ألوف المصريين يطالبون بـ«رحيل مرسي» في جمعة الكرامة

اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في محافظات الدلتا.. وصفوت الشريف طليقا

متظاهرات مصريات في جمعة الكرامة بميدان التحرير أمس (رويترز)
TT

تظاهر مئات الألوف في مصر مجددا، يوم أمس (الجمعة)، استجابة لدعوة جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة للرئيس الإسلامي محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وقال مراقبون إن المظاهرات التي تواصلت على مدار الشهر الماضي أيام الجُمع، لم تؤثر على صانع القرار السياسي في البلاد، لكن آثارها الاقتصادية في ظل وضع متأزم أصلا عمقت جراح حكومة مرسي «قليلة الحيلة»، فيما أخلت السلطات أمس سبيل صفوت الشريف الأمين العام السابق للحزب الوطني المنحل.

وسقط خلال الأسابيع الماضية عشرات القتلى في مواجهات بين متظاهرين مناوئين لحكم مرسي وقوات الشرطة، الأمر الذي قطع الطريق على مبادرات لبدء حوار وطني تشارك فيه جبهة الإنقاذ التي يقودها الدكتور محمد البرادعي.

وللمرة الأولى منذ انتخاب الرئيس مرسي منتصف العام الماضي، رفعت المعارضة سقف مطالبها، وخرجت أمس وبوصلتها السياسية باتجاه مطلب «إسقاط الرئيس»، والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، بعد أن اتهمت مرسي بتجاهل مطلبها بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وتقديم من قالوا إنهم مسؤولون عن مقتل شباب الثورة للمحاكمة.

وهتف الألوف في مسيرات خرجت من معظم المساجد الرئيسية في البلاد أمس مرديين: «ارحل.. ارحل»، وهو الهتاف الذي رفع أيضا في وجه الرئيس السابق حسني مبارك الذي أُطيح بنظامه قبل عامين.

واتخذت المظاهرات في البلاد طابعا أكثر عنفا خلال الأسابيع الماضية، فيما بدأت قوى إسلامية ذات ثقل جماهيري تعرب عن ضجرها ونفاد صبرها مما وصفته بـ«الرغبة الإخوانية للاستحواذ على مفاصل الدولة».

وتوزعت وجهة المسيرات في القاهرة بين ميدان التحرير بوسط العاصمة، وقصر الحكم المعروف بالاتحادية في شرق القاهرة. ورفعت المظاهرات شعار «الكرامة»، للاحتجاج على تعرية مواطن وسحله على أيدي رجال الشرطة أمام الاتحادية الجمعة الماضي.

وألقى مقتل المعارض التونسي البارز شكري بلعيد بظلال كثيفة على المشهد المصري، خاصة مع صدور فتوى تبيح قتل رموز المعارضة في مصر. ووسط إدانات واسعة للفتوى شددت الشرطة إجراءاتها الأمنية، وقالت إنها وضعت حراسات خاصة لحماية قيادات المعارضة.

وكتب القيادي البارز في جبهة الإنقاذ حمدين صباحي قبل ساعات قليلة من مشاركته بمسيرات أمس أن «النضال السلمي سيستمر حتى استكمال أهداف الثورة المصرية وتحقيق القصاص لدماء الشهداء، على الرغم من أي تهديدات».

وأضاف صباحي وهو زعيم التيار الشعبي، قائلا في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «سنواصل نضالنا السلمي مع الشعب المصري وشبابه الثائر لاستكمال ثورتنا والقصاص لدماء شهدائنا ووفاء لروح الشهيد محمد الجندي (أحد أعضاء التيار الشعبي الذي عثر عليه فاقد الوعي قبل وفاته منذ أيام وسط اتهامات بتعرضه للتعذيب على أيدي قوات الأمن)».

وشارك شبان ملثمون في مظاهرات الأمس، وتحركوا بحرية وسط المسيرات في مختلف المحافظات. وكان هؤلاء الشبان المنتسبون إلى مجموعة مجهولة تسمى «البلاك بلوك» قد أثاروا جدلا في البلاد على خلفية اتهامهم بانتهاج العنف واعتدائهم على منشآت عامة.

وقال شهود عيان إن عشرات من الشباب الملثمين المحسوبين على «البلاك بلوك» قطعوا خط مترو الأنفاق في محطته الرئيسية بالقاهرة أمس. وأخلى موظفو المترو المحطة، وتوقفت رحلات أحد أهم شرايين العاصمة لمدة نصف ساعة.

واتجهت الأنظار أمس إلى مظاهرات مدن قناة السويس التي اشتعلت بالغضب قبل ثلاثة أسابيع في أعقاب صدور أحكام بالإعدام في القضية المعروفة إعلاميا بـ«مذبحة بورسعيد». وكان مرسي قد أعلن حالة الطوارئ في المدن الثلاث بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وفرض حظر التجوال.

ولم تشهد مدن القناة أمس أحداث عنف، لكن محافظات الدلتا بدت أكثر اشتعالا حيث حاول متظاهرون اقتحام مقار محافظات كفر الشيخ والمنوفية والغربية، واشتبكوا مع قوات الأمن التي استخدمت قنابل الغاز مما أسفر عن إصابة العشرات.

وبدا الرئيس المصري عازفا عن التعليق على الأحداث في أعقاب أدائه لصلاة الجمعة، وهو تقليد درج عليه الرئيس مرسي منذ تسلمه السلطة في يوليو (تموز) الماضي.

وبينما طالبت مظاهرات الأمس بمحاكمة سياسية لرموز النظام الحالي والسابق، بسبب مقتل مئات المتظاهرين على أيدي الشرطة، أخلت السلطات سبيل الأمين العام السابق لحزب مبارك صفوت الشريف.

وبرأت محكمة مصرية قبل أسابيع الشريف وهو رئيس مجلس الشورى السابق خلال حكم مبارك، من تهم قتل المتظاهرين في القضية المعروفة إعلاميا بـ«موقعة الجمل». وأخلي سبيل الشريف تنفيذا لقرار محكمة الجنايات التي تنظر قضية إهدار المال العام باتحاد الإذاعة والتلفزيون، بعد أن تجاوز المدة القانونية للحبس الاحتياطي.

ويأتي إخلاء سبيل الشريف أمس بالتزامن مع المظاهرات المناهضة لمرسي والتي تطالب بمحاكمة قتلة الثوار، وهو ما وضع الرئيس مرسي الذي طالما تعهد بالقصاص لـ«شهداء الثورة» في حرج بالغ.

وتوقع مراقبون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أمس عدم استجابة الرئيس مرسي لمطالب المعارضة، قائلين إنه لا يبدو أن المظاهرات تؤثر في صناع القرار سواء كانوا في مؤسسة الرئاسة أو قيادات مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين.

لكنهم أشاروا إلى أن استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل وجود حكومة وصفوها بـ«قليلة الحيلة» قد تدفع الأوضاع المتأزمة أصلا لحافة خطرة، قد يستغلها النظام الحالي في توجيه ضربات أمنية لقوى المعارضة.

وحرك أنصار لجماعة الإخوان قضايا ضد رموز المعارضة تتهمهم بالعمالة مع جهات خارجية والتحريض ضد الرئيس، وبدأت السلطات القضائية التحقيق فيها، قبل إغلاقها بطلب من مقدميها.

ولا يزال من غير المعروف ما إذا كانت المعارضة تعتزم مواصلة تحركاتها على الأرض لإسقاط مرسي، أم أنها ستلقي بثقلها في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها خلال الشهور القليلة المقبلة في مسعى للمشاركة في السلطة عبر تشكيل الحكومة.