صفقات بين «النظامي» و«الحر» في سوريا لتبادل النفط الخام والأسلحة

مصدر في الجيش المعارض: اشترينا فوجا عسكريا بكامله غرب حلب

لاجئون سوريون جدد يعبرون إلى المناطق الخاضعة للجيش الحر في حلب (أ.ب)
TT

بعد مرور نحو عامين على اندلاع الأزمة في سوريا وتحولها إلى صراع عسكري تدور فصوله بين القوات النظامية الموالية للنظام ومقاتلي «الجيش السوري الحر» على كامل الأراضي السورية، بدأت ترتسم ملامح تفاهمات وصفقات تجارية وعسكرية بين الطرفين المتخاصمين، تتمثل في تبادل النفط وشراء الأسلحة، إضافة إلى تمرير مواد تموينية عبر حواجز جيش النظام.

ويشير أحد الناشطين المعارضين لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «جهات في الجيش السوري الحر تسيطر على آبار للنفط في مدينة الموحسن شرق محافظة دير الزور تقوم بتزويد النظام السوري بالنفط الخام مقابل الحصول على كميات من المواد المستخلصة منه كالمازوت والبنزين»، ويؤكد الناشط الذي رفض الكشف عن اسمه، أن «عملية التبادل تحصل في ظل صفقة بين الطرفين تقضي بعدم ضرب كتائب «الحر» المتمركزة في المنطقة لقاء تزويد النظام بالنفط الخام والاستفادة من المواد المكررة».

ووفقا لمصادر المعارضة السورية، فإن القوات النظامية لم تعد تسيطر سوى على خمسة حقول نفطية، موجودة شرق مدينة دير الزور، بينما يحكم «الجيش الحر» سيطرته على بقية الحقول النفطية. وتؤكد المصادر أن فقدان النظام سيطرته على الحقول النفطية، وكذلك على الطرق الرئيسية للنقل، يتسبب بخسائر مادية كبيرة للحكومة السورية.

وبحسب الناشط المعارض، فإن «النظام السوري بات مضطرا إلى التفاهم مع الجيش الحر للحصول على النفط الخام بسبب الحصار المفروض عليه من قبل المجتمع الدولي»، مشيرا إلى أن «العقوبات الدولية تسببت بنقص حاد في الوقود وارتفاع كبير في الأسعار، إضافة إلى منع النظام من تصدير النفط إلى الخارج، وعدم قدرة الشركات العالمية التي كانت تنقب عن النفط على متابعة عملها داخل سوريا».

وفي موازاة التفاهمات حول النفط في مدينة دير الزور، تتحدث مصادر في الجيش السوري الحر عن صفقات عدة تحصل مع ضباط في الجيش النظامي لشراء أسلحة أو تسليم قطع عسكرية بكاملها مقابل مبالغ مالية كبيرة. وفي هذا الصدد، يؤكد أحد الضباط المنشقين أن أحد الأفواج التابعة للوحدات الخاصة والمتمركز في غرب حلب قام قائده بتسليمه (للثوار) مقابل رشوة مالية كبيرة». وأوضح الضابط أن «الفساد المستشري في صفوف الجيش النظامي والحاجة الماسة إلى المال تدفع القيادات والجنود إلى المتاجرة بالسلاح الذي يملكونه»، مشيرا إلى أن «سعر بندقية الكلاشنيكوف وصل إلى 1700 دولار». ويؤكد الضابط أن «هناك تفاهمات بيننا وبين القوات النظامية من نوع آخر هدفها (التأمين على الحياة) بحيث نتعهد كـ(جيش حر) بعدم إطلاق النار على خصومنا مقابل تسليم مواقعهم، وقد حدث هذا في منطقة الرستن قرب حمص».

وفي السياق ذاته، أفاد ناشطون في ريف حماه لـ«الشرق الأوسط» بوجود تفاهم بين كتائب الجيش الحر والقوات النظامية تسمح بدخول مواد تموينية إلى المناطق المحاصرة مقابل امتناع «الثوار» عن تنفيذ هجمات ليلية تكلف قوات النظام كثيرا من الخسائر.

إلى ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي رفيع ليلة أول من أمس أن حكومة بشار الأسد ربما سمحت بوصول معونات إنسانية إلى أجزاء من سوريا يسيطر عليها مقاتلو المعارضة وذلك في محاولة لكسب ولاء السكان. وقال مكتب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي إنه استطاع الوصول إلى منطقة تسيطر عليها المعارضة في شمال سوريا للمرة الأولى ووجد نحو 45 ألف شخص مشردين في أحوال مزرية.

ووافقت الحكومة السورية على السماح للأمم المتحدة بالوصول إلى منطقة أعزاز شمال حلب قرب الحدود مع تركيا وتمكين قافلة من توزيع خيام وأغطية على المحتاجين الذين يعيشون في العراء في شدة البرد. وقالت آن ريتشارد مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون السكان واللاجئين والهجرة في مؤتمر عبر الهاتف: «نعتقد أن هناك أمرا ربما تكون (السلطات السورية) قد أخذته في الحسبان، وهو أنه ينبغي لهم استرضاء بعض أجزاء البلاد من خلال السماح بوصول المساعدات».. واستدركت قائلة: «وهكذا حدث تغير في منهجهم، ولكن من الصعب التكهن بالدافع الحقيقي لهم»، وأضافت أنها سألت مسؤولي الأمم المتحدة «وأن الإجابة الوحيدة التي سمعتها هي أنهم ربما أرادوا الحفاظ على ولاء بعض الناس لهم في المناطق الريفية».

وبشكل منفصل، قال مسؤول في اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن اللجنة استطاعت في الآونة الأخيرة تسليم مساعدات بموافقة الحكومة إلى أجزاء أخرى تسيطر عليها المعارضة من سوريا منها الحولة في محافظة حمص، وأضاف: «الأمر المثير في هذه المنطقة هو أنه تسيطر عليها المعارضة وكانت محاصرة منذ ثلاثة أشهر ولم يكن يصل إلى هذه المنطقة أي مساعدات إنسانية أو النزر القليل منها». وتابع القول إن اللجنة ومتطوعين من فرع الهلال الأحمر السوري في حمص قاموا بتوزيع معونات معظمها أغذية ويأملون القيام بتوزيع دفعة ثانية من الإمدادات الغذائية والطبية الأسبوع المقبل.