عبد الله غلام الله: الإسلاميون لا يبحثون إلا عن الحكم.. ولا خطر على الجزائر من التشيع

وزير الشؤون الدينية الجزائري يصف في حوار مع «الشرق الأوسط» منفذي عملية عين أميناس بـ«قطاع الطرق والبلطجية»

عبد الله غلام الله وزير الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر
TT

وصف عبد الله غلام الله وزير الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر، منفذي الاعتداء الإرهابي الأخير على منشأة الغاز بعين أميناس (جنوب شرقي الجزائر) بـ«قطاع الطرق والبلطجية»، وقال إن «هؤلاء لا ينتمون إلى الإسلام، وإن ادعوا ذلك».

وأوضح غلام الله أن «كل جزائري أحس بأن هذا العدوان كان موجها إليه في نفسه وفي عائلته؛ لأنه موجه إلى الوطن، والوطن لدى الجزائريين شيء مقدس».

وتأسف غلام الله في حديث خص به «الشرق الأوسط» في الجزائر العاصمة، لكون «العملية مصدرها دول عربية»، ولأن دليل الجماعة الإرهابية جزائري، وصفه بالخيانة الكبرى.

وأضاف الوزير الجزائري أن هناك أعداء كثرا يتربصون بالجزائر، وأن أغلب هؤلاء يتحدرون من أسر فرنسية كانت تستعمر الجزائر، وفي طليعتهم الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي، الذي قال عنه بأن مهمته هي إفساد ما يستطيع في الجزائر.

وتحدث غلام الله عن محاولات التيار السلفي في الجزائر إدخال أفكار وصفها بـ«الدخيلة»، وقال إنها تهدد المرجعية الدينية الوطنية.

وعن جهود مجموعة من السفليين لإنشاء حزب سياسي قال غلام الله: «الشيء الذي أعرفه عن السفلية الحنبلية، السلفية الأصيلة التي أحترمها وأعتقد أنها على صواب في موطنها وليس في الجزائر، أنها لا تؤمن بالأحزاب، فإذا كان هؤلاء باسم السفلية يريدون أن يشكلوا حزبا سياسيا، أعتقد أنهم ليسوا سلفيين حنابلة».وفيما يلي نص الحوار:

* دعوتم مؤخرا مؤسسات الدولة للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية؛ حفاظا على استقرار الجزائر وتماسكه، جراء انتشار ما سميتموه «الأفكار الدخيلة» التي تهدد استقرار البلاد.. فماذا تقصدون بـ«الأفكار الدخيلة»؟

- الأفكار الدخيلة هي محاولة إدخال أفكار تكونت وانتشرت في منطقة ما من البلاد الإسلامية، وفرضها على الناس، وهي تلك التي تتعلق بممارسة الشعائر الدينية، والأمر يصبح مقبولا إلى حد ما حينما تكون هذه الممارسة من طرف شخص يمثل نفسه فقط، لكن حينما يتعلق الأمر بأئمة المساجد، فذلك يمثل خطرا؛ لأن في ذلك محاولة لتغيير واقع التركيبة الاجتماعية، وأنا مستعد لأن أتلو عليكم قائمة تضم أكثر من 40 مخالفة، وهذه المخالفات غير مرتبطة بالعقائد؛ لأن عقائد المسلمين واحدة، وإنما تتعلق بكيفية ممارسة الشعائر الدينية، فكل مجتمع تكونت له عادات أثناء ممارسة العبادات، وإلغاء هذه العادات واستبدال أخرى بها في المستوى نفسه لكن من جهة، وهو ما اعتبرناه مخالفا للمرجعية الدينية الوطنية.. ومحاولة استبدال المذهب المالكي وما تفرع عنه بالمذهب الحنبلي يخلق نوعا من الاهتزاز، ويحدث نوعا من الارتجاج في شعور الإنسان.

أقول هذا لأنني سمعت مؤخرا حديثا حول ضرورة تحديد ماهية المرجعية الدينية الوطنية، هذه المرجعية تتعلق بالمذهب المالكي المتبع وما تفرع عنه، ومخالفة ذلك وإدخال أمور غريبة تعتبر تهديدا للنسيج الاجتماعي، وأعطي مثالا للمخالفات التي سبق ذكرها بآداب المسجد في مذهبنا المالكي.. على سبيل المثال في العيد هناك خطبتان، هناك من يخطب خطبة واحدة فقط، نحن نسبح التسبيح الجماعي قبل الصلاة في المسجد، وهناك من يرفض هذا التسبيح الجماعي.

