اعتصامات متظاهري الأنبار برد وسياسة وفن ومرح

أمسيات ثقافية ومعارض تشكيلية داخل السرادق

TT

يقضي آلاف العراقيين المعتصمين والمتظاهرين في المدن السنية منذ نحو شهرين، أيامهم في ممارسة هوايات متنوعة من الصباح وحتى المساء، فيما يخصص يوم الجمعة من كل أسبوع؛ للتعبير عن مطالبهم في مشهد لم تألفه البلاد من قبل.

وقال الدكتور عثمان الدليمي عضو هيئة التدريس بجامعة الأنبار لوكالة الأنباء الألمانية، إن «لجان التنسيق للمظاهرات والاعتصامات تمرست على أساليب تعامل جديدة قد تكون واحدة من الأمور التي أخذت تحرج الحكومة، وتنصاع لتنفيذ مطالب الجماهير الذين يقولون إنها حقوق وليست مطالب، تتمثل بإقامة منصات للخطب الدينية والجماهيرية، وتوفير الأجواء المناسبة للصحافيين للتغطية، بالإضافة إلى التمسك بلغة خطاب لا تعطي مجالا للحكومة للتحايل عليها».وأضاف أن «تسميات أيام التظاهر في كل يوم جمعة حيث تزداد الحشود الجماهيرية أسبوعيا، من مهمة رجال الدين الذين أطلقوا عليها جمعة (العزة والكرامة) و(للظالم يوم) و(لا تراجع) و(الوفاء لشهداء الفلوجة) و(لا للحاكم المستبد)، وغير ذلك من التسميات ذات الدلالات والمعاني المقصودة». وخلال أيام الأسبوع يقضي المتظاهرون أوقاتهم داخل سرادقات وسط انخفاض كبير في درجات الحرارة وهطول الأمطار أحيانا، في ممارسة فعاليات فنية ورياضية وثقافية بإشراف لجان تنسيق المظاهرات.

وقال الشاب محمد الدليمي (25 عاما): «بدأت اللجنة الشبابية بإقامة بطولة للشباب المعتصمين بحضور كبار قادة المظاهرات من رجال الدين وشيوخ العشائر والمثقفين، حيث يتبارى عدد من الفنانين والمبدعين المعتصمين برسم لوحات فنية تشكيلية تعبر عن المظالم التي تعرضت لها النساء العراقيات في المعتقلات الحكومية، فضلا عن لوحات أخرى عكست تفاصيل الحياة اليومية للإنسان العراقي، ومنها صفحة المظالم والاعتقالات التي يواجهها الإنسان العراقي في سجون العراق وأميركا».

فيما قال أحمد الأنباري (27 عاما) المنسق الفني للجنة الشبابية للمتظاهرين إن «الخطة التي وضعها المبدعون الفنانون هي أن نوثق بريشة الفنانين التشكيليين معاناة وصبر وإرادة الجماهير بالأنبار التي واجهت ظروف الشتاء؛ من برد شديد وأمطار غزيرة، فضلا عن تفاصيل تخص كرم المضايف لأبناء الأنبار في تقديم أصول الضيافة للجماهير المعتصمة والمتظاهرة في ساحتي العزة والكرامة بالرمادي والفلوجة».

وأضاف: «لم تغب الأهازيج والشعر عن المنتديات المسائية التي يقيمها قادة المظاهرات ولجانها التنسيقية، حيث إن الدبكة الدليمية (نسبة إلى قبيلة الدليم أكبر العشائر السنية في الأنبار) التي يتغنى فيها المشاركون، تمحورت حول حب العراق والتلاحم الوطني».

وذكر أن «هذه الدبكات والفعاليات الاجتماعية ذات الطابع العشائري تزيد من حماس الناس وتدفع بهم نحو التمسك بواجب الوطن في ساحة الاعتصام حتى نيل الحقوق كاملة.. وهذه الدبكات لها أناس متخصصون يتغنون بأسماء المدن العراقية من أقصى غربها لأقصى شرقها، ومن أقصى شمالها لأقصى جنوبها.

، بما يناسب مواقفهم الوطنية عبر تاريخ العراق المعاصر، ونخوتهم العربية في مواجهة من ينال من حق العراقيين في العيش الكريم».

وقال الأنباري: «إلى جانب ذلك هناك أيضا أمسيات ثقافية وسياسية لشباب المتظاهرين تناقش فيها أمور البلاد، وترصد أبرز التصريحات الحكومية والشعبية ذات العلاقة بحراكهم الشعبي».

وذكر الشاب عبد القادر البجاري (24 عاما)، أحد المعتصمين: «لم أغادر ساحة الاعتصام، ومعي زملائي الذين تخرجوا معي في الجامعة، وما زلنا عاطلين عن العمل منذ سنوات». وأضاف: «ساحة الاعتصام مكان يشرفني؛ لأني عاطل، وبقائي في البيت أصابني بالإحباط، لكني وجدت نفسي بين الشباب المتظاهرين والمطالبين بحقوقهم».