بطريرك الموارنة يزور طرابلس.. والمفتي يتمنى لو كان موجودا

أول زيارة للكاردينال للمدينة بعد إلغاء زيارتين سابقتين لأسباب أمنية وبروتوكولية

البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي (أ.ف.ب)
TT

عند الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر أمس، قرعت أجراس الكنائس في طرابلس، شمال لبنان، احتفاء بزيارة البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي، الذي وصل إلى كنيسة مار مارون، لترؤس قداس بمناسبة عيد شفيع الطائفة المارونية.

كانت هذه الزيارة قد تأجلت لمرتين سابقتين، بسبب الأوضاع الأمنية التي تعانيها طرابلس، ونظرا لبعض التعقيدات البروتوكولية. فقد أراد مفتي المدينة مالك الشعار الاحتفاء بالبطريرك في احتفال رسمي وشعبي، من أجل تأكيد حسن التعايش بين الطائفتين. ورتبت الزيارتان السابقتان، بالتنسيق مع دار الفتوى، حيث كان يفترض أن يصل البطريرك إلى ساحة عبد الحميد كرامي ومنها إلى دار الفتوى، وبعد ذلك كان قد نظم له استقبال شعبي مع الخيالة ليجتاز به شارع عزمي، وسط المدينة، وصولا إلى كنيسة مار مارون، حيث يقام القداس. كما كان من المفترض أن تقام دعوة عشاء رسمية كبيرة على شرف البطريرك تحضرها زعامات المدينة وشخصياتها. وقال مصدر مطلع على تفاصيل الترتيبات السابقة لـ«الشرق الأوسط» إن «الخلافات الحادة بين 8 و14 آذار في تلك الفترة ومقاطعة نواب المستقبل للحكومة جعل وجود رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، ووزراء المدينة السابقين من 14 آذار أمرا شبه مستحيل للاحتفاء بالبطريرك». ويضيف المصدر «لهذا السبب، وبسبب الاشتباكات المسلحة المتكررة التي شهدتها المدينة، ألغيت الزيارتان في اللحظات الأخيرة، بعد طباعة بطاقات الدعوة».

إلا أن زيارة البطريرك الراعي لمدينة طرابلس يوم أمس، جاءت في غياب المفتي مالك الشعار عن المدينة، ووجوده في فرنسا، بسبب تهديدات أمنية تعرض لها، وهو ربما ما دفع بالبطريركية المارونية إلى اختزالها في زيارة كنسية. وجاء الجواب من البطريركية خلال اتصال لـ«الشرق الأوسط» معها يوم أمس: «هي مجرد زيارة لإقامة قداس في كنيسة مار مارون، يبدأ عن الساعة الخامسة، وتنتهي الزيارة هنا». ووصفت مصادر مقربة من دار الفتوى الزيارة بأنها «كنسية» مؤكدة أنها تمت من دون أي تنسيق مع دار الفتوى، بسبب وجود المفتي الشعار خارج البلاد».

لكن مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار في مقابلة معه، من باريس، بمناسبة زيارة البطريرك، كان قد تمنى لو كان موجودا في طرابلس اليوم (أمس) «للمشاركة في القداس الذي يحتفل به البطريرك الماروني الكاردينال الراعي»، آملا في أن «يُلبّي البطريرك دعوتنا إلى زيارة طرابلس مجددا». وقال الشعار إن «طرابلس تحتضن كل المقبلين إليها فكيف إذا كان الكاردينال بشارة الراعي بما يحمل من قيم أخلاقية ومشاعر وطنية تجاه الشمال».

ويكتسب كلام المفتي الشعار الترحيبي بالبطريرك، أهمية خاصة، بسبب السمعة السيئة التي باتت لطرابلس، ووصمها من قبل البعض، بأنها موطئ للتطرف الإسلامي، لا سيما السلفي، هذا عدا الأخبار التي تواترت عن مبايعة أمير في المدينة، تمهيدا لإقامة الإمارة الإسلامية.

وكان الراعي بمجرد وصوله إلى كنيسة مار مارون في طرابلس، التقى كهنة أبرشية طرابلس المارونية لمدة ساعة، تبعها القداس الاحتفالي الذي حضره حشد سياسي وأمني ولفيف من كهنة الأبرشية ورؤساء الأديرة الشمالية، إلى جموع من أبرشية طرابلس المارونية المنتشرة في بلدة شكا، وفي أقضية زغرتا، الكورة، الضنية، عكار، طرابلس.

وهذه هي الزيارة الأولى للكاردينال الراعي إلى طرابلس منذ سمي بطريركا على أنطاكيا وسائر المشرق.