هناك مسألة أخرى خطيرة جدا تتعلق باعتماد المواقيت الشرعية، فنحن لدينا مواقيت شرعية للأذان معتمدة بصفة علمية، وهم لا يعتمدون على هذه المواقيت المتفق عليها في الجزائر، وينتظرون المواقيت الشرعية التي تأتي من دول أخرى، هذه المخالفة تتسبب في إفطار الناس في رمضان، وغير ذلك من التجاوزات.

إذن المرجعية لا تتعلق بالأصول، وإنما بما درج عليه الناس. واستبدال ممارسات بأخرى في المستوى نفسه هو أمر يثير الاشمئزاز.

هناك مثال آخر، فالجزائريون يلبسون ثيابا عادية، وحينما نشاهد شخصا جزائريا من دون شوارب، ويرفع قميصه إلى ما فوق الركبتين، وسرواله لنصف الساق، ولحيته كبيرة، نعتبر ذلك أمرا غير عادي، لأننا نحن الجزائريين نعتبر الرجل الذي يحلق شاربه ليس برجل، لذلك أقول إن سبب نفور الأوروبيين من الإسلام هو المناظر السيئة للمسلمين، فمشاهدة امرأة متغطية بالكامل تمشي في الشارع وهي تسحب جزءا من جلبابها على الأرض، أمر يسيء للإسلام.

* يبدو أنك تتهم التيار السلفي بمحاولة الترويج لأفكار دخيلة منافية للمرجعية الدينية الوطنية.

- إذا كنت تقصد بالسفلية تقليد السلف، فنحن كلنا سلفيون، لكن أي سلفية تقصد؟ وعن أي سلفية تتحدث؟

* منتسبو هذا الفكر يقولون عن أنفسهم إنهم يحملون الفكر الإسلامي الخالص؛ لأن السلفية، حسب رأيهم، هي ما كان عليه القرن الأول والثاني من الإسلام؟

- اسمح لي، القرن الأول مات وانتهى، القرن الأول بقيت لنا منه المناهج والمقاصد، أما عادات هذا القرن فهي لم تعد قائمة، ونحن يمكننا استلهام أفكار الأمم قبل هذا القرن، يمكننا أن نأخذ عنهم الأفكار الصحيحة، لكن ليس بنفس الشكل، والطريقة التي كانت تطبق في ذلك الوقت، وأنا لا أتحدث عن الأمور التعبدية التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان، ولكن الأمور المتعلقة بالعادات؛ كاللباس ومظهر الإنسان، هذه الأمور غير ثابتة وتتغير.

* انتشار الفكر المتشدد في الجزائر، حسب البعض، يعود إلى ضعف تكوين أئمة المساجد وضعف خطابهم الديني.

- لا.. الموجودون في المسجد هم شباب جزائري متخرج في المعاهد الجزائرية، وأصحاب هذا الفكر أيضا متخرجون في المعاهد والجامعات الجزائرية، وعلمهم متماثل، إلا أن الفرق يكمن في أن هناك أشخاصا يعملون بالهاتف، وهناك من يعمل بما تعلم في الجامعة. فالذي يعمل بالهاتف هو الذي أتحدث عنه، أي الذي يستقبل الفتاوى من الخارج، فهو عندما يريد فتوى يتصل بمشايخه في الخارج.

* لقد تسبب انتشار مذاهب أخرى غير المذهب المالكي المعتمد في الجزائر في فوضى الفتاوى، والسبب في ذلك، حسب البعض، يكمن في غياب مفتٍ للجمهورية يكون مرجعية رسمية للفتوى، فهل تشاطر هذا الرأي؟

- مفتي الجمهورية هو مؤسسة تنشئها الدولة، مثلها مثل المجلس الإسلامي الأعلى، ولو أرادت الدولة لأنشأت كرسي الإفتاء، لكن خلال الفترة الراهنة لدينا ما يعوض ذلك، أقصد المجالس العلمية المنتشرة في مختلف محافظات الجزائر، بالإضافة إلى هيئة الإفتاء الموجودة في الإدارة المركزية للوزارة، كما تلعب قناة «القرآن الكريم» دورا مهما في هذا الجانب، من خلال نخبة من أئمة يقدمون فتاوى للسائل الجزائري، ومنذ انطلاقتها تراجع توجه الجزائريين إلى دول مشرقية لطلب الفتوى، وأصبحت مصدرا للفتوى حتى بالنسبة للجزائريين المقيمين في دول أوروبية.

