المبعوث الأممي للصحراء يزور المنطقة الشهر المقبل بعد «مشاورات» مع الدول الكبرى

معتقلون صحراويون يمثلون اليوم أمام المحكمة العسكرية في الرباط

TT

يصل كريستوفر روس المبعوث الأممي المكلف بنزاع الصحراء إلى المنطقة الشهر المقبل من أجل إجراء جولة جديدة من المحادثات مع كل من المغرب والبوليساريو، وكذلك مع مسؤولين في الجزائر وموريتانيا، في إطار «دبلوماسية الرحلات المكوكية» بين أطراف نزاع الصحراء، بدلا من المحادثات المباشرة التي أجريت منها خمس جولات رسمية من قبل بين المغرب والبوليساريو، لكنها لم تؤد إلى تحقيق أي تقدم يذكر في النزاع منذ إيقاف إطلاق النار في الصحراء في عام 1991.

ويقوم حاليا كريستوفر روس بجولة تشمل مجموعة ما يسمى «أصدقاء الصحراء» لإجراء مشاورات تفصيلية، وتضم هذه المجوعة كلا من أميركا وروسيا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا، وكان روس التقى في واشنطن بمسؤولين في الخارجية الأميركية قبل أن يبدأ جولته الحالية والتي ستستمر حتى 15 فبراير (شباط) الحالي. وبعد محادثاته في واشنطن زار روس موسكو، ومن المقرر أن يزور إلى جانب لندن ومدريد وباريس كلا من برلين وسويسرا، ونسب موقع الأمم المتحدة إلى إدواردو ديلبي المتحدث باسم الأمم المتحدة قوله «تهدف محادثات كريستوفر روس في هذه العواصم إلى الحصول على دعم دولي للمحادثات حول الصحراء، من أجل مرحلة من العمل مع أطراف النزاع والدول المجاورة، من المتوقع أن تجري في مارس (آذار) المقبل». ولم يصدر أي رد فعل في الرباط حول جولة كريستوفر روس المرتقبة خلال الشهر المقبل، كما لم يتسن الحصول على تعقيب من الخارجية المغربية.

في موضوع ذي صلة، يمثل 24 من الصحراويين اليوم (الجمعة) أمام محكمة عسكرية في الرباط بتهمة قتل 11 شخصا معظمهم من الشرطة المغربية في مدينة «العيون» كبرى مدن الصحراء في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2010، عندما شيد محتجون صحراويون يطالبون بالسكن وتوفير خدمات أخرى مخيما في ضواحي المدينة عرف باسم «كديم يزيك».

وكانت المحكمة العسكرية في الرباط قررت تأجيل المحاكمة إلى الجمعة بعد أن قبلت من حيث المبدأ طلبات هيئة الدفاع بمثول شهود من بينهم الطيب الشرقاوي وزير الداخلية السابق، لكن المحكمة قالت إنها ستتداول حول الأمر وستعلن قرارها اليوم.

وفي سياق متصل، قالت خديجة الرياضي رئيسة «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان» إن عائلات من ضحايا أحداث مخيم «كديم يزيك» عقدوا لقاء في مقر الجمعية بالرباط، وطالبوا بفتح تحقيق حول مقتل أبنائهم، وأشارت الرياضي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه سبق لهؤلاء أن وضعوا شكاوى يطالبون فيها بوضع حد لما اعتبروه تمييزا بين الضحايا وقتلى الشرطة. وطالبت الرياضي بفتح تحقيق قضائي حول ما جرى في مخيم «كديم يزيك».

يشار إلى أن مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان احتضن أمس لقاء آخر لأسر ضحايا الشرطة، في إطار مبادرة الجمعية للمساواة بين جميع الضحايا. وشددت الرياضي على أن الجمعية اتخذت هذه المبادرة في إطار «الدفاع عن حق الضحايا في الحياة». وزادت قائلة «نحن نطالب بمعرفة الحقيقة، في كل الأحوال، وبمحاكمة عادلة».

تجدر الإشارة إلى أن الصحراويين الذين سيحاكمون اليوم يعتبرون من المتعاطفين مع جبهة البوليساريو، ويعرفون في المغرب باسم «انفصاليي الداخل» وكانوا قد اعتقلوا عقب تدخل قوات الأمن المغربية لتفكيك مخيم «كديم يزيك» وقالت وقتها السلطات إن عناصر متعاطفة مع البوليساريو تسللت إلى المخيم.

يذكر أن خلفيات هذا الحادث تعود إلى أكتوبر (تشرين الأول) عام 2010 عندما قرر بعض سكان مدينة العيون إقامة مخيم في منطقة تسمى «أكديم إيزيك» بهدف الدفاع عن مطالبهم الاجتماعية المتعلقة أساسا بتوفير السكن والعمل، ودام ذلك المخيم عدة أيام، وعندما طلبت السلطات من المعتصمين في المخيم تفكيكه رفض بعضهم ذلك، وهو ما أدى إلى تدخل قوات الأمن التي تلقت أوامر بعدم استعمال السلاح، مما أدى إلى سقوط ضحايا من الشرطة. وإثر ذلك التدخل بادرت مجموعات صغيرة من الشبان الصحراويين بمهاجمة قوات الأمن بواسطة أسلحة بيضاء ورشقهم بالحجارة والزجاجات الحارقة وقنينات الغاز، ثم انتشرت بعد ذلك المواجهات في العيون، حيث أشعلت النيران في بعض المباني الحكومية كما تعرضت الكثير من الأمكنة الأخرى للنهب.