إسرائيل تعترف بأنها لم تعد قادرة على الدفاع عن البناء الاستيطاني

وزير المخابرات: على نتنياهو إقامة حكومة قادرة على تجميد الاستيطان

TT

اعترف مستشاران كبيران لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن العقوبات التي قررتها الحكومة ضد السلطة الفلسطينية بسبب نجاحها في رفع مكانتها في الأمم المتحدة إلى دولة مراقب، وخصوصا مشاريع التهويد والبناء الاستيطاني في المناطق المحتلة من القدس الشرقية والضفة الغربية - تسبب أزمة كبيرة لإسرائيل في العالم عموما ولدى أصدقائها بوجه خاص.

ورغم أن ديوان رئيس الوزراء لم يرد بداية على هذا النشر، نفيا أو تأكيدا. لكنه اضطر إلى إصدار بيان قال فيه إنه لم يغير شيئا في سياسته الاستيطانية، عندما بدأ المستوطنون يهاجمونه ويتهمونه بأنه يسرب أقوال مستشاريه كبالون اختبار. والمستشاران المعنيان؛ هما: الجنرال المتقاعد يعقوب عاميدرور رئيس مجلس الأمن القومي وكبير المستشارين، والمحامي يتسحاق مولخو المستشار السياسي المسؤول عن المفاوضات الإسرائيلية مع الفلسطينيين. وقد كشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، عن أن عاميدرور سمع عدة مرات يتحدث في اجتماعات مغلقة عن مصاعب إسرائيل وعزلتها بسبب عمليات البناء في المستوطنات وقال إنها تتسبب في خسارة إسرائيل لدعم أهم الدول الصديقة في الغرب. وأكدت أنها تعتمد في هذا النبأ على مصدرين سياسيين موثوقين.

وعبر عاميدرور، المعروف بأنه من قوى اليمين المتطرف، عن قلقه من تدهور المكانة الدولية لإسرائيل، في أعقاب الانتقاد الدولي الحاد الذي حظي به الإعلان الإسرائيلي عن موجة بناء في المستوطنات، كرد فعل على توجه السلطة الفلسطينية للأمم المتحدة. وأوردت الصحيفة على لسانه القول، في أكثر من مناسبة، إن البناء في المستوطنات تحول إلى مشكلة دولية تتسبب لإسرائيل في فقدان دعم الدول الصديقة في الغرب، بحيث لم يعد ممكنا لأي مسؤول إسرائيلي أن يدافع عن هذا الموقف في أي مكان في العالم، ولا يمكن تفسيره حتى للمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي تعتبر من أقرب الأصدقاء لإسرائيل في أوروبا، ولا حتى لرئيس حكومة كندا، ستيفن هارفر، الذي لا يبدي أي تحفظات إزاء السياسة الإسرائيلية عادة.

كما كشفت «هآرتس» عن أن مولخو، مبعوث رئيس الحكومة الخاص، الذي يمسك بالملف الفلسطيني في مكتب نتنياهو، كان يشاطر عاميدرور دائما في هذا الموقف. ورد ديوان رئاسة الحكومة على هذا النشر، بعد ساعات من الصمت، بالقول إنه «لا تغيير على موقف بنيامين نتنياهو من مسألة البناء في المستوطنات» و«إمكانية تجميد البناء ليست واردة بالحسبان في هذه المرحلة». وكان المستشاران عاميدرور ومولخو بالذات قد كلفا السفر إلى الولايات المتحدة، في الأسبوع المقبل، لمباشرة العمل على التحضير لزيارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في 20 مارس (آذار) المقبل. ولذلك، فقد ربط المراقبون بين رحلتهما إلى واشنطن وتسريب الأنباء عن موقفيهما. ومع أن الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، عملتا أمس على تخفيض سقف الآمال حول زيارة أوباما، وأصدرتا بيانين يؤكدان أن الموضوع الإيراني والموضوع السوري سيطرحان بقوة في زيارة أوباما وأن أوباما لن يصل المنطقة وبيده مشروع أميركي للسلام، إلا أن تسريب موقفي عاميدرور ومولخو يؤكد أن الصراع في الشرق الأوسط يحتل مكانة عالية في هذه الزيارة. وأدلى نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، بتصريحات صحافية، أمس، توقع فيها أن تؤدي زيارة الرئيس أوباما، إلى المنطقة إلى عقد لقاء ثلاثي أو حتى رباعي يشارك فيه نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) وربما العاهل الأردني عبد الله الثاني أيضا. وقال أيالون، إن الإدارة الأميركية تشعر بأن عدم تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط طيلة السنوات الأربع لدورة الرئيس أوباما، مس بهيبة الولايات المتحدة كدولة عظمى وقائدة في العالم. وأوباما يأتي إلى هنا ليستعيد هذه الهيبة. ولذلك، توقع أن يحصل تقدم ما في العملية التفاوضية. وكتب أيالون، على صفحته في الشبكة الاجتماعية (فيس بوك)، أمس، أنه «عندما يكلف رئيس الدولة العظمى رقم واحد نفسه زيارة إلى خارج حدود الولايات المتحدة، فإنه بالإمكان الاعتقاد أنه تم تحقيق تفاهمات مسبقة بين القدس وواشنطن بشأن نتائج الزيارة». وأضاف أنه «في هذه اللحظات تماما تجري بالتأكيد اتصالات مكثفة بين العواصم من أجل عقد لقاء ثلاثي بين بيبي (هكذا يطلقون على نتنياهو) - أبو مازن - أوباما، وربما ينضم عبد الله إلى هذا اللقاء أيضا». وصرح وزير شؤون المخابرات في حكومة نتنياهو الحالية، دان مريدور، بأنه لن يكون هناك مفر من تكبيل البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، من الآن فصاعدا. وأضاف مريدور، في حديث للإذاعة الإسرائيلية الرسمية، أمس، أن استمرار البناء في المستوطنات يتناقض مع مبدأ الدولتين للشعبين. ودعا الوزير مريدور نتنياهو إلى تشكيل حكومة تستطيع التجاوب مع الإرادة الدولية في التسوية على أساس هذا المبدأ وتكون قادرة على تجميد البناء الاستيطاني.