أما بخصوص فوضى الفتاوى فذلك سببه وسائل الإعلام، التي تفضل نقل فتاوى علماء أجانب، بدل نقل فتاوى لعلماء الجزائر. ولست أدري تحديدا ما هو القصد من ذلك، هل ذلك يدخل في إطار معارضة السياسة الجزائرية أم ماذا؟ وأعتقد أن هذه الصحف التي تنشر هذه الفتاوى الفوضوية، لا تدرك الخطر الذي تحدثه في المجتمع الجزائري، مع أن رجل الإعلام ينبغي أن يكون محافظا ومساندا لوحدة الفكر في بلده، وليس مشتتا لها.

* نسبت وسائل إعلام محلية لكم قولكم إن هناك أعداء يتربصون بالجزائر، وإن هؤلاء هم من عاثوا فسادا في ليبيا وسوريا.. فمن تقصد بهؤلاء الأعداء؟

- أنا لم أقل بأن هؤلاء هم من عاثوا فسادا في ليبيا وسوريا. وسائل الإعلام تقول ما تريد، وأغلبها لا يلتزم بما يقال، لكن هناك فعلا أعداء يتربصون بالجزائر، وهؤلاء الأعداء أغلبهم يتحدر من أسر كانت تستعمر الجزائر، على غرار برنارد هنري ليفي، الذي تتمثل مهمته في إفساد ما يستطيع في الجزائر، ومثله كثيرون، وهناك من يرى في الجزائر بلدا شاسعا وكبيرا، ويبحث له عن موطئ قدم فيه.

* من بين الجهود المبذولة في سبيل محاربة الفكر المتشدد والإرهاب في دول الساحل، قيام مجموعة من العلماء والمشايخ بتأسيس «رابطة علماء ودعاة وأئمة الساحل»، يوجد مقرها في الجزائر، وعقدت الرابطة اجتماعها مؤخرا بالعاصمة الجزائرية، وقال أمينها العام بأن هدف الرابطة هو مكافحة التطرف والغلو والإرهاب بكل أشكاله ومصادره.. كيف تقيمون هذه الخطوة؟

- هذه الخطوة ظهرت أثناء موسم الحج، وخلال اللقاء تم الاتفاق على عقد لقاء في الجزائر، وفعلا التقى هؤلاء العلماء خلال الأيام الماضية واستمعنا إليهم، والشيء الغريب بالنسبة لبعض الإخوان، هو أن الذين قدموا من مالي والنيجر وموريتانيا كانوا على المذهب المالكي، وعلى المرجعية المغاربية.

ونحن نتمنى من علماء الجزائر الذين نجلهم، أن يأخذوا منهم الدرس، فهم الذين يجب أن نتخذهم قدوة، قدموا إلينا للتنديد ليس بالإسلام المتطرف، وإنما بالذين يتخذون الإسلام وسيلة للعدوان على مواطنيهم، وللعدوان على جيرانهم، وعلى المستأمنين؛ لأن الأجانب الموجودين في الجزائر أو غيرها من الدول الإسلامية استأمنتهم الدولة ولا يجوز الاعتداء عليهم، والاعتداء عليهم اعتداء على الإسلام الذي يدعون الانتماء إليه، ويريدون الحكم باسمه، ويسرقون باسمه.

* أعلنت مؤخرا مجموعة سلفية في الجزائر عن نيتها إنشاء حزب سياسي، فما موقفكم تجاه هذا الأمـر؟

- الشيء الذي أعرفه عن السفلية الحنبلية، السلفية الأصيلة التي أحترمها وأعتقد أنها على صواب في موطنها وليس في الجزائر، أنها لا تؤمن بالأحزاب، فإذا كان هؤلاء باسم السفلية يريدون أن يشكلوا حزبا سياسيا، فأعتقد أنهم ليسوا سلفيين حنابلة، فلو سألوا الشيخ الألباني أو الشيخ العثيمين أو الشيخ ابن باز هل نشكل حزبا فلا أعتقد أنهم سيوافقون، وهؤلاء هم أعلام السلفية الذين أحترمهم، وإن كنت لا أقلدهم، لكن أعتقد أنهم على صواب بالنسبة لاجتهاداتهم.

