حزب مغربي معارض يقترح على البرلمان قانونا بشأن متابعة الوزراء أمام القضاء

نائب من «الأصالة والمعاصرة»: القانون لا يهدف إلى إحراج الحكومة

TT

أحيل أمس (الأربعاء) على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب المغربي اقتراح قانون يتعلق بإجراءات متابعة أعضاء الحكومة أمام القضاء في حال ارتكابهم لجنايات أو جنح أثناء ممارستهم لمهامهم، أو خارج ممارستهم لهذه المهام. وبحسب هذا القانون سيصبح بالإمكان مثول رئيس الحكومة والوزراء أمام محاكم عادية أو عسكرية حسب طبيعة الجنايات والجنح التي ارتكبوها.

وكان الدستور الجديد قد ألغى المحكمة العليا، وهي محكمة جنائية مكونة من برلمانيين ينتخبهم مجلسا النواب والمستشارين، وتختص بمحاكمة أعضاء الحكومة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء ممارستهم لمهامهم.

واعتبر الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، صاحب هذا القانون، وهو غريم سياسي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يرأس الحكومة الحالية، أن «هذا الإلغاء يضع حدا لقضاء سياسي جسد نظريا اللامساواة، ورمزا عمليا إلى الإفلات من العقاب»، وأن «خيار الدستور المغربي الجديد، القاضي بالمساءلة الجنائية لأعضاء الحكومة أمام المحاكم العادية، يجعله في خانة أعرق الملكيات البرلمانية، وبالضبط بريطانيا والدنمارك، وقريب إلى حد كبير من نموذج إسبانيا».

وفي السياق نفسه قال الروداني الشرقاوي، عضو الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، وأحد المساهمين في إعداد هذا القانون، لـ«الشرق الأوسط» إنه أمام تأخر الحكومة في تنفيذ المخطط التشريعي، جاء هذا القانون من أجل تفعيل الدستور، خصوصا الفصلين 6 و94 اللذين ينصان على أن الجميع متساوون أمام القانون، وأن هذا الأخير فوق الجميع، بالإضافة إلى التأكيد على محاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، كما أن الهدف من تقديم هذا القانون هو «رغبتنا في أن نرتقي اليوم بالقضاء المغربي إلى سلطة مستقلة»، على حد قوله، مشيرا إلى أن قانون المساءلة الجنائية لأعضاء الحكومة سيمثل «سابقة في العالمين العربي والإسلامي».

وأوضح الشرقاوي أن محاكمات أعضاء الحكومة في السابق كانت تتم «ضمن قضاء سياسي لا يخلو من نواقص وحسابات».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة ستتبنى هذا القانون، قال الشرقاوي إن «الحكومة أمام تحدٍّ وامتحان، وعليها أن تتحمل كامل مسؤوليتها». وأضاف: «نحن نمارس دورنا في المعارضة بشكل بناء سواء من خلال مراقبة الحكومة أو من خلال التشريع، واقتراحنا لهذا القانون يأتي في سياق تكريس محاربة الفساد وتفعيل الدستور، فإذا كان للحكومة تقييم إيجابي للمشروع فستشجعه من دون حسابات سياسية، أما إذا كان لديها رأي آخر، ونحن لا نتمنى ذلك، فالفصل بيننا سيكون داخل لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب». وزاد قائلا: «نحن لا نريد إحراج الحكومة، بل غرضنا هو تفعيل الدستور، والذهاب بعيدا في تكريس استقلالية وهيبة القضاء، ومحاربة الفساد مهما كلفنا الأمر»، على حد تعبيره.

ويتكون القانون من ثلاثة فصول، الأول يتضمن أحكاما عامة بينما الفصلين الثاني والثالث، يحددان إجراءات المساءلة الجنائية لأعضاء الحكومة عن جرائمهم المرتكبة أثناء ممارستهم لمهامهم، وخارج ممارستهم لها.

وينص القانون المقترح على أنه «تسري على أعضاء الحكومة في تحديد الجنايات والجنح التي يرتكبونها والعقوبات الجارية عليها مقتضيات القانون الجنائي، ومقتضيات قانون العدل العسكري عند الاقتضاء، والمقتضيات الجنائية للقوانين الخاصة الجاري بها العمل وقت ارتكاب الأفعال»، وأن «التحقيق إلزامي في الجنايات والجنح المنسوبة إلى عضو من أعضاء الحكومة»، كما يمنح القانون الحق «لكل متضرر من الجنايات والجنح التي يرتكبها عضو من أعضاء الحكومة أثناء ممارسته لمهامه الحكومية الحق في المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن الجرائم المذكورة طبقا لمقتضيات القانون الجنائي ذات الصلة».

وتكون جلسات المحكمة المختصة بالنظر في الجرائم المنسوبة إلى عضو من أعضاء الحكومة عامة، بحسب هذا القانون، لكن يجوز لها بصفة استثنائية أن تقرر عقد جلسة سرية بمقرر معلل تعليلا خاصا.

وتطبق على أعضاء الحكومة الذين يرتكبون جنايات أو جنحا أو مخالفات خارج ممارستهم لمهامهم الحكومية الإجراءات العادية المنصوص عليها في القانون الجنائي الجاري به العمل، سواء بالنسبة إلى البحث التمهيدي والمتابعة أو التحقيق الإعدادي أو الحكم أو طرق الطعن أو تنفيذ الأحكام الزجرية، حسب القانون نفسه.