ليبيا تجدد رفضها تسليم السنوسي إلى المحكمة الجنائية الدولية

TT

في أول موقف رسمي ردا على مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بتسليم ليبيا لعبد الله السنوسي صهر العقيد الراحل معمر القذافي والرئيس السابق لجهاز المخابرات الليبية، أعلن المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان أن موقف ليبيا بشأن منع تسليم مواطنيها إلى محكمة الجنايات الدولية موافق لصحيح القانون الليبي.

واعتبر المجلس في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن طلب المحكمة كان متوقعا ما دامت مذكرات الاعتقال ما زالت قائمة وأن طعن الدولة الليبية بعدم المقبولية أو بعدم اختصاص محكمة الجنايات الدولية هو تحت الإجراء خاصة أن مواعيد الطعن لم تنقض بعد، لافتا إلى أن ليبيا لم توقع بعد على نظام روما الذي يقضي بحق الدولة المطلوب منها التسليم في أن تحاكم مواطنيها بشرط توفر الرغبة والجدية وهو ما حرص عليه الجانب الليبي.

وأمرت المحكمة الجنائية الدولية ليبيا أول من أمس عقب طلب رفعه محامو السنوسي الذين عينتهم المحكمة، بتسليمها السنوسي للاشتباه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية خلال الثورة التي أطاحت بنظام القذافي.

وتعتقل السلطات الليبية السنوسي وسيف الإسلام نجل القذافي وطلبت المحكمة الجنائية منها مرارا تسليمهما لها، بينما يؤكد محامو المتهمين أنهما لن يحظيا بمحاكمة عادلة إذا حوكما في ليبيا.

إلى ذلك، وبينما كثفت السلطات الليبية من إجراءاتها الأمنية في العاصمة طرابلس تحسبا لمظاهرات شعبية حاشدة الأسبوع القادم في الذكرى الثانية لاندلاع ثورة 17 فبراير (شباط) من عام 2011 ضد نظام القذافي، حل الدكتور محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والدكتور علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية في مدينة بنغازي مهد الثورة أمس بشكل مفاجئ.

وقال سكان في العاصمة الليبية إن السلطات الأمنية أقامت العديد من البوابات والحواجز في كافة شوارع المدينة، بينما أعلن هود قاسم الناطق الرسمي لثوار طرابلس أنه تم تشكيل غرفة رئيسية و4 غرف فرعية تضم الثوار من كافة مناطق طرابلس والأجهزة الأمنية، لتنفيذ الخطة 26 التي وضعتها وزارة الداخلية من أجل تأمين الاحتفالات التي ستنطلق اعتبارا من يوم الأحد المقبل في الذكرى الثانية للثورة.

ودعا قاسم المواطنين إلى التحلي بالروح الوطنية والمعاملة الحسنة وإظهار هذه الاحتفالات بمظهر يليق بهذه المناسبة.

وحذرت السلطات الليبية من محاولات من وصفتهم بالمحسوبين على نظام القذافي من الاندساس وسط المظاهرات المرتقبة للقيام بأعمال عنف وفوضى، لكن هذا التحذير لم يجد صداه على ما يبدو لدى النشطاء السياسيين والإعلاميين الذين يواصلون توجيه الدعوات لمظاهرات لتصحيح مسار الثورة التي يعتقدون أنها انحرفت عن مسارها الأصلي.

وقالت مصادر حكومية ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن المقريف وزيدان أمضيا ساعات في اجتماعات مغلقة مع مسؤولين محليين في معسكر الصاعقة الذي يقع بمنطقة بوعطني على طريق مطار بنغازي، علما أن المعسكر كان مقر رئيس الأركان السابق للجيش الليبي الفريق عبد الفتاح يونس الذي اغتيل خلال الثورة على أيدي مجهولين مع رفيقين له.

وأعلنت مديرية الأمن الوطني في بنغازي أنها ستبدأ اعتبارا من اليوم في اتخاذ الإجراءات القانونية حيال السيارات التي تتجول من دون لوحات معدنية وبزجاج معتم وذلك بالتعاون والتنسيق مع قسم المرور والتراخيص بالمديرية والغرفة الأمنية المشتركة في بنغازي.

ودعت المديرية المواطنين إلى التعاون مع عناصر الأجهزة الأمنية المكلفة بتطبيق هذه الإجراءات التي تستهدف الحد من هذه التجاوزات التي تزايدت بشكل غير اعتيادي في الآونة الأخيرة بالمدينة.

في غضون ذلك، ناقش ويليام روباك القائم بأعمال السفير بالسفارة الأميركية في طرابلس، وهانا درابر مسؤولة المكتب السياسي بالسفارة خلال اجتماعهما أمس مع الدكتور جمعة عتيقة نائب رئيس المؤتمر الوطني الوضع الراهن وما يحدث من عراقيل ومصاعب وطرق حلها وكذلك الوضع الأمني وخاصة في بنغازي بعد حادثة الاعتداء على مقر القنصلية الأميركية هناك في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص من بينهم السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز، وما وصلت إليه آخر التحقيقات في هذا الصدد.

وقالت الصفحة الرسمية للمؤتمر على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إن الوفد الأميركي أعرب أيضا عن الاستعداد لتقديم الدعم اللازم من جميع النواحي الأمنية وتأمين الحدود وتدريب الجيش ومساندة الحكومة في ليبيا.

من جهة أخرى، ندد أعضاء المؤتمر الوطني عن مدينة سرت بعملية الاعتقال التي تعرض لها أول من أمس العقيد عمر عبد السلام الحسناوي آمر منطقة سرت العسكرية من قبل مسلحين تابعين لكتيبة شهداء الزاوية.

وقال الدكتور عبد الجليل الشاوش عضو المؤتمر في تصريح لوكالة الأنباء المحلية، إن أعضاء المؤتمر يؤكدون على ضرورة بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية على أساس وطني بعيدا عما وصفه بالتجاذبات القبلية والجهوية.

كما أعلن المجلس المحلي لسرت دعمه الكامل والثابت لشرعية الدولة الممثلة في المؤتمر الوطني المنتخب من الشعب الليبي، وكذلك دعمه للحكومة الانتقالية.

وأكد المجلس في بيان أصدره أمس استعداده التام لمواجهة أي خطر قد يحاك ضد الثورة، معتبرا أن كافة الشعارات والمحاولات التي تحاول النيل من شرعية المؤتمر الوطني لن تجد طريقا أمام إرادة الثوار.

وحذر المجلس من وصفهم بمروجي الإشاعات من القيام بأي عمل مضاد لهذه الثورة، مشيرا إلى أن مدينة سرت معقل القذافي ومسقط رأسه في السابق حريصة على أمنها واستقرارها والمحافظة على الوطن والمكتسبات.