أما بخصوص قضية الترخيص من عدمه، فهذه القضية تعود إلى تقدير السلطة التي تمنح هذا الأمر، فهي لا شك ستستشير أهل الحل والعقد، فإذا توصلت إلى أن من حق هؤلاء المواطنين أن يشكلوا حزبا سياسيا بصفتهم مواطنين، فليكن لهم ذلك، لكن من قال عن نفسه إنه مواطن فلا بد أن يأخذ بجميع شروط المواطنة، ومن ضمنها الاحتكام إلى الانتخابات، وأعتقد أن هؤلاء الإخوة لا يؤمنون بالانتخاب، ويرون أن طريقة الحكم بالانتخاب غير شرعية، وغير سليمة. وإذا قلت أنا مواطن فأنا أقر بطريقة الحكم والوصول إليه، وإذا لم أقر بهذا فأقول أنا مسلم ولا أقول بأنني مواطن.

* فيما يخص حرية ممارسة المعتقدات الدينية في الجزائر، هناك تقارير أميركية تنتقد حرية ممارسة الشعائر الدينية في بلادنا.. فما مدى صحة هذه التقارير؟

- لا.. هذا الأمر غير صحيح، نحن قلنا للمنتقدين أعطونا مثالا أو دليلا واحدا فقط لكي نستطيع أن نناقشكم في الموضوع، لكنهم لم يقوموا بذلك، هذه مجرد دعاوى واتهامات تفتقر لأي سند أو برهان، وأنا أقول العكس.. حرية التعبير وحرية التفكير في الجزائر هي التي فتحت المجال لكثير من الناس لاعتناق مذاهب أخرى غير المذهب المعتمد، وديانة غير الديانة الإسلامية، وسمحت بانتشار طوائف غير السنة، مثل الشيعة.

* بالمقابل هناك إحصائيات كشف عنها باحث جزائري تشير إلى تنصر نحو 6 جزائريين كل أسبوع، وأن نحو 10 آلاف جزائري اعتنقوا المسيحية خلال السنوات الأخيرة، فهل هذا الأمر صحيح؟ وما سبب تنصر الجزائريين؟

- لو سلمنا بتنصر 6 جزائريين في الأسبوع في عملية حسابية بسيطة، السنة فيها 55 أسبوعا، وهو ما يعني تنصر 330 جزائريا في السنة، وخلال عشر سنوات نجد تنصر ما مجموعه 3300 جزائري، وهذا العدد ما زال بعيدا عن العدد الذي تحدثت عنه، أي 10 آلاف متنصر.. عدديا هذا الأمر غير صحيح.

لكن واقعا ممكن يوجد عدد كبير من المسيحيين، لكن هؤلاء ليسوا بجزائريين، لأن المسيحيين الجزائريين عددهم محدود جدا، والجزائريون بطبيعتهم مسلمون، وحتى لو كان أحدهم ينتمي إلى عائلة مسيحية، تجده يتصرف كمسلم ولا يتصرف كمسيحي، لدينا مسيحيون ضيوف.

والدليل على أن عدد المتنصرين محدود هو عدم وجود أي قسيس جزائري، أي متنصر في مستوى مكون ومرجعية دينية، وكل المرجعيات الدينية المسيحية في الجزائر هم من الأجانب، فرئيس الأساقفة الكاثوليك أردني، وأغلب الذين يعملون معه جنسيتهم فرنسية، وهناك البعض قدم من أميركا اللاتينية، والبعض من أوروبا الشرقية.

