مجلس النواب العراقي يخفق للمرة السادسة في تمرير الموازنة بسبب السجالات السياسية

مراقب: أضخم موازنة في تاريخ العراق ستبقي الفقراء على فقرهم وتحافظ على امتيازات البرلمانيين

المواطنة العراقية «أم جاسم» مع حفيديها تقف حائرة أمام غرفتها المبنية من الصفيح والتي هدمتها مياه الأمطار في حي الزعفرانية جنوب بغداد (أ.ب)
TT

لم يعد التصويت برفع الأيدي كافيا لإقرار الموازنة المالية لعام 2013 من قبل البرلمان العراقي. فللمرة السادسة يتم إدراج قانون الموازنة التي تعد الأكبر في تاريخ العراق هذا العام (138 مليار دولار) لغرض التصويت عليها داخل قبة البرلمان وإقرارها. لكنه وبسبب استمرار السجالات السياسية المتمثلة في الطلبات المتبادلة بين الكتل لإضافة فقرات أو حذف أخرى فلم يتم التوصل إلى اتفاق الأمر الذي اضطر رئاسة البرلمان إلى إرجاء عملية التصويت إلى يوم غد.

ويرى مراقب سياسي عراقي أنه «رغم ضخامة الميزانية فإنها لم تتطرق إلى مواضيع مثل حماية الفقراء أو ممن يعيشون تحت مستوى خط الفقر وإنقاذ سكان العشوائيات الذين يحيون في بيوت الصفيح، أو دعم الطبقة الوسطى من المجتمع، بل خضعت هذه المفردات للمزايدات فقط من دون أن تلقى دعما عن طريق إقرار قانون التقاعد أو الشبكة الاجتماعية وزيادة التخصيصات المالية»، مضيفا «بينما يلاحظ أن أعضاء البرلمان لا يتأخرون عن إقرار قوانين أو فقرات تتعلق بامتيازاتهم وزيادتها بل إن هذه الموازنة ستبقي الفقراء على فقرهم وتحافظ على امتيازات البرلمانيين». وأشار المراقب السياسي الذي فضل عدم نشر اسمه إلى أن «الاعتراضات التي تؤخر إقرار الموازنة تتعلق بمصالح الكتل السياسية الكبرى ولم تقترب من مصالح الناس أو مصلحة الشعب العراقي».

وكان قادة الكتل السياسية قد عقدوا اجتماعا مغلقا من أجل حسم نقاط الخلاف التي تحتاج إلى توافق سياسي لغرض تمرير الموازنة وهو ما لم يتم التوصل إليه خلال تلك الجلسة. وطبقا لما أعلنه عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي عن المجلس الأعلى الإسلامي فرات الشرع لـ«الشرق الأوسط» فإن «الحل لن يكون داخل قبة البرلمان بل بين رؤساء الكتل السياسية الذين عقدوا اجتماعا مطولا على أمل أن يتم الاتفاق على تسوية الخلافات بين الكتل من أجل التصويت على الموازنة خلال الجلسة المسائية بعد أن تم الاتفاق على أن تكون الجلسة مفتوحة». وأضاف الشرع أنه «كان من المقرر أن ننتهي من الموازنة المالية لهذا العام خلال الشهر الواحد لكي تكون جاهزة للتصويت في أولى جلسات البرلمان في الشهر الثاني إلا أنه وبرغم إدراجها في كل مرة على جدول الأعمال فإن المشكلة التي نواجهها دائما يتمثل في باب المفاجآت المفتوح على مصراعيه والمتمثل في الطلبات والطلبات المتبادلة بين الكتل» مشيرا إلى أنه «ما أن تطلب كتلة إضافة فقرة أو حذف شيء تطلب كتلة أخرى الأمر نفسه وفي باب آخر الأمر الذي يضطر الرئاسة إلى رفعها من جدول الأعمال». وأضاف الشرع أن «اللجنة المالية في البرلمان انتهت من صياغة ما هو فني وقانوني في الموازنة ولكن الأمر يتعلق باستمرار السجالات السياسية». وردا على سؤال بشأن أبرز نقاط الخلاف التي أثرت سلبا على الموازنة قال الشرع إن «من بين القضايا التي كانت من أسباب التأخير هو الطلب الذي تقدمت به القائمة العراقية فيما يتعلق بالصحوات حيث طلبوا تخصيصات إضافية وهو ما تم لهم بينما لا يزال الكرد يطالبون بمبلغ قدره 4 مليارات دولار وهو مستحقات الشركات النفطية بينما هناك محاولات لتخفيض نسبة الكرد إلى 12% وهو ما يرفضه التحالف الكردستاني بشدة وحيال هذه الخلافات وأمور أخرى تفصيلية تتعلق بالتخصيصات والصلاحيات ترك الأمر لرؤساء الكتل نظرا للحاجة إلى توافق سياسي بشأن كل هذه القضايا». وبشأن ما إذا كانت جلسة السبت سوف تكون نهائية قال الشرع «أستبعد أن تكون جلسة السبت حاسمة».

من جانبها أكدت عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني نجيبة نجيب وهي عضو في اللجنة المالية البرلمانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك خلافات كثيرة بشأن الموازنة بعضها قديم مثل المطالبات المستمرة من جزء من أعضاء دولة القانون بتخفيض نسبة الكرد إلى نحو 12% وهو أمر مرفوض من قبلنا بسبب عدم وجود تعداد سكاني فإن هناك خلافات تظهر بين الحين والآخر بين الكتل السياسية». وأضافت نجيب أن «أبرز الخلافات هي مطالبة القائمة العراقية زيادة التخصيصات والصلاحيات للمحافظات والأقاليم وهو ما يعني تكريس مبدأ اللامركزية وفيما يتعلق بالتحالف الكردستاني فإنه يصر على تنفيذ العقود الخاصة بالشركات النفطية مقابل أن يلتزم الإقليم بـ250 ألف برميل نفط يوميا وهو ما لم توافق عليه دولة القانون». وأوضحت نجيب أن «هناك نصوصا في الموازنة لاتزال تحتاج إلى تعديل وأن هذه التعديلات تحتاج إلى قوانين خاصة». وأشارت إلى أن «هناك محاولات لزج نصوص وعبارات ذات طابع استفزازي وسياسي للكرد خاصة وهو أمر الهدف منه العرقلة فقط». وفي هذا السياق اعتبر الخبير الاقتصادي ماجد الصوري أن «طريقة بناء الموازنة خاطئة وهي طريقة التعامل كصندوق وهذا ليس الأساس في ترتيب الموازنة». وأضاف أن «الموازنة يجب أن تكون لها أهداف استراتيجية واقتصادية واجتماعية ويجب الوصول إليها في فترة زمنية محددة». وأشار إلى أن «الحسابات الختامية يجب أن تبين بشكل عام أداء الحكومة حول الإنفاق والإيرادات والنتائج المترتبة على هذا الموضوع».