القمة تختتم أعمالها بتجاوز قضايا شائكة وانتخاب إياد مدني أمينا جديدا

مرسي يمنح أوغلي وشاح النيل.. وتركيا تستضيف القمة المقبلة

الرئيس المصري محمد مرسي يجتمع مع ساسة اخرين على هامش اعمال القمة الاسلامية (أ.ب)
TT

اختتمت القمة الإسلامية الثانية عشرة أعمالها بالقاهرة أمس باعتماد البيان الختامي الذي شهد في اللحظات الأخيرة جدلا بين وفدي السودان وأوغندا بشأن المادة 46 والتي تنص على تشكيل لجنة تقصي حقائق في الشكوى المقدمة من السودان ضد أوغندا لتمويلها جماعات معارضة مسلحة، حيث طالب الوفد الأوغندي بتعديل المادة بعد أن تقدمت بشكوى مضادة ضد السودان.

ومنح الرئيس المصري محمد مرسي، رئيس الدورة التي اختتمت أعمالها أمس، أكمل إحسان أوغلي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي السابق، وشاح النيل، معلنا أنه تم انتخاب إياد مدني، وزير الإعلام السعودي السابق، أمينا عاما جديدا للمنظمة.

وأعلن الرئيس مرسي اختتام أعمال القمة التي عقدت في العاصمة القاهرة على مدار يومين، حيث أقر القادة المشاركون بالقمة مشروع البيان الختامي للقمة الذي تضمن الإشارة لقضايا عدة أهمها القضية الفلسطينية والاستيطان الإسرائيلي، والوضع في سوريا، إلى جانب الأوضاع الجارية في مالي، ومسألة الإسلاموفوبيا.

وقال مرسي خلال كلمته أمام الجلسة الختامية للقمة الإسلامية، إن «قوتنا في وحدتنا وتكاملنا مع بعضنا البعض.. فنحن أمة صاحبة رسالة، ولكن دون أن نتدخل في شؤون بعضنا». وأعرب عن أمله في أن تشكل هذه القمة نقطة فارقة، وأن تتحول الكلمات إلى أفعال والتوصيات إلى مواقف، قائلا: «يجب أن تنهض دولنا وتتوحد وتتكامل لتكون حضارة عظيمة وتساهم مع العالم كله في حل مشاكله والعيش في سلام، وهذا لا يعني أن هذه الحضارة التي ننشدها تكون ضد الحضارات الأخرى».

وأوضح قائلا: «أكدت المناقشات على دعم وحدة مالي وسلامة أراضيها وأهمية حشد الجهود التنموية في منطقة الساحل بشكل عام وفي مالي بصفة خاصة، وتقديم المساعدات الإنسانية للتخفيف من معاناة اللاجئين هناك».

وأشار الرئيس مرسي إلى أن جلسات القمة شهدت مناقشات ومداولات مستفيضة حول قضايا في غاية الأهمية، وبدا واضحا حرص الجميع على تعزيز العمل الإسلامي المشترك وتطوير آلياته بما يؤدي لاستعادة الأمة لمكانتها، وأكدت المناقشات على أن القضية الفلسطينية على رأس التحديات باعتبارها حجر الزاوية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وشددت المداولات في جلسة الاستيطان على ضرورة التصدي لمحاولات تهويد القدس المحتلة، وعزلها عن محيطها الفلسطيني والعربي، وأهمية أن تتواكب قرارات المنظمة مع التطورات السريعة والتوسع المحموم في بناء المستوطنات والذي زادت وتيرته عقب حصول فلسطين على وضعية دولة المراقب في الأمم المتحدة.

وقال الرئيس المصري: «لقد اتفقنا على ضرورة العمل لوضع حد للمأساة التي يعيشها الشعب السوري الشقيق بعدما خرج للمطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية وأكدنا تمسكنا بالحفاظ على تماسك الأراضي السورية وحماية تراثها»، مضيفا: «إن المناقشات أكدت على دعم وحدة مالي وحشد جهود التنمية التي تبذل في منطقة الساحل الأفريقي عامة ومالي خاصة وتقديم المساعدات الإنسانية للتخفيف من معاناة النازحين، وإدانة كافة أعمال العنف ضد المدنيين». وتابع: «أكدنا على ضرورة قيام الحكومة الانتقالية وسرعة تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة وشفافة ونزيهة وأبرزت مداولاتنا تكثيف العمل لإظهار الصورة الحقيقية للدين الإسلامي والتصدي لتنامي ظاهرة الإسلامو فوبيا ومظاهر التمييز بكل أشكاله».

وقال مرسي إنه «تم التأكيد على حرصنا على إطلاق رسالة للعالم أن الإسلام يؤكد على الحق والعدل ورسالة سلام واضحة ويدعم العدل والحق في إطار من التسامح واحترام المعتقدات، وندعو العالم لنبذ التعصب وتعزيز التقارب بين الشعوب بما يحقق الخير للبشرية جمعاء». وأضاف: «إذا كنا نتحدث عن نهضة الأمة الإسلامية لتكون حضارة عظيمة وتساهم مع العالم كله في حل مشاكله والعيش في سلام والحضارة التي ننشدها فإنها لا تكون ضد أي حضارة أخرى، وإنما حضارة تسير بالتوازي وليس بالتضاد مع الحضارات الأخرى، وبالإضافة لما تقدم فإن توافقنا على تحقيق طموحات شعوبنا يرتبط بالعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والتعاون المشترك في مجالات العلوم والتكنولوجيا والصحة والبيئة والثقافة والتعليم».

وفي السياق ذاته، ثمن الرئيس مرسي اختيار الأمين العام الجديد إياد مدني. وقال إنه «يتمني له كل التوفيق»، فيما أكد مرسي تقدير مصر للأمين العام للمنظمة المنتهية مهمته أوغلي ومنحه وشاح النيل، الذي شكر لمصر جهودها طوال السنوات التي قضاها أمينًا عامًا، كما شكر السعودية وخادم الحرمين الشريفين للدعم الخاص الذي تم منحه له طوال هذه الفترة، مؤكدًا استعداده لوضع خبراته في خدمة المنظمة وأمينها العام الجديد.

وقال إياد مدني في كلمته إلى القمة: «أشكركم فخامة الرئيس أن أتحتم لي الفرصة لأعبر عن امتناني للثقة التي طوق بها عنقي خادم الحرمين الشريفين بترشيحي لهذا المنصب وإلى قادة العالم الإسلامي باختياري أمينًا عامًا للمنظمة بعد ولاية أوغلي، الذي يستحق منا كل التقدير على كفاءته وإنجازاته».

وأضاف مدني أن «المنظمة ليست تجمعا فقط للدول، بل هي تعبير صادق عن صوت الأمة وتجسيد لروحها، وهي تنتهج قيما فريدة جوهرها الوسطية وروحها المساواة وإعمار الأرض». وأشار مدني إلى أنه لا حرام للأمة دون إرادة، ولا إرادة دون زعامة، ولا زعامة دون رؤية، ووجه حديثه للقادة المجتمعين قائلا: «أنتم من يتحدد برؤيتكم وقراراتكم مسار هذه المنظمة».

ويشار إلى أن وشاح النيل يأتي ترتيبه الثالث ضمن الأوسمة المصرية الرفيعة بعد قلادة النيل العظمى وقلادة الجمهورية، ويأتي في الترتيب قبل وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، ويمنح لمن هم في مرتبة نائب رئيس وزراء أو الوزراء الذين خدموا لفترة طويلة وأدوا خدمات مميزة ويراد منحهم وساما أعلى من وسام الجمهورية. ومن أشهر من حصلوا عليه من خارج مصر نور سلطان نزار باييف رئيس جمهورية كازاخستان، والأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي عهد السعودية الراحل، والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر.

وفي السياق ذاته، رحب أعضاء منظمة التعاون الإسلامي أمس، باستضافة تركيا للدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي عام 2016. ولفت البيان الختامي للقمة إلى أن موعد انعقاد القمة المقبلة في تركيا سيتم بالتنسيق مع الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي.

من جانب آخر، أكد محمد كامل عمرو وزير الخارجية المصري أن «القمة قدمت الدعم التام لتطلعات الشعب السوري المشروعة نحو الحرية والعدل والديمقراطية، كما شددت القمة على رفض تأجيل مؤتمر 2012 الدولي لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل».

وقال عمرو في المؤتمر الصحافي الختامي للقمة الإسلامية: «لقد سلطنا الضوء على تطورات الوضع في سوريا، وضرورة صون ووحدة وسلامة أراضيها، والوقف الفوري للعنف وإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان». وأشار عمرو إلى أن القمة جددت دعمها للمبادرة الرباعية، التي أطلقها الرئيس مرسي خلال القمة الإسلامية الاستثنائية التي عقدت في مكة المكرمة في أغسطس (آب) الماضي، وكذلك جهود المبعوث الأممي العربي المشترك الأخضر الإبراهيمي.