسبب اقتحام واحتلال مجموعة من الجرحى والثوار لمقره الأصلي.

وأوضح المقريف، في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع رئيس الحكومة الانتقالية الدكتور على زيدان مساء أول من أمس، أن الحرس المكلف بحماية المؤتمر سمح لدخول الجرحى من مبتوري الأعضاء داخل قاعة المؤتمر بسبب وضعهم الصحي والإنساني قبل اكتشاف حيازتهم لأسلحة، مشيرا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يداهم فيها معتصمون أو متظاهرون مقر المؤتمر الذي تم تشكيله عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهر يوليو (تموز) الماضي.

وقال المقريف إن «حمل السلاح والدخول به إلى قاعة المؤتمر أمر ما كان ينبغي أن يحدث»، وذلك ردا على ما تردد من أن أحد أعضاء المؤتمر خاطب الجرحى بعبارات مسيئة مما اضطرهم إلى إشهار السلاح في وجهه. وأضاف: «لا نملك إلا أن نتعامل مع الجرحى المعتصمين حتى لو استخدموا ألفاظا نابية، بالرفق والحسنى والصبر، لكن نتمنى على من لديه حقوق مهملة أو منسية أن يراعي الحدود والحقوق، ويمكنننا من القيام بأعمالنا المناطة بنا وفقا للدستور دون تعطيل».

وتابع: «كان يمكن أن تتطور الأمور وتتحول إلى حادث مؤسف. ندعو الجميع إلى مراعاة حق الوطن ومعاونتنا على أداء عملنا».

واعتبر المقريف أن المحتجين ما كان ينبغي لهم أن يتوجهوا إلى المؤتمر معتبرا ذلك شأن تختص به الحكومة والسلطات التنفيذية، مطالبا المواطنين بتفهم هذه الواقعة وإدراك ما يتعرض له المؤتمر من تعطيل وتدخل في سير أعماله.

كما جدد حرص المؤتمر على أداء واجباته في ظروف مناسبة وخالية من أي ضغوطات وأي تهديدات، لافتا إلى ضرورة فهم هذه الحقائق وعدم إدخال أية إضافات أو تحويرات عليها بقصد الإساءة في نقلها. واتفق المقريف مع رئيس الحكومة الانتقالية علي زيدان على نفي وجود خلافات بين الحكومة والمؤتمر، حيث قال المقريف: «لدينا حالة تعاون نعتز بها»، فيما قال زيدان: «نحن على انسجام تام وتعاون مع المؤتمر الوطني وكل منا يدعم الآخر لمصلحة الوطن بما لا يخل بالاختصاصات».