جمعة «استرداد الحقوق» في محافظات العراق الغربية تدق ناقوس الخطر

الشابندر: إذا استمر عمل الحكومة بهذه الوتيرة فسوف تخسر الجولة .. والسيستاني يحذر من الشد الطائفي

الاف من المتظاهرين ضد سياسة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي ببغداد امس (أ.ف.ب)
TT

أقر عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون عزة الشابندر، الذي يوصف بكبير مفاوضي زعيم الائتلاف نوري المالكي، بوجود خلل في الأداء السياسي والحكومي بشكل عام في البلاد.

وفيما بدأت المظاهرات الحاشدة في المحافظات الغربية من العراق، التي أطلق عليها «جمعة استرداد الحقوق»، تدق ناقوس الخطر لجهة إعلان بعض قادتها احتمال التوجه إلى العاصمة بغداد لأداء صلاة الجمعة الأسبوع المقبل، مع إبقاء كافة الخيارات مفتوحة، فقد أكد الشابندر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أهم ما يجب أن نعلنه بصراحة ووضوح في هذه الأزمة، أن هناك تقصيرا كبيرا في أداء الحكومة، وعلى كل المستويات؛ الأمني منها والخدمي، يضاف إلى ذلك أن العراق بلد مفتوح ويسهل اختراقه من قبل أصحاب الأجندات، وهو ما حصل ويحصل دائما دون أن يرتقي الأداء السياسي لدينا إلى ما يوازي هذه المخاطر».

وأضاف الشابندر أن «هناك مسألة هامة أخرى تتعلق بمستقبل العراق كدولة بعيدا عما يعصف به من أزمات الآن، وهي أنه مقبل على أن يتحول إلى أكبر دولة منتجة للنفط بالمنطقة، وبالتالي فإن هذا وحده يمكن أن يشكل خطورة على الآخرين، لكون العراق بات خلال السنوات الماضية منطقة رخوة للإرهاب العالمي، فإنه أدى إلى أن يضع العراق في زاوية حرجة، وهو أمر لا يمكن لنا إنكاره أو المجاملة فيه».

وأوضح الشابندر أن «الأهم بالنسبة للحكومة هو أن تفكر مليا بذلك، وأن تعالج نقاط الخلل في كل المرافق والزوايا بمقياس واحد، والأهم في ذلك عليها أن لا تنظر إلى المظاهرات مثلا باعتبار أن من يقوم بها هم إرهابيون أو من أصحاب الأجندات، فإذا ما اقتصرت نظرتها على ذلك تكون قد ارتكبت خطأ تاريخيا، لكن إذا عملت على تصنيفها بعناوين مختلفة فسوف تجد أن نسبة كبيرة منها مشروعة، وتتطلب حلولا جذرية وليست ترقيعية».

وأكد الشابندر أنه «يتوجب على الحكومة وعلى رئيسها (نوري المالكي) أن يسحب البساط من طرف، وإن كان قليلا، إلا أنه قوي، يسعى لحرف المظاهرات عن مسارها، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال إجراءات شاملة وسريعة، وإلا فإنه يمكن أن يؤدي إلى إسقاط النظام برمته».

وردا على سؤال عما إذا كان يرى أن ما حصل حتى الآن على مستوى الإجراءات كاف، قال الشابندر إن «ما أراه أن جهود الحكومة ماشية باتجاه التعامل الإيجابي مع أصل وجوهر المظاهرات، لكن ليس بالمستوى المطلوب»، مشيرا إلى أن «هناك تنافسا بين الحكومة من جانب، وأعدائها من جانب آخر، ولكن الفرق أن الأعداء يعملون بخطة واضحة، وبدعم وتنظيم، بينما عمل الحكومة إذا استمر على هذه الوتيرة فسوف تخسر الجولة». وبشأن رؤيته للقوانين التي يطالب المتظاهرون بإلغائها قال الشابندر إن «رؤيتي تقوم على ضرورة إلغاء قانون المساءلة والعدالة، وإقرار العفو العام، وبناء عقد اجتماعي جديد ضامن لكل العراقيين، بما في ذلك إعادة النظر بالدستور بشكل كبير».

ومضى الشابندر قائلا إن «المشكلة التي نعانيها أن البداية كانت خاطئة، ولا بد من تصحيحها إذا أردنا أن نعيش بسلام ووئام في العراق الجديد»، مؤكدا أن «كل ما يجري الآن هو أننا نطفئ حرائق البداية التي كانت وما زالت مرتبكة».

على صعيد متصل وفي وقت أعلن فيه خطيب متظاهري الرمادي أنهم سيتوجهون إلى بغداد الجمعة المقبل، وفي وقت ترك فيه رئيس مؤتمر صحوة العراق أحمد أبو ريشة، وهو أحد قادة المظاهرات، الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات، فقد قلل رئيس مجلس شيوخ محافظة الأنبار الشيخ حميد الشوكة من مقولة التوجه إلى بغداد. وقال الشوكة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الأمر غير مطروح وغير صحيح أيضا، ويجب أن لا ننطلق في التعامل مع القضايا الحساسة من زوايا عاطفية لن تأتي بنتائج عملية».

وأضاف الشوكة أن «المشكلة التي نعانيها الآن هي أننا في الوقت الذي ندعو فيه للتهدئة وعدم التصعيد، فإن ذلك لم يقابل حتى الآن بإجراءات عملية من قبل الحكومة».

وردا على سؤال بشأن إعلان الحكومة عن إطلاق آلاف السجناء قال الشوكة إن «هذا الأمر في الحقيقة محزن ومضحك في الوقت نفسه، حيث إنهم يدينون أنفسهم بأنفسهم؛ لأنهم يطلقون أناسا أبرياء أصلا، وكان يجب إطلاق سراحهم من سنوات، بينما نحن لدينا مطالب أساسية يجب عدم اختزالها في سجناء ومعتقلين أبرياء»، مؤكدا أن «مطالبهم ذات بعد وطني شامل وعام تتعلق بسياقات وإجراءات وقوانين، إما تحتاج إلى تشريع أو إلغاء أو تعديل».

من جهته حذر معتمد المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني في كربلاء، الشيخ عبد المهدي الكربلائي من الشد الطائفي والعشائري بين العراقيين، ودعا جميع الأطراف إلى التهدئة وتجنب الخطابات المتشنجة. وقال الكربلائي في خطبة صلاة الجمعة إن «الخطورة تكمن حينما يراد إقحام العراقيين بشد طائفي وعشائري واجتماعي»، مضيفا أن «الشد والتوتر تكون آثارهما أكبر وأخطر حين ينتشران بين الفئات الاجتماعية».

ولفت الكربلائي إلى أن «من واجب رجال الدين وأهل العقل والحكمة من السياسيين وقادة المجتمع تجنيب البلاد الاحتقان والعمل على تهدئة الشارع والمواطن»، وقال: «المطلوب من رجال الدين والخطباء أن لا يكون خطابهم شديدا وقاسيا متضمنا الجرح لمشاعر الآخرين».

ودعا الكربلائي إلى عدم الإصغاء لأي صوت متطرف يصدر من هنا وهناك ويهدد النسيج الاجتماعي للبلد، وقال: «لا نسمح للأصوات المتطرفة بأن تهيمن وتعلو وتتحكم بالساحة، أو تكون هي الموجهة والفاعلة، بل لا بد من إعطاء المساحة الإعلامية الواسعة للأصوات المتعقلة الحكيمة التي تريد الحفاظ على وحدة العراق».