مرشح أوباما لقيادة «سي آي إيه» مدافعا عن عمليات «درون»: نستخدمها كملاذ أخير

برينان أمام لجنة الاستخبارات بالكونغرس: كنت على علم بأساليب تعذيب المعتقلين لكنني لم أشارك فيها

برينان أثناء الإدلاء بإفادته أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في الكابيتول مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

واجه جون برينان مرشح الرئيس الأميركي باراك أوباما لتولي منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» أسئلة مكثفة من أعضاء لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ حول سياسة استخدام الطائرات من دون طيار «درون» وأساليب التعذيب والإيهام بالغرق التي تم استخدامها مع بعض معتقلي تنظيم القاعدة.

وتطرقت الأسئلة إلى الهجوم الإرهابي على القنصلية الأميركية في بنغازي والتعاون بين الاستخبارات الأميركية ونظيراتها في دول شمال أفريقيا. وركز أعضاء اللجنة على ضرورة التعاون وتبادل المعلومات بين الوكالة ولجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ.

ودافع برينان خلال جلسة الاستماع، التي استمرت لأكثر من ثلاث ساعات مساء الخميس، عن برنامج استخدام طائرات «دورن»، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تستخدمها كملاذ أخير لمنع وقوع هجمات إرهابية وشيكة، وليس للانتقام من عمليات سابقة.

وقد بدأ برنامج استخدام طائرات من دون طيار في عام 2004 في عهد الرئيس السابق جورج بوش، لكن إدارة الرئيس أوباما واصلت استخدام تلك الطائرات بشكل مكثف في باكستان واليمن والصومال. وقام برينان باعتباره مسؤول مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض بوضع لائحة الأفراد المطلوب قتلهم لانتمائهم لتنظيم القاعدة وأشرف على تلك الهجمات. وقد قتل 3500 شخص في هجمات الطائرات من دون طيار منذ عام 2004 إلى الآن. وقد اعتمدت الإدارة الأميركية على طائرات «دورن» في قتل أنور العولقي في اليمن عام 2011 وهو أميركي الجنسية، وأحد قادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وقد قتل ثلاثة أشخاص آخرين في ذلك الهجوم بينهم نجل العولقي، وعمره 16 عاما.

واعترف برينان خلال إجاباته عن أسئلة أعضاء اللجنة بوقوع ضحايا من المدنيين لهجمات الطائرات من دون طيار وتعهد بالإعلان عن تلك الأخطاء والاعتراف بها علنا.

وقد أبدى مشرعون في الكونغرس انزعاجهم من تقرير تم تسريبه من وزارة العدل الأميركية حول استهداف مواطنين أميركيين في هجمات بطائرات «درون»، وطالبوا إدارة الرئيس أوباما بتوضيح المبررات القانونية لاستهداف أميركيين في الخارج وقتلهم دون تحقيق أو محاكمة. وطالبوا بوضع حدود وقيود على سلطة الرئيس لتوجيه تلك الهجمات.

وأكد برينان أنه سيُبقي، في حال الموافقة على تعيينه، لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ مطلعة على عمل الوكالة وعملياتها القتالية والاستجابة لما تطلبه من تقارير ومعلومات وتعزيز التعاون والشفافية مع الحفاظ على سرية العمليات.

وقد واجهت بداية الجلسة اضطرابا، حيث رفع عدد من النشطاء لافتات تدين استخدام طائرات «دورن» وقتل الأبرياء، ورفع البعض أياديهم مليئة باللون الأحمر في إشارة إلى أن الوكالة يديها ملطخة بالدماء، وقد صرخت امرأة من بين الحضور متهمة برينان بقتل الأميركيين وقتل أطفال أفغانستان، قبل أن يخرجها رجال الشرطة من القاعة، لكن الأمر تكرر خمس مرات مما اضطر رئيسة لجنة الاستخبارات ديان فاينشتاين لوقف الجلسة وإخراج الحضور واقتصار الجلسة على المرافقين لبرينان والصحافيين.

وبعد أدائه اليمين بذكر الحقيقة، ركز برينان، 57 عاما، في شهادته على خبرته في وكالة الاستخبارات من عام 1980 إلى عام 2005. وأشار إلى المخاطر والتحديات التي تواجهها الولايات المتحدة، متعهدا بإعطاء أولوية لمكافحة الإرهاب في شمال أفريقيا وملاحقة تنظيم القاعدة ومراقبة كل من إيران وكوريا الشمالية في سعيهما لامتلاك أسلحة نووية، وجلب الأمن والاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، وضمان أمن إسرائيل في المنطقة. وأقر أن الولايات المتحدة لا تزال في حالة حرب مع تنظيم القاعدة والمجموعات المرتبطة بها التي تسعى لتنفيذ هجمات قاتلة ضد الولايات المتحدة ومواطنيها.

ولاحقته أسئلة أعضاء لجنة الاستخبارات حول علمه بعمليات استجواب المعتقلين باستخدام أساليب تعذيب مثل الإيهام بالغرق (في عهد الرئيس جورج بوش) دون أن يتخذ خطوات لوقفها، ووقوفه ضد عملية للقبض على أسامة بن لادن في أفغانستان في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون. وأقر برينان بأنه طلب إلغاء عملية للقبض على أسامة بن لادن عام 1998 وقال: «معظم المسؤولين في وكالة الاستخبارات صوتوا لإلغاء العملية لأن فرص نجاحها كانت ضعيفة، وأمر ساندي برغر مستشار الرئيس كلينتون للأمن القومي بإلغاء العملية».

بدا برينان متوترا في إجاباته عن الأسئلة، لكنه حافظ على رباطة جأشه، وقال إنه كان على علم بقيام وكالة الاستخبارات المركزية باستخدام أساليب استجواب تتضمن الإيهام بالغرق والحرمان من النوم، مع معتقلين مثل أبو زبيدة وخالد شيخ محمد لكنه لم يكن مشاركا فيها. وأشار إلى أنه أثار اعتراضات بشكل شخصي خلال محادثاته الخاصة مع كبار المسؤولين حول تلك الأساليب.

ووجه أعضاء لجنة الاستخبارات لمجلس الشيوخ سيلا من الأسئلة لبرينان حول ما إذا كان يتفق مع مسؤولين سابقين في وكالة الاستخبارات بأن أساليب التعذيب مع المعتقلين أدت للحصول على معلومات أسهمت في إنجاح عملية قتل أسامة بن لادن في باكستان في مايو (أيار) 2011، فأجاب برينان أنه يعتقد أن التحقيقات مع المعتقلين قادت إلى معلومات قيمة. وقال: «أعتقد أن الاعتقالات أنقذت الكثير من الأرواح». وأضاف: «أنا لا أؤمن بأن قتل الإرهابي أفضل من اعتقاله، أنا مهمتي أن أضع الإرهابي أمام العدالة».

وتحت ضغط من الأسئلة المتلاحقة للسيناتور ساكسبي تشامبليس والسيناتور كارل ليفين حول تعريف التعذيب للمعتقلين تهرب برينان من وصف الاستجواب باستخدام الإيهام بالغرق بأنه «تعذيب»، مشيرا إلى أن التعريف له أبعاد قانونية وأنه ليس خبيرا قانونيا. واكتفى بشجب هذا التصرف ووصفه بأنه أمر لا ينبغي القيام به.

وشن السيناتور الجمهوري ماركو روبيو هجوما قويا على برينان، وطرح عليه عدة أسئلة حول إخفاق الوكالة في الحصول على معلومات قبل وقوع الهجوم الإرهابي على القنصلية الأميركية في بنغازي. وشكك روبيو في قوة الصلات بين وكالة الاستخبارات الأميركية وشركائها الأجانب. وأشار إلى قيام السلطات التونسية بالقبض على علي الحرزي المشتبه في تورطه في الهجوم على القنصلية ببنغازي والإفراج عنه دون أن تتاح لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية فرصة لاستجوابه.