أما عن مبرر وجود القيادات الدينية المسيحية في الجزائر فذلك يروم خدمة المسيحيين، وأغلبهم من الطلبة المسيحيين الذين قدموا للدراسة في الجامعات الجزائرية، ويقدر عددهم بأكثر من ألف طالب أجنبي قدموا من دول أفريقية، ومن عائلات مسيحية، وتحصلوا على منحة جزائرية، فوجود تلك القيادات المسيحية في الجزائر يهدف إلى خدمة هؤلاء الطلبة، فهل هناك حرية دينية أكثر من هذه؟ لا توجد دولة في العالم تتبرع بهذا النوع من التصرف تجاه الديانة غير الإسلامية.

* يبدو أن مسألة التشيع في المجتمع الجزائري أخذت، حسب البعض، أبعادا خطيرة، فهل هناك فعلا محاولات لتشييع الجزائريين؟

- ذلك لا يشكل خطرا على الجزائر، ففرنسا على مدار 130 سنة لم تشكل خطرا على هوية الجزائريين، فلا يمكن لأي شخص يدعو إلى ممارسة بعض الطقوس التي يمارسها الشيعة في بلاد الشيعة، أن يشكل خطرا على الجزائر، فهذه مجرد ظواهر، ولا ترقى لأن تشكل خطرا على البلاد، لأجل ذلك أتحدث عن وحدة المرجعية؛ لأنه حينما يتم تفكيك المرجعية الوطنية، يقع اهتزاز في الشعور، وهذه الظواهر لا تقتصر فقط على طقوس الشيعة، فهناك القاديانية وعبدة الشيطان، وقد تم توقيف خلية لهؤلاء، ولكن هذه الفئات محدودة جدا في المجتمع الجزائري.

* الثورات العربية التي شهدها العالم العربي أوصلت الحركات الإسلامية، وبشكل خاص «الإخوان المسلمين»، إلى الحكم في دول الربيع العربي، فما موقفكم من وصول «الإخوان المسلمين» إلى الحكم؟

- الحراك يجب أن يكون نابعا من الداخل، مثلما حدث في مصر، وحينما كنت أزاول تعليمي في الكتاب، كنت أعرف «الإخوان المسلمين» وكنت أحبهم، وكنا نرى فيهم المحاربين للإنجليز. «الإخوان المسلمون» في مصر موجودون بقوة، ولديهم تكوين، بينما الحراك في سوريا هو صراع واقتتال داخلي بين السوريين، بواسطة استعمال سلاح وأموال ليست سورية. الأمر نفسه حدث في ليبيا حيث رأينا تدخل دول أجنبية كثيرة.

نحن في الجزائر لا نحكم على تجارب الآخرين، نحن في الجزائر نلتزم دائما بعدم التدخل، لا نتدخل في سوريا بين السوريين، ولا في مصر بين المصريين، ولا نتدخل في ليبيا بين الليبيين، ولا في تونس بين التونسيين. نحن لا نتدخل في شؤونهم الداخلية، لكننا نتمنى دائما أن يصل هذا الحراك إلى استقرار، يعود بالفائدة على المواطن العربي.

أما ما يسمى «الربيع العربي» فهذه التسمية ليست عربية، هذه العبارة جاءت من الخارج، وجاء بها من كانوا يقصفوننا بطائراتهم، وقالوا إنهم يصنعون لنا ربيعا.

أما الإسلام السياسي أو الأحزاب التي اعتمدت الإسلام مرجعا لفلسفتها السياسية، فهذا التيار ممثل في الجزائر بنحو ثلاثة أحزاب أو أربعة، وفي تونس هناك حركة النهضة، وفي مصر نجد أبرزهم «الإخوان المسلمين»، وفي سوريا والكويت أيضا يوجد هذا التيار.

ويجب أن نفهم أن هذه الأحزاب الإسلامية لا تنكر أن بقية المواطنين مسلمون، فلو تسأل أي منتسب لحزب إسلامي في الجزائر، وتقول له أنتم حزب إسلامي وبقية الجزائريين المنتمين إلى حزب جبهة التحرير الوطني، أو التجمع الوطني الديمقراطي وغيرهم، هل هم مسلمون أم لا؟ الجواب أكيد سيكون مسلمين. وحينما تسأله عن ماذا يبحث؟ يقول لك أنا أريد أن أصل إلى الحكم، هم إذن لا ينفون عن البقية صفة الإسلام، وأنا منذ انطلاق الربيع العربي قلت بأن الإسلاميين لا يريدون الإسلام؛ لأن الإسلام موجود، وإنما يريدون الحكم.