حزب طالباني يشكل لجنة برئاسة برهم صالح للتفاوض مع التحالف الشيعي

«الشرق الأوسط» تنفرد بنشر نص رسالة إبراهيم الجعفري لقيادة كردستان

TT

حصلت «الشرق الأوسط» من مصادرها الخاصة على نص الرسالة الجوابية التي أرسلها رئيس التحالف الوطني الشيعي إبراهيم الجعفري ردا على رسالة سابقة لقيادة إقليم كردستان حول الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق منذ أكثر من سنة، والتي دعت فيها إلى دخول قيادة التحالف على الخط لحلحلة الأوضاع وإيجاد مخرج لتلك الأزمة من خلال تحمل مسؤولياته كقيادة تحالف تضم أطرافا شيعية فاعلة بما فيها كتلة دولة القانون التي يرأسها نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي.

ورغم أن رد التحالف الوطني لم يرض الكثير من القيادات الكردية الذين اتصلت بهم «الشرق الأوسط» واعتبر الكثير منهم أن الرد كان «إنشائيا» بدل أن يكون واضحا في الرد على تساؤلات ومطالب القيادة الكردستانية، لكن المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني شكل لجنة برئاسة نائب الأمين العام الدكتور برهم صالح للتفاوض مع قيادات التحالف الوطني الشيعي وبقية الأطراف العراقية الأخرى للبحث عن مخرج للأزمة. وأكد آزاد جندياني المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للحزب «أن اللجنة ستزور بغداد في وقت لاحق لمباشرة مهامها التفاوضية».

وتنفرد «الشرق الأوسط» بنشر نص الرسالة الجوابية لرئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري ردا على رسالة قيادة كردستان، وهو النص الذي لم يطلع عليه بعد الكثير من قيادات الحزبين الحاكمين في كردستان، الاتحاد الوطني بزعامة طالباني والديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني. وفيما يلي نص الرسالة:

«منذ فترة بعيدة ونحن نتطلع إلى لقاء القوى الوطنية عن قرب، لتداول شؤون العراق والوقوف على كل ما يهم أبناء شعبنا الحبيب، ومع ما يحيط العراق من مصائب وما يتفاقم فيه من مشاكل تكون الحاجة للقاء الوطني أكثر مساسا، ولو أن مثل هذه اللقاءات قد حصلت وبأوسع مشاركة وطنية لحدت إلى درجة كبيرة مما آلت إليه الأمور في الآونة الأخيرة، وكنا ولم نزل على أتم الاستعداد للتعاون وبذل الجهود بغية الحد من المشاكل التي حصلت آنئذ وتلافي ما يمكن تلافيه.

وصلتنا رسالتكم الموسومة (برسالة القوى الكردية) يحملها أعضاء من وفد القوى الكردستانية، التي ضمنت مجموعة من النقاط، تشكل بمجملها مشتركات وطنية، يمكن التأسيس عليها، بما لا يخالف الدستور ولا يستفرغ محتويات أي من السلطات الثلاث المنصوص عليها دستوريا.

لا يخفى عليكم أننا بحاجة إلى لقاءات وطنية مباشرة ونحن في زمن الحكم، والتي تختلف عما كانت عليه في زمن المعارضة، وهي ما تتطلب حضورا ميدانيا معززا بالتعاطي المباشر والعملي. لقاءات المبادرة بين الفينة والأخرى لتناول كافة الأمور المعنية ببناء العراق، وتحقيق التنمية على الصعد كافة، والوقوف بوجه التحديات التي نواجهها جميعا، ودرء الأخطار المحدقة، يجعل من اللقاءات رافدا حيويا لا يستغنى عنه وفرصة لتحقيق كل ما من شأنه دفع المسيرة إلى الأمام.

التحالف التاريخي بيننا فرضته ظروف موضوعية، امتدت من مرحلة المعارضة إلى مرحلة الحكم، كان من ثوابتنا تحقيق المشاركة الحقيقية لإخواننا السنة العرب في الحكومة والابتعاد عن أي نوع من أنواع الإقصاء لهم أو لأي مكون آخر. حين شق الركب الوطني طريقه في سفينة المشاركة كان قد أوجد حالة من التفاهم والانسجام، رغم ما تخلله من خلافات ومشاكل، ستبقى الحاجة ماسة لهذه المشاركة وسيبقى هذا هو السبيل الذي ينأى بالعراق العزيز وشعبه الأبي عن كل المهاوي التي يخطط لها الأعداء.

لا بد من التأكيد على بعض النقاط ذات الأهمية بالظروف الاعتيادية والأكثر أهمية بمثل هذه الظروف التي نمر بها:

1- إن ترسيخ الدولة على قاعدة الدستور، والتعاطي القانوني ومأسسة دوائر الدولة من شأنها أن تشيع أجواء العدالة والطمأنينة بين المواطنين.

2- إن ثقافة الحب والثقة، وما يترتب عليها من تجسيد ومصداقية، ستحمي العراق من كل المكائد، وتجعله بعيدا عن محاولات التمزيق والإضعاف، التي يخطط لها أعداؤنا وهو ما يستدعي اعتماد خطاب الوحدة الوطنية بدلا من خطابات الإثارة.

3- ليس للغة الحوار من بديل، في بلد كالعراق، الذي تتنوع فيه المكونات وتزخر فيه الثروات وينجب فيه الرحم العراقي من إمكانيات قيادية، وما تحيط به من تحديات.

4- مراعاة الأولويات بالظروف الصعبة، وبالأخص تلك التي تخص الوحدة الوطنية والأمن والخدمات أمر لا ينبغي التسامح فيه.

5- التعاون والتنسيق فيما بيننا على إنجاز أكبر عدد ممكن من القوانين في مجلس النواب، والتباري على تطبيقها في السلطة التنفيذية، يدفع العراق على طريق الارتقاء والاستقرار.

6- لا بد من التحلي بعقلية المراجعة لاكتشاف الأخطاء التي تعرضت لها التجربة والتي تتحمل كل الأطراف السياسية مسؤوليتها، والعمل على مواجهتها بإرادة الحل والعزيمة على تجاوزها نحو الخير لأبناء شعبنا المظلوم.

7- استقلال القضاء وشفافيته، واحترام سيادته وتنقية أجواء التحقيق من شوائب الإخبار الكيدي، وعدم استثناء أي متجاوز على القانون من طائلة عدالته، من شأنه إرساء الأمن والعدالة.

8- بناء العلاقة مع دول الجوار خاصة، وباقي الدول عامة، على قاعدة تبادل المصالح، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، سيعزز مكانة العراق ويجلب له الخير، دون أن يعرض أمنه أو سيادته للانتهاك.

9- نظرتنا إلى أبناء شعبنا الكردي مزدانة بالاحترام وموشحة بوعي تضحياته على طول التاريخ، وخاصة فترة الحكم البعثي الصدامي المقيت، إلى جانب إخوانه العراقيين عموما، مضافا إلى حقوقهم المشروعة - كجزء من الشعب العراقي الحبيب - في كل ما يتمتع به العراق من خيرات.

10 إن خطر البعث والإرهاب والطائفية يطال كل أبناء شعبنا من دون استثناء، كما أن الشعوب والمجتمعات الحية تتطلع في الظروف الصعبة إلى القادة التاريخيين، الذين يستبسلون ومن موقع التضحية للأخذ بهم إلى شاطئ الاستقرار، استمرارا للمسيرة المظفرة التي بدأوها من زمن النظام المقبور».