باريس تستعجل بدء الانسحاب من مالي والعمليات القتالية لم تكتمل بعد

وزير الدفاع الفرنسي يتحدث عن «حرب حقيقية»

TT

لم يكتمل الأسبوع الرابع للتدخل الفرنسي العسكري في مالي الذي بدأ ليل 11 يناير (كانون الثاني) الماضي، حتى أخذت باريس تتحدث عن بداية سحب القوات الفرنسية منها. وخلال أقل من 24 ساعة، تناول رئيس الجمهورية ووزيرا الدفاع والخارجية الموضوع ليؤكدوا أنه «إذا سارت الأمور على ما يرام» فإن نقطة الانطلاق لبدء الانسحاب ستحل الشهر القادم ولكن من غير إعطاء تاريخ محدد.

ونقلت الناطقة باسم الحكومة نجاة فالو بلقاسم أمس عن الرئيس هولاند قوله في مجلس الوزراء الأسبوعي إن «القوات الفرنسية المنتشرة في مالي ستبدأ بالانخفاض ابتداء من شهر مارس (آذار) إذا سارت العمليات كما نتوقع». والكلام نفسه قاله وزير الخارجية لوران فابيوس ونظيره وزير الدفاع جان إيفل ودريان في أحاديث صحافية.

وتربط فرنسا بين البدء بخفض عدد قواتها ووصول القوة الأفريقية الدولية التي أوكل إليها مجلس الأمن مهمة مساعدة الجيش المالي في عملية إعادة السيطرة على كل الأراضي المالية وتحديدا مناطق الشمال التي بقيت طيلة عشرة أشهر تحت سيطرة مقاتلي الشمال المنتمين إلى ثلاث حركات هي «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وحركة التوحيد والجهاد في أفريقيا الغربية وأنصار الدين. ويبدو حرص باريس على الإسراع في بدء عملية الانسحاب منسجما مع ما رددته باستمرار من أن مهمتها «ليست البقاء في مالي» وهو ما كرره الرئيس هولاند خلال زيارته يوم الأحد الماضي إلى مالي. وأوضح أن قيادة الأركان الفرنسية عازمة على نقل المسؤوليات إلى القوة الأفريقية في أسرع وقت ممكن ولكن من غير التخلي عن المهمة التي جاءت من أجلها والتي تعتبر أنها «لم تنجز بعد» وفق كلام هولاند نفسه. وكان الأخير أكد أن بلاده «لن تتخلى عن مالي».

وقالت الناطقة باسم الحكومة عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء صباح أمس إن فرنسا ترى أن «ليس لها أن تبقى لفترة طويلة في مالي إذ أن الأفارقة والماليين أنفسهم هم من يتعين عليهم أن يضمنوا الأمن وسلامة الأراضي المالية».

وحتى الآن، وصل نحو 2000 رجل من القوة الأفريقية الدولية. يضاف إليهم نحو 1800 جندي من القوات التشادية الذين أوكلت فرنسا لهم مهمة حفظ الأمن في مدينة كيدال ومحيطها التي تسكنها غالبية من الطوارق، وتقع عسكريا بأيدي الحركة الوطنية لتحرير أزواد. والحال أن هذه الحركة ترفض دخول القوات المالية إليها مخافة أن تنتقم من سكانها باعتبارها أول مدينة شمالية خرجت عن سلطة العاصمة باماكو. وامتنع الفرنسيون أنفسهم عن دخولها مكتفين باحتلال مطارها الواقع على بعد خمسة كلم من المدينة.

وكان لافتا قول وزير الدفاع إن «حربا حقيقية» تدور في مالي وذلك بعد الكمين الذي تعرضت له قوة فرنسية - مالية قريبا من مدينة غاو التي كانت أولى كبرى مدن الشمال المستعادة. ووصف لودريان مقاتلي الشمال الذين تلاقيهم الدوريات الفرنسية بأنهم من «الفلول». لكن هذا الحادث يظهر، وفق خبراء عسكريين، أن استراتيجية مقاتلي الشمال قامت على «تحاشي المواجهة المباشرة مع القوة الفرنسية» على أن تعمد لاحقا إلى استنزافها بعمليات متفرقة في أماكن انتشارها.

وكان خبراء وسياسيون فرنسيون قد نبهوا من «أفغنة» مالي ومن مواجهة حرب عصابات طويلة المدى. لكن خبراء وزارة الدفاع الفرنسية يرفضون المقارنة ويستبعدون حربا على الطريقة الأفغانية لأسباب لها علاقة بالتكوين الديموغرافي ولكون الكثيرين من مقاتلي الشمال من الأجانب بعكس طالبان التي «تسبح» في بحر بشري مكون من الباشتون وهي المجموعة الإثنية التي تنتمي إلها غالبية محاربيها.