أوباما يزور الشرق الأوسط في 20 مارس

السفير الأميركي في تل أبيب: أجندة واشنطن للصراع هنا عاجلة جدا

TT

رحبت القيادات الإسرائيلية والفلسطينية بقرار الرئيس الأميركي، باراك أوباما، زيارة إسرائيل وفلسطين في 20 مارس (آذار) المقبل. وأكدت مصادر إسرائيلية أن هذه الزيارة تخلط حسابات الائتلاف الحاكم القادم في إسرائيل باتجاه وضع قضية تسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني على رأس سلم الاهتمام. وقال السفير الأميركي في تل أبيب، دان شبيرو، إن هذه الزيارة المهمة تعبر عن حقيقة أن الأجندة الأميركية للصراع في الشرق الأوسط باتت عاجلة جدا.

وكان البيت الأبيض قد فاجأ بإعلانه، الليلة قبل الماضية، هذه الزيارة. ولكن تبين أن المسؤولين في إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن، كانوا على علم بها. وقد وصل إلى تل أبيب، أمس، وفد أميركي يضم مسؤولين من البيت الأبيض، وشخصيات من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، في إطار الإعداد لهذه الزيارة واللقاءات التي ستتم خلالها، والإعداد للزيارة التمهيدية التي سيقوم بها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إلى المنطقة بعد أسبوعين.

ومع أن جميع المحللين، ومعهم أوساط سياسية كثيرة، أكدوا أن هذه الزيارة تتم في إطار مبادرة أميركية لحث الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، على استئناف عملية السلام - فإن مقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سربوا تصريحات للصحافة الإسرائيلية، أمس، مفادها أن «الزيارة ستركز على الملفين الإيراني والسوري، وليس بالضرورة على المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية». إلا أن مصادر سياسية أخرى وجهات دبلوماسية في وزارة الخارجية الإسرائيلية أكدت أن الموضوع الفلسطيني سيكون في رأس سلم الاهتمام. وأن نتنياهو سحب مستشاره، يتسحاق مولخو، الذي أدار باسمه كل المفاوضات مع الفلسطينيين حتى الآن، من مفاوضات الائتلاف الحكومي ليتفرغ الأخير للمفاوضات مع الجانب الفلسطيني في الأسابيع المقبلة. وأشار آخرون إلى أن تقرب نتنياهو من تسيبي ليفني، وزيرة الخارجية في السابق، يدل على أن نتنياهو يرغب في ضم شخصيات إسرائيلية مطلعة على المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، علما بأن ليفني اشترطت لدخول الحكومة أن يتم تفعيل المفاوضات مع الفلسطينيين وإعطاءها دورا في هذه العملية. كما أن السفير الأميركي لدى إسرائيل، دان شابيرو، أدلى بتصريحات إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي، صباح أمس قال فيها إن زيارة الرئيس أوباما لإسرائيل ودول الجوار في 20 مارس (آذار) المقبل، زيارة ملحة توضح فيها واشنطن أن الصراع في الشرق الأوسط واحد من القضايا التي لا تحتمل التأجيل. وأضاف السفير قائلا: «الأجندة الأميركية مركبة للغاية وتشمل إيران، وسوريا، وكذلك إعادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات».

وأضاف السفير الأميركي أن إيران تتصدر القضايا التي سيناقشها أوباما مع الزعيم الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلا إن الرئيس أوباما سيبحث مع نتنياهو سبل «وقف السعي الإيراني نحو سلاح نووي، ودعمها للمنظمات الإرهابية». وذكر شابيرو مسألة «انهيار النظام السوري ومصير الأسلحة النووية». وشدد على أن الرئيس أوباما يريد أن يعالج هذه القضايا في أسرع وقت ممكن، وأضاف: «الرئيس أوباما مصر على صد إيران، وقد أوضح في السابق أن المساعي الدبلوماسية لن تستمر إلى الأبد، وأن الخيار العسكري ما زال على الطاولة». وحين سئل السفير عن اختيار إسرائيل محطة أولى في الزيارة المتوقعة للمنطقة، قال: «أعتقد أنها رسالة موجهة للعالم، لدول الجوار الصديقة والمعادية، توضح أن العلاقات بين البلدين حميمة».

وقال إيتان هابر، المدير العام لديوان رئيس الوزراء في زمن حكومة إسحاق رابين، إن زيارة أوباما ستقلب جدول أعمال الحكومة القادمة في إسرائيل باتجاه استئناف عملية السلام بنسبة 100%. فالحكومة القادمة وكذلك الجمهور الإسرائيلي، سيضطران الآن للبحث في التسوية السياسية للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وأوباما بدأ عمليا حشر نتنياهو في زاوية لا فكاك منها إلا بتقديم اقتراحات جديدة تعينه على تحريك المفاوضات.

وكتبت مراسلة «يديعوت أحرونوت» في واشنطن، أورلي أزولاي، أنه عند الأميركيين لا توجد وجبات مجانية. وسيكون على نتنياهو أن يدفع ثمن زيارة أوباما. وأضافت أن زيارة كهذه يجب أن تنتهي بنجاح. ففي السياسة الأميركية، لا يمكن لرئيس أن يزور بلدا من دون أن يكون متفقا على كل التفاصيل قبل وصوله. وأكدت أن لديها معلومات تفيد بأن أوباما سمع من الزعمين، الفلسطيني والإسرائيلي، خلال محادثات تليفونية معهما، عن التزام حقيقي لمتابعة عملية السلام. وبناء على ذلك: «أوباما لن يسلم المرة من أي خدع سياسية».

وذهب محرر الشؤون السياسية في «هآرتس»، ألوف بن، أبعد من ذلك ليقول: «الإعلان العاجل الذي أصدره البيت الأبيض بصدد الزيارة، مرتبط ارتباطا وثيقا بمساعي نتنياهو لإقامة ائتلاف حكومي في الوقت الراهن. فالرئيس الأميركي ينقل (رسالة) لنتنياهو مفادها أنه يفضل حكومة إسرائيلية قادرة على تعزيز حل (الدولتين لشعبين)، وبعيدة عن التطرف اليميني». لكن السفير نفى هذه التحليلات قائلا إن «الرئيس الأميركي يحترم السياسة الإسرائيلية الداخلية، ولا يتدخل فيها».

وقالت المؤسسة الأميركية «مشروع إسرائيل»، في بيان لها، إن جون كيري، وزير الخارجية الجديد في الإدارة الأميركية، هو من يقف وراء هذه الزيارة. وكان كيري قد اتصل برئيس الحكومة الإسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية، وتأكد أن الزعمين ما زالا متمسكين بحل الدولتين لشعبين، قبل أن ينقل الرسالة لرئيسه أوباما، معلنا أن ثمة فرصة لدفع عملية السلام قدما.

وذكرت مصادر في السفارة الأميركية في تل أبيب أن زيارة أوباما ستشمل إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن. ودار الحديث في الصحف الإسرائيلية حول إمكانية عقد لقاء ثلاثي يجمع بين أوباما ونتنياهو والرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، يطلق خلاله الرئيس الأميركي محادثات السلام بين الطرفين.