أصحاب الأنفاق يفاقمون أزمة السكن في غزة

باحتكارهم لتجارة الأراضي

TT

على غير العادة، يشهد الطريق الذي يصل مناطق أم الجمال وقوز أبو حمام ووادي السلقا، في التخوم الشرقية لمدينة دير البلح، حركة نشطة للسيارات، فهذه المناطق تنتمي إلى مناطق التماس القريبة من الخط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، وهي المناطق التي عادة تكون الحركة داخلها قليلة بسبب بعدها الجغرافي عن التجمعات التي تضم كثافة سكانية كبيرة، وبسبب المخاطر الأمنية الناجمة عن قربها من المواقع العسكرية الإسرائيلية.

وترجع مظاهر الزيادة الواضحة في الحركة على هذا الشارع إلى حركة أشخاص من خارج المنطقة يبحثون عن أراضٍ لشرائها، مع العلم أن أحدا لم يكن في الماضي يرغب في شرائها بسبب البعد الجغرافي عن مراكز المدن والمخاطر الأمنية الناجمة عن السكن فيها. ويقول أحمد سمحة، أحد الأشخاص، الذين يقطنون في مدينة غزة إنه قرر البحث عن أرض لشرائها في هذه المنطقة والعيش فيها على الرغم من المخاطرة الأمنية بسبب ارتفاع أسعار الأراضي بشكل جنوني في مدينة غزة على حد قوله، إلى درجة أن سعر متر الأرض في بعض المناطق يصل إلى 500 دينار أردني، مما جعل إمكانية الحصول على قطعة أرض لغرض بناء بيت أو منزل حلما بعيد المنال، بالنسبة للأغلبية الساحقة من الغزيين.

ويعود ارتفاع أسعار الأراضي بشكل أساسي إلى احتكار التجار، لا سيما أولئك الذين جنوا ثروات كبيرة من تجارة الأنفاق، والذين قاموا بشراء مساحات كبيرة من الأراضي داخل المدن الرئيسة وفي محيطها، أي في المناطق التي تحظى بإقبال الأزواج الشابة، وهو ما مكنهم من التحكم في أسعار الأرض بشكل كبير. لقد زاد تراجع تجارة الأنفاق بفعل تخفيف مظاهر الحصار وبفعل الإجراءات الأمنية المصرية من ميل تجار الأنفاق للانتقال للعمل في مجال تجارة الأراضي، وهو ما فاقم المشكلة.

وفي كثير من الأحيان يستثمر هؤلاء التجار أموالهم أيضا في بناء الأبراج والعمارات السكنية على الأراضي التي يشترونها، وهو ما رفع أسعار الشقق السكنية أيضا. لقد أصبح متوسط سعر شقة سكنية في غزة نحو 100 ألف دولار، وهو سعر كبير نسبيا، مقارنة مع مستوى دخل الفرد. وباستثناء النقابات المهنية التي تقيم مشاريع سكنية للمنضوين تحت لوائها، فإن الأغلبية الساحقة من الباحثين على شقق سكنية لا يجدون بدا سوى شراء الشقق السكنية التي يعرضها التجار، إن كان لديهم ما يكفي من المال، أو البحث عن شقق للإيجار.

إن الذين يبحثون عن أراضٍ أو شقق لشرائها هم تحديدا المنتمون للطبقة الوسطى من أصحاب الحرف، من أطباء ومهندسين ومدرسين، في حين أن معظم الغزيين لا يفكر مجرد تفكير في شراء مثل هذه الشقق أو الأراضي، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية.