النيابة العامة بالمغرب ترفض طلب دفاع المتهمين في أحداث «أكديم ازيك» محاكمتهم أمام محكمة مدنية

اعتبرت المحكمة العسكرية مختصة وليست استثنائية

TT

رفضت النيابة العامة في المحكمة العسكرية في الرباط أمس ملتمس عدم الاختصاص الذي تقدمت به هيئة الدفاع عن المتهمين الصحراويين المتورطين في مقتل عناصر من الأمن المغربي خلال أحداث مخيم «أكديم ازيك» عام 2010، وذلك خلال الجلسة الثانية للمحاكمة.

وتطالب هيئة الدفاع بمحاكمة المتهمين أمام محكمة مدنية وليست عسكرية، كما رفضت النيابة العامة جميع الدفوعات الشكلية التي تقدم بها محامو الدفاع، والمتعلقة بخرق القانون أثناء اعتقال المتهمين أو أثناء التحقيق معهم.

ويحاكم 24 من الصحراويين بقتل 11 من عناصر قوات الأمن المغربية في مدينة العيون (كبرى مدن الصحراء) عقب تدخل قوات الأمن لتفكيك مخيم شيده محتجون للمطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010.

ويواجه هؤلاء المتهمون تهم «تكوين عصابات إجرامية، واستعمال العنف ضد قوات الأمن، والقتل العمد والتمثيل بالجثث».

وعقدت الجلسة الثانية من المحاكمة تحت حراسة أمنية مشددة، وحضرها عدد كبير من المراقبين الحقوقيين المغاربة والأجانب.

وفي هذا السياق، قال محمد مسعودي، محامي دفاع المتهمين المنتدب من قبل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط»: «إن الدفاع متشبث بكون شروط المحاكمة العادلة تنتفي في هذه المحاكمة بالنظر إلى الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، بالإضافة إلى أن الدستور ينص على إلزامية محاكمة المدنيين أمام محاكم مدنية وليست عسكرية؛ لأن المحكمة العسكرية استثنائية». وأضاف أن دفاع المتهمين يطالب أيضا بفتح تحقيق بشأن ما يدعيه هؤلاء المتهمون بتعرضهم للتعذيب أثناء تفكيك المخيم وأثناء الاعتقال.

ورفضت النيابة العامة اعتبار المحكمة العسكرية استثنائية، وتشبثت بكونها ضمن المحاكم المتخصصة التي ينص عليها القانون المغربي. وتجدر الإشارة إلى أن القانون الجنائي المغربي واضح فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب في حق رجال الأمن وعناصر الجيش، بحيث تنظر فيها المحكمة العسكرية.

وردا على سؤال حول ما إذا كان رفض المحكمة طلب الدفاع بشأن حضور الطيب الشرقاوي وزير الداخلية الأسبق وثلاثة ولاة (محافظين)، إضافة إلى النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية (مشارك في الحكومة)، كجمولة بنت أبي، للإدلاء بشهادتهم في الأحداث، قال المسعودي إن المحكمة «يمكن أن يتبين لها أثناء مناقشة القضية استدعاء الأسماء التي طالبنا بحضورها، كما قد تستدعي شخصيات أخرى قد تكون لها علاقة بالقضية».

وأوضح المسعودي أن طلب الدفاع حضور وزير الداخلية والنائبة بنت أبي جاء على اعتبار أنهم شاركوا في الحوار الذي أجروه مع المحتجين بهدف النظر في مطالبهم، وبالتالي فإن شهادتهم قد تؤكد فيما إذا كان المتهمون الذين شاركوا في الحوار لديهم نوايا عدائية ضد السلطات أو ضد النظام السياسي، أم أنهم كانوا أشخاصا مسالمين لديهم مطالب اجتماعية فقط.

وحول المسار الذي ستتخذه المحاكمة، قال المسعودي إنه لا يمكن التنبؤ بأطوار المحاكمة والمسار الذي ستتخذه، مشيرا إلى أنه يمكن للمحكمة أن تستجيب لملتمس عدم الاختصاص الذي تقدم به الدفاع، وتقضي بعدم الاختصاص، وتحيل القضية إلى المحكمة المختصة، أي محكمة الاستئناف بمدينة العيون. وقد تتخذ مسارا آخر.

من جهته، طالب أحمد طرطور، ممثل تنسيقية عائلات وأصدقاء ضحايا أحداث «أكديم ازيك»، المنظمات الحقوقية الدولية بأن «تقف على مسافة واحدة بين الطرفين، أي المتهمين وعائلات الضحايا؛ لأن الأمر يتعلق بأشخاص ماتوا غدرا وبطريقة وحشية»، على حد تعبيره.

وأضاف طرطور، وهو شقيق أحد رجال الأمن الذين قتلوا أثناء تفكيك المخيم، لـ«الشرق الأوسط»، أن عائلات الضحايا تأخرت بشكل كبير في إسماع صوتها، والتعريف بقضيتها، ولم يتم تأسيس التنسيقية إلا يومين قبل موعد الجلسة الأولى من المحاكمة التي جرت في أول فبراير (شباط) الحالي.

وقال طرطور إنه خلافا لما نشرته بعض الصحف المحلية «بكوننا نطالب بإعدام المتهمين، ونريد إصدار أحكام قاسية عليهم، تبقى الحقيقة هي أننا لا نسعى للانتقام من أي شخص، ولا نطالب إلا بالمحاكمة العادلة، ولسنا نحن من نحدد العقوبة المستحقة ضد المتهمين في حال أثبت القضاء تورطهم في جرائم القتل». وأضاف: «إذا كان المتهمون المعتقلون في هذه القضية أبرياء، فنحن نطالب بالكشف عن القتلة الحقيقيين إذا كانوا يوجدون خارج السجن». وخلص طرطور إلى القول إن عائلات الضحايا يعيشون أوضاعا اجتماعية صعبة للغاية.