أحمدي نجاد لـ«الشرق الأوسط»: مستقبل العلاقات مع مصر سيكون وطيدا ومزهرا للغاية

قال حول تصريحات الأزهر الناقدة: بعض المسائل أو الأمور قد تطرح من ذوي الفكر الضيق في البلدين

إحدى لافتات الترحيب بالرئيس الإيراني داخل حديقة الحفل بمنزل السفير الإيراني بالقاهرة و محمود أحمدي نجاد
TT

من شرفة القصر الذي دخله، أول من أمس، الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، شرق العاصمة المصرية القاهرة، ترى خليطا من العمائم الإيرانية السوداء والعمائم الأزهرية الحمراء. هذا المشهد، ومن خلفه حديقة القصر الخضراء، يوحي بأن الرئيس نجاد غير غاضب من انتقادات الأزهر له، وغير ممتعض من بطء الاستجابة المصرية لدعواته باستعادة الود بين البلدين.

وقال الرئيس الإيراني لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نحب مصر ونرغب في إقامة علاقات قوية واستراتيجية معها»، مشيرا إلى أن مستقبل العلاقة مع مصر سيكون «وطيدا وواسعا ومزهرا للغاية»، وأنه ألغى تأشيرات دخول السياح والتجار المصريين لبلاده من جانب واحد. وسألته «الشرق الأوسط» عن الملفات الشائكة، التي منها الخليج ونزف الدم في سوريا، فرد بإجابات عمومية عن الخير والشر والتواضع والاستكبار، قائلا إنه ينبغي تقديم حسن النية على تفسير الأمور بِنيّة سيئة.

وسألت «الشرق الأوسط» الرئيس نجاد حول مقترح اللجنة الرباعية الخاصة بسوريا، التي من المفترض أن تضم السعودية ومصر وتركيا وإيران، فأجاب: «أنا أثق في أن إخواننا في السعودية سيسعدون بأي خطوات إيجابية في الشأن السوري، ولا أرى أي دليل منهم على أنهم لن يرحبوا بذلك».

وافتتح نجاد حفل العشاء الضخم الذي أقيم في قصر يتخذه رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في مصر، السفير مجتبي أماني، مقرا لإقامته، وشهد الحفل أيضا محاولة أحد المصريين الهجوم على نجاد قبل العشاء بقليل, وهي محاولة الاعتداء الثانية خلال زيارته للقاهرة، وكانت الأولى خلال زيارته حي الحسين في القاهرة القديمة في اليوم الأول لزيارته. وتردد وسط الحضور مقولة: «العشاء الأخير للرئيس نجاد»، وفقا لتفسيرات مختلفة، منها أنه آخر عشاء له قبل مغادرته العاصمة المصرية التي غادرها صباح أمس بالفعل، ومنها ما يرجح استمرار جمود علاقات القاهرة وطهران.

ويوحي وجود كثير من السياسيين المصريين في الصفوف الأولى أمام رئيس إيران، في حديقة قصر السفير أماني، بأن كل شيء على ما يرام، بينما في الحقيقة الأمر ليس كذلك. لقد طلبوا من الرئيس اتخاذ موقف محدد من المذابح الجارية في سوريا والعراق وموقف محدد من تدخل بلاده في شؤون العرب والسنة، مما اضطر نجاد، في نهاية المطاف، إلى اللجوء إلى الرد بكلمات عمومية ومجردة بعيدا عن التفاصيل.

وفي وسط هذه الأجواء المرتبكة في حديقة القصر المحاطة بالأشجار الباسقة، كانت حلقات النقاش بين دبلوماسيين وسياسيين عرب وأجانب لا تعول كثيرا على أهمية زيارة نجاد مصر، لا بالنسبة لعودة العلاقات بين البلدين ولا بالنسبة للقدرة على حل المشكلة السورية ولا طمأنة دول الخليج. ولهذا لاحظ الحضور الكلمات الرنانة التي ألقاها رئيس ديوان رئيس الجمهورية المصري السفير رفاعة الطهطاوي. وهو رجل يقال عنه إنه «رمانة الميزان» و«ملطف الأجواء» بين الرئاسة التي أظهرت ترحيبا بنجاد، والأزهر الذي واجهه بعاصفة من الانتقادات. ووصف «الطهطاوي» ثورة الخميني بأنها «فتح جديد للإسلام»، وأطلق على نجاد «الثائر العظيم».

هنا يطير دخان الشواء وتطير رائحة السمك فوق رؤوس العشرات من ممثلي تيارات وأحزاب سياسية ودبلوماسيين، بينما يرتفع من الجانب الآخر صوت أناشيد ثورة الخميني باللغة الفارسية. وفي الواجهة التي خطب من عليها الرئيس نجاد، وضعت لوحة ضخمة عليها صورة المرشد الراحل الخميني والمرشد الحالي علي خامنئي، وعبارة توحي بأن إيران هي من أيد ثورة يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك يوم 11 فبراير (شباط) 2011. تقول العبارة المنسوبة لنجاد، التي تعود ليوم 4 فبراير 2011: «وأنا باسم الشعب الإيراني واسم الحكومة الإيرانية، أحيي الشعب المصري، سائلا الله سبحانه وتعالى أن يمن عليكم بالنصر المؤزر الكامل».

وتزامنت زيارة الرئيس نجاد إلى مصر مع الذكرى 34 لقيام ثورة الخميني في إيران. وجاء الرئيس نجاد إلى القاهرة بالأساس لحضور قمة المؤتمر الإسلامي التي انعقدت على مستوى قادة وزعماء الدول الإسلامية يومي الأربعاء والخميس الماضيين، وبداية من الساعة الرابعة عصر الخميس، حتى ما بعد الساعة العاشرة ليلا، أمضى نجاد الوقت في لقاءات بصحافيين وسياسيين مصريين، بينما كان مئات المدعوين من شرائح يبدو أنها منتقاة بعناية يتوافدون على القصر؛ كتاب، فنانون، أزهريون، إضافة إلى كثير من الشخصيات الإيرانية رجالا ونساء.

والعلاقة بين مصر وإيران مقطوعة منذ عام 1979، وهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس إيراني مصر منذ أكثر من ثلاثة عقود. وتمكنت وسائل الإعلام الإيرانية، مثل قناة «تي في برس» و«ميادين» وغيرهما من التقاط صور لتجمعات ولافتات داخل حديقة القصر توحي بأن مصر وإيران أصبحتا جسدا واحدا. وسلط التلفزيون الإيراني كاميراته على المقرئ المعمم بعمامة الأزهر، الشيخ عبد الفتاح الطاروطي، الذي افتتح الحفل بآيات قرآنية من سورة الكوثر، كما سلط كاميراته على رجل هتف من وسط المقاعد قائلا لنجاد: «عليك بالسلاح النووي يا سيادة الرئيس لنحرر القدس من إسرائيل».

وعند خلفية المقاعد، كانت أضواء كاميرات الإعلام تصور أستاذا إيرانيا معمما أيضا هو أبو الحسن نوّاب، رئيس جامعة الأديان والمذاهب التابعة لوزارة العلوم والتكنولوجيا والأبحاث في إيران، وهو يتحدث مع اثنين من المعممين بعمامة الأزهر، وهما الشيخ علي السيسي والشيخ عزت راشد، وهما أيضا من المقرئين في الإذاعة المصرية. وقال الشيخ راشد: «تلقينا دعوة من إيران لحضور هذا الحفل، ومشاهدة فيلم عن الثورة الإيرانية. هذا كل شيء».

وكان من بين الحضور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، والسفير الروسي في القاهرة سيرجي كيربيشينكو.

وفي هذا التوقيت، ارتفعت من مكبرات الصوت لأول مرة في القاهرة أناشيد بالفارسية تمجد ثورة الخميني، منها نشيد يقول: «هناك ضوء في السماء ينزل.. هناك حب من الأرض يصعد.. هناك دعاء يترنم.. وهناك صلاة تتوالى».

ويقول أحد الدبلوماسيين الذي طلب الحديث من دون تسجيل: «الإيرانيون يبحثون عن الأضواء.. لا يمكن حل القضية السورية بالطريقة التي تجري بها حاليا، لأنه لا توجد جدية في الأمر. نقول إن إيران تتدخل لصالح نظام الأسد، وأيضا هناك استقطاب من دول أخرى منحازة للمعارضة، لكن ما يجري حاليا ليس طريقة للحل، المشكلة أكثر تعقيدا، وستستمر لوقت طويل».

وتوجد علاقة قديمة بين الجماعة الحاكمة في القاهرة وثورة الخميني، لكن نجاد غضب من معاملة الأزهر له، بعد أن وجه انتقادات شديدة لسياسات بلاده تجاه السنة والعرب.

وسألت «الشرق الأوسط» الرئيس نجاد عن مدى تأثير العلاقات التاريخية بين جماعة الإخوان بمصر والثورة الإيرانية على العلاقة بين البلدين بعد انتخاب الرئيس مرسي، فقال: «لن يستطيع أحد نزع عرى المودة بين الشعبين حتى في ظل وجود من يتربص بهذه العلاقات للنيل منها وللوقيعة بينهما، ونحن نحب مصر ونرغب في إقامة علاقات قوية واستراتيجية معها»، مشيرا إلى أن العلاقة مع مصر ستكون «وطيدة وواسعة ومزهرة للغاية».

وتابع الرئيس نجاد قائلا إنه ألغى تأشيرات دخول السياح والتجار المصريين لبلاده من جانب واحد، و«يمكن توسيع إلغاء التأشيرة ليشمل العلماء والجامعيين»، و«الأمر كذلك في التعاون التقني والعلمي والتكنولوجي مع مصر». وقال الرئيس الإيراني ردا على تصريحات الأزهر بعد الاجتماع الذي جرى بينه وبين شيخ الأزهر، التي حملت انتقادات لموقف إيران تجاه السنة هناك، والموقف من الخليج: «بالنسبة للاجتماع في الأزهر.. توجهنا إلى هناك لتحقيق التضامن مع إخوتنا، وتمت مناقشة مواضيع جيدة. ونوقشت الأمور الدولية المهمة، وتسامي أبناء البشرية، وطرح المعارف الإسلامية فيما بيننا». ثم قال بعد ذلك: «ومن البديهي في إيران ومصر أن بعض المسائل أو الأمور قد تطرح من ذوي الفكر الضيق. نحن نعتقد أنه يجب أن نتفق على أهداف كبيرة لتحقيق الوحدة والتضامن. على سبيل المثال: إقرار العدالة والتوحيد والسلام والأخوة على مستوى العالم، كإزالة التمييز والتحكم بالقوة والاحتلال والاعتداء، لكن الرؤية الضيقة تثير الخلافات. والشياطين يرغبون في أن ينشغل المؤمنون والموحدون بمسائل صغيرة وضيقة».

وتابع الرئيس الإيراني قائلا عن الموقف المحرج الذي تعرض له بسبب انتقادات الأزهر لسياسات بلاده: «مشتركاتنا مبادئ، وهي أمور سياسية.. في كل أسرة أيضا يوجد خلافات للأذواق ووجهات النظر. لا يمكن أن تجد شخصين يتشابهان أو يفكران بنمط واحد، وكذلك الأمر لدى جميع الأساتذة وطلاب الأزهر»، وأضاف: «لن نقع أسرى أو ألعوبة في يد الأعداء».

ومن المعروف أن أحزابا وحركات سلفية أعلنت منذ البداية رفضها لزيارة الرئيس نجاد لمصر، ورفضت أيضا المشاركة في لقاء نجاد أو في احتفال السفارة بذكرى الثورة الإيرانية.

وتحدث نجاد عن رفض بلاده التفاوض مع الجانب الأميركي بشأن الملف النووي الإيراني، قائلا إن طهران ترفض التفاوض تحت الضغوط، وعلى الجانب الأميركي أن يغير أسلوبه المبني على التهديد. وقال نجاد بالنص: «إذا جاء أحد رافعا هراوة ليجعلك تجلس معه للحوار، فهل توافق؟! إن الأمر يكون طبيعيا لو كانت عملية الحوار تستند على الاحترام. إذا صححوا أسلوب التعامل والحديث سوف تكون الأمور بخير. إذا احترموا العدالة سنقبل منهم وجهات نظرهم».

وعلى الرغم من قوله إن بلاده لا تتدخل في شؤون البحرين، فإنه قال إنه يدعو حكومة البحرين لاحترام إرادة الشعب. وأضاف: «الحرية والعدالة والاحترام حق لكل الشعوب، ومن حق هذه الشعوب انتخاب حكوماتها، والبحرين لا تستثنى من هذا». واستدرك قائلا: «ليس لنا أي تدخل في قضايا البحرين، ولكن نشير ونصر على أن الحكومة يجب أن تحترم حقوق الشعب البحريني».

في مدخل القصر أو منزل السفير مجتبي أماني، حيث دخل الرئيس نجاد، تم وضع عشرات النسخ من كتاب يحمل اسم «إيران في عيون مصرية»، ويتحدث في صفحته رقم 155: «الإخوان المسلمون جماعة مصرية لا تحمل موقفا سلبيا أو عدائيا تجاه العقائد والأفكار الشيعية»، ويشير الكتاب الذي يوزع على الضيوف مجانا إلى أن «موقف (الإخوان) والحركة الشيعية إزاء القومية أحدث تقاربا بين (الإخوان) وإيران، فكلتا الحركتين اتخذت موقفا سلبيا من الاتجاهات القومية، فـ(الإخوان) اعتبروا أن القومية العربية هي سبب ضياع الخلافة الإسلامية وضياع فلسطين».

وبعد قليل، بدأ طاقم الخدمة القائم على مراسم العشاء القادم من مطعم لفندق مجاور توزيع المرطبات على الضيوف، في انتظار انتهاء لقاء نجاد مع السياسيين المصريين في الطابق الثاني من القصر الذي كان محاطا بحراسة من الجيش والشرطة وغيرهما. ومن الخارج كانت السيارات تمرق عبر شارع صلاح سالم الشهير، وفي الجانب الآخر من الشارع توجد مقرات حكومية وأمنية مصرية عديدة. وفي الداخل، أي في خلفية الحديقة، علق عدد من الحرس الإيرانيين على عجل لافتة عليها صورتا نجاد ومرسي، كتب عليها كلمات ترحيب بنجاد في مصر. ولم تكن هناك أي لافتات عن مثل هذا الترحيب في الشوارع المصرية، وهو أمر يعكس إلى أي حد كانت زيارة نجاد تشبه «الزيارة المعلبة»، وفقا لتوصيف أحد الدبلوماسيين الذين حضروا عشاء الرئيس الإيراني.

وحضر اللقاء المغلق مع الرئيس نجاد مجموعة سياسيين، بعضهم من جبهة الإنقاذ المعارضة، وبعضهم من جماعة الإخوان الحاكمة، إضافة إلى ممثل الرئاسة المصرية السفير الطهطاوي.

ولم يسمح للصحافيين بحضور هذا اللقاء، لكن مصادر قالت إنه تطرق إلى سبل عودة العلاقات الطبيعية بين مصر وإيران، إلا أن بعض السياسيين تحدث بطريقة عاطفية عن حاجة الأمة الإسلامية إلى التكاتف، وانحرف الحديث بطريقة لم تلقَ ارتياحا لدى نجاد، من قبيل أن المطلوب ليس استعادة العلاقات مع مصر فقط، ولكن حل المشكلات العالقة بين إيران والدول العربية، والعمل على وقف نزف الدم في سوريا. كما تناول سياسيون آخرون مسألة «التدخل الإيراني في شؤون العراق».

وفي المقابل، كانت ردود الرئيس الإيراني ردودا عامة عن الرغبة في إقامة العدل ونصرة الشعوب المستضعفة. كما استخدم نجاد كثيرا من التعبيرات المجردة عن العلاقة بين المخلوق على الأرض والخالق في السماء، والحكمة من وجود الإنسان أصلا. ولم تكن هناك إجابات محددة عما يمكن أن تفعله إيران، وما يمكن أن تتخذه من سياسات تزيل مخاوف غالبية العرب. وكان من بين «أقواله العمومية» كما وصفها أحد المشاركين في اللقاء، أن بلاده سوف تسهم في حل المشكلات سواء في الخليج أو في سوريا أو غيرها، دون أو يوضح متى وكيف.

لم يكن أحد يتوقع أن يتعرض الرئيس نجاد لمحاولة الاعتداء وسط حديقة القصر، بسبب الإجراءات الأمنية المشددة. حدث هذا بشكل مفاجئ. أولا خرج الرئيس نجاد من لقائه بالسياسيين المصريين بالطابق الثاني من المبنى، وتقدم نحو حديقة القصر وهو لا يكاد يرى من كثرة المصورين الصحافيين والتلفزيونيين، بينما كان 7 من الحرس يحيطون به، حتى ظهر من جانب الحديقة التي كان فيها نحو 24 كرسيا بالطول ونحو 23 كرسيا بالعرض، يجلس عليها أكثر من 500 من الضيوف.. وأخذ يسلم على الصف الأول الذي كان يجلس فيه نائب مرسي وعدد من قادة الأحزاب المصرية والشخصيات الإيرانية، بمن فيهم مستشار نجاد نفسه، أحمد الموسوي.

وحين وصل الرئيس نجاد إلى منتصف الصف الأول ارتفع صوت بالشتائم، وقفز صاحبه من فوق الصف الثاني من المقاعد محاولا فتح الطريق لنفسه للوصول إلى الرئيس نجاد، لكن 5 من الحرس اندفعوا من فوق المقاعد الخلفية ومن بين الكاميرات، وهجموا على الشخص الذي كان يحاول التعدي على الرئيس الإيراني، الذي كان حتى تلك اللحظة يواصل الصياح باتجاه الرئيس قائلا: «اخرجوا يا سفاحين من بلدنا».

وقبل أن يكمل، وضع أحد الحراس يده على فم الشاب، بينما شل اثنان آخران حركته بإمساك يديه من الخلف ودفعه من بين صف المقاعد إلى الخارج، وخلال ذلك تمكن من إفلات فمه والهتاف مجددