«لغة» السفير الأميركي توقعه في مأزق جديد مع السلطات التركية

أنقرة تقلل من أهمية استقالة 110 طيارين: لن تؤثر على قدراتنا الجوية

فرانسيس ريتشاردوني (أ.ب)
TT

أساءت اللغة التركية للسفير الأميركي في أنقرة فرانسيس ريتشاردوني، على الرغم من طلاقتها، إلى العلاقات بين البلدين، بعد أن أوقعت السفير في مطب انتقادات سياسات حكومة «العدالة والتنمية» في مجالات عدة، أبرزها الجانب القضائي، فيما خففت مصادر رسمية تركية من وقع «الاستقالات» شبه الجماعية التي نفذها طيارون أتراك.

وقال مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» إن تصريحات السفير الأميركي المثيرة للجدل «لن تؤثر على العلاقات الممتازة بين البلدين»، معتبرا أنه في هذه التصريحات إساءة للسفير نفسه أكثر من أي أحد آخر. وقد أعادت واقعة استدعاء السفير إلى الأذهان «العلاقة الصعبة» التي تجمعه بالحزب التركي الحاكم، حيث لم يخف المسؤولون الأتراك امتعاضهم الشديد من تصرفاته وتصريحاته، ومنها إثارته بعيد تعيينه في مارس (آذار) 2011 مسألة الصحافيين المعارضين المسجونين في تركيا، مما استدعى توجيه اللوم إليه أيضا، ووصفه حينها رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان بأنه «مبتدئ».

وأوضح المصدر أن مسؤولا في الحكومة التركية طلب من السفير ريتشاردوني أن يقتصر كلامه في المناسبات العامة على «اللغة الإنجليزية» بعد أن احتج السفير بأن كلامه قد «فسر على نحو خاطئ». واعتبر المصدر أن تصريحات السفير - المعروف بطلاقته باللغة التركية - تعتبر «تعبيرا عن الرأي مشروعا لو كانت من مواطن تركي، لكنها تمسي تدخلا وقحا عندما تصدر عن سفير، حتى لو كان سفيرا لدولة صديقة». وقال مسؤول في السفارة الأميركية لوكالة الصحافة الفرنسية بعد اللقاء الذي جاوزت مدته ساعتين في مقر الخارجية إن «نائب وزير الخارجية التركي أعرب عن خيبة حكومته حيال ما اعتبرته تدخلا في شؤون تركيا الداخلية». وأضاف أن السفير لفت «باحترام» إلى أهمية تقدم تركيا بالنسبة إلى حلفائها و«حث على قراءة دقيقة للنص الكامل» للكلمة التي ألقاها وأثارت المشكلة.

وبينما قالت المصادر التركية إن السفير «وجه اعتذارا عن تصرفاته»، نفت السفارة أن تكون وجهت رسالة مماثلة.

وكان السفير فرانسيس ريتشاردوني انتقد «الشوائب» في الجهاز القضائي، متحدثا عن «توقيفات مطولة قبل المحاكمة، وعدم الوضوح عند توجيه التهم، وقلة الشفافية». كما تطرق بشكل خاص إلى سجن عدد كبير من العسكريين والشخصيات السياسية. وقال ريتشاردوني «لديكم قادتكم العسكريون الذين ائتمنوا على حماية هذه البلاد، قابعون خلف القضبان كأنهم إرهابيون»، مضيفا أن عددا من النواب لقي المصير نفسه. وتابع «لديكم نواب في البرلمان مسجونون منذ فترة طويلة وأحيانا بتهم غير واضحة».

وتأتي تصريحات السفير الأميركي في إطار المعلومات التي تداولتها بعض وسائل الإعلام التركية عن استقالة 110 طيارين من القوات الجوية احتجاجا على الممارسات بحق زملاء لهم موضوعون قيد التوقيف منذ أشهر بتهمة «التآمر» على الحكومة. وسألت المعارضة التركية عن صحة هذه المعلومات، معتبرة أن هذا يعني أن تركيا «ستواجه أزمة طيارين إذا احتاجت إليهم في أي عمل عسكري»، لكن قيادة الأركان التركية نفت الأمر، معتبرة أنه «في القوات المسلحة ما يكفي من الخبرات والقدرات».

وأوضح مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الاستقالات «طبيعية»، مشيرا إلى أنها تأتي في إطار سعي بعض الطيارين للاستقالة والحصول على تعويضات، ومن ثم العمل في القطاع الخاص كطيارين مدنيين نظرا للرواتب العالية التي ينالها هؤلاء. وإذ اعترف المصدر بوجود حالات استقالة لأسباب «أخرى»، فإنه أكد أنها «محصورة». ويعتبر سلاح الجو التركي من أكبر أساطيل الطائرات المقاتلة في حلف شمال الأطلسي وفيها نحو 60 ألف فرد. تتكون القوات الجوية التركية من 443 طائرة، منها 87 طائرة «إف 5» و270 طائرة «إف 16» (a - b)، وهي تسعى للحصول على 100 طائرة من طراز «إف 35».