بيان القاهرة الختامي يدعم مبادرة مرسي الرباعية لحل الأزمة السورية

دعا إلى حوار جاد بين قوى المعارضة وممثلي الحكومة لتحقيق التغيير الديمقراطي

TT

أكد البيان الختامي للقمة الإسلامية الثانية عشرة، التي اختتمت أعمالها في القاهرة أمس، دعم القمة للحوار الرباعي الذي أطلقه الرئيس المصري محمد مرسي، الذي تترأس بلاده اجتماعات القمة. وشدد البيان على بذل جهد ملموس لحل الأزمة السورية بتوافق يحفظ حقوق ومطالب الشعب السوري، ويضمن في ذات الوقت وحدة الأراضي السورية وسلامتها، مع الترحيب بأي جهد داعم لأهداف المبادرة المصرية التي أطلقت في القمة الاستثنائية الرابعة بمكة المكرمة في أغسطس (آب) الماضي من قبل الدول الأعضاء، داعيا إلى بدء حوار جاد بين قوى المعارضة وممثلي الحكومة لتحقيق التغيير الديمقراطي.

وندد مؤتمر القمة الإسلامي في بيانه الختامي باستمرار عمليات القتل في سوريا، وحمّل المسؤولية الأساسية للحكومة عن استمرار أعمال العنف وتدمير الممتلكات، داعيا إلى الوقف الفوري لأعمال العنف والقتل والتدمير، وإلى تجنيب سوريا مخاطر الحرب الأهلية الشاملة وعواقبها على الشعب السوري والمنطقة والسلم والأمن الدوليين.

كما دعا البيان إلى حوار جاد بين التحالف الوطني للثورة السورية وقوى المعارضة وممثلي الحكومة بشأن إتاحة المجال لعملية انتقالية تمكن أبناء الشعب السوري من تحقيق طموحاتهم المشروعة في التغير الديمقراطي، محذرا من استمرار التصعيد العسكري الذي لقي رفضا وإدانة من المجتمع الدولي.

وأكدت القمة على ضرورة حماية المواقع الدينية والتاريخية في سوريا من التدمير، وشددت على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة بهذا الخصوص، مشيرة إلى التزامها بتأمين المساعدات للشعب السوري بالتنسيق مع الجهات الدولية، وحثت الدول الأعضاء على التبرع بسخاء.

وأدانت القمة العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية، والذي وقع نهاية الشهر الماضي، ووصفته بـ«غير المبرر وغير الشرعي» ضد سيادة سوريا ووحدة أراضيها. وطالبت المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات الفورية لوقف أي عدوان مستقبلي، لا سيما في ظل ما سمته بالـ«الموقف الدقيق على الأرض».

وأثنت القمة على جهود دول الجوار السوري؛ الأردن ولبنان وتركيا والعراق، في استضافة الأعداد الكبيرة والمتزايدة من اللاجئين السوريين، مع الاعتراف بالأثر الأمني والمالي والاجتماعي والاقتصادي والبيئي على هذه الدول. ودعت الدول الأعضاء في المنطقة إلى تقديم المزيد من التمويل والموارد والدعم لمساعدة تلك الدول، وتمكينها من الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية والرعاية بما يتوافق مع مبدأ التضامن والتعاون الدولي والمشاركة في تحمل الأعباء، كما أشادت بجهود غيرها من الدول الأعضاء التي تأوي السوريين، لا سيما مصر وليبيا.

وعلى صعيد الأوضاع في مالي، التي تشهد تدخلا دوليا عسكريا تقوده فرنسا، أكد قادة الدول الإسلامية تأييدهم للحفاظ على وحدة جمهورية مالي وسيادتها ووحدة أراضيها، وإدانتهم بشدة الأعمال التي ترتكبها مختلف الجماعات والحركات الإرهابية، وكذا شبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات، والتي تشكل خطرا حقيقيا على الأمن والاستقرار في مالي والمنطقة ككل.

وجدد قادة منظمة التعاون الإسلامي تضامنهم الكامل مع كل من شعب مالي وحكومته، وتأييدهم الثابت للجهود الحالية التي تبذل من أجل استعادة مالي لوحدة أراضيها وإعادة إرساء سلطة الدولة على عموم الأراضي الوطنية.

وأشاد البيان الختامي لقمة القاهرة بخطوات حكومة الوحدة الوطنية في مالي لإعداد خارطة الطريق، حاثا السلطات الانتقالية على تنفيذ خارطة الطريق من خلال تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة وشفافة، وعلى اعتماد نهج شامل يأخذ بعين الاعتبار جميع أبعاد هذه الأزمة.

وحول الوضع الفلسطيني، دعا البيان الختامي للقمة الإسلامية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى تشكيل شبكة أمان مالية إسلامية لمساعدة فلسطين، وتكليف الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي باتخاذ الإجراءات العملية لمتابعة تنفيذ ذلك. مؤكدا على الطابع المركزي لقضية فلسطين والقدس الشريف بالنسبة للأمة الإسلامية جمعاء، وضرورة قيام الأمة الإسلامية بالدفاع عن الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة بكل طاقاتها، وبكافة الوسائل والأساليب المشروعة.

وجدد البيان الإدانة الشديدة لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، للاعتداءات المستمرة والمتصاعدة على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف. وحذر من تلك الاعتداءات ومن تهويد القدس، من خلال طمس هويتها العربية الإسلامية والاستخفاف بمكانة القدس الشريف لدى الأمة الإسلامية.. مؤكدا مجددا أن القدس الشريف جزء لا يتجزأ من الأرض المحتلة عام 1967 لدولة فلسطين، وذلك انسجاما مع القرارات الدولية في هذا الشأن.

وأكد البيان على الفرصة السانحة لنجاح المصالحة الفلسطينية، وأهميتها لتوحيد الهياكل الفلسطينية لتضم كافة الفصائل الفلسطينية، وتوازيها مع مسار الإعداد لإجراء الانتخابات التشريعية الجديدة في الأرض الفلسطينية المحتلة؛ بما فيها القدس الشريف.

وفيما يتعلق بقضية الإرهاب، ندد قادة الدول الإسلامية بشدة بالإرهاب بكافة أشكاله وتجلياته أيا كان مرتكبه وحيثما كان. مؤكدين مجددا التزامهم بتعزيز التعاون المتبادل في مكافحة الإرهاب ووضع آلية للمراجعة اللاحقة للاستراتيجية العامة للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، تأخذ بعين الاعتبار الأسباب الحقيقية للإرهاب.

واعتبر البيان الختامي لقمة القاهرة أن تمويل الإرهاب مسألة تبعث على «القلق البالغ» بالنسبة للمجتمع الدولي، وأن دفع الفدية للجماعات الإرهابية يشكل موردا من الموارد الرئيسية لتمويل الإرهاب، حاثين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على الامتناع عن دفع الفدية والتعاون من أجل منع ذلك.

وعبر القادة عن قلقهم العميق حيال نشوب إرهاب الدولة الممنهج، الذي يتضح في الاغتيال الصارخ للعلماء والباحثين الإيرانيين، وفي غيره من الأعمال الأخرى.. معربين عن إدانتهم مثل هذا النوع من الأعمال الإرهابية الممقوتة.

من جهة أخرى، أعرب قادة دول منظمة التعاون الإسلامي عن قلقهم البالغ إزاء التهديد الذي تواجهه ثقافة التعايش السلمي والتسامح فيما بين المجتمعات والأديان من قبل المتشددين والمتعصبين، وإزاء الخطاب المتزايد الداعي لكراهية الأجانب.

كما أعربوا عن القلق إزاء استمرار تنامي الهجمات على الإسلام والمسلمين والتهجم على الرسول وحرق القرآن والتنميط السلبي والتمييز ضد المسلمين، ودعوا الدول الأعضاء إلى وضع استراتيجية موحدة لحمل المجتمع الدولي على اتخاذ تدابير فعالة للتصدي لهذه الأعمال المحرضة على التعصب والكراهية، والتي قد تفضي إلى العنف وإزهاق الأرواح، من خلال تفعيل لاستراتيجية محاربة «الإسلاموفوبيا» التي أقرتها الدورة 11 لمؤتمر القمة الإسلامي.

وفي ملف السلاح النووي، أكد البيان الختامي للقمة الإسلامية دعم الدول الأعضاء لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، والدعوة إلى حمل إسرائيل - باعتبارها الطرف الوحيد في الشرق الأوسط غير الموقع على معاهدة عدم الانتشار النووي - على الانضمام دون شروط، وعلى الفور، إلى هذه المعاهدة كطرف غير حائز على السلاح النووي، وإلى إخضاع جميع مرافقها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأعرب بيان القاهرة عن الأسف إزاء البيانات التي أدلى بها القائمون على مؤتمر 2012 حول جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة التدمير الشامل، بشأن تأجيل المؤتمر الذي كان مقررا عقده في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في فنلندا وفقا للوثيقة الختامية للمؤتمر لعام 2010 حول عدم الانتشار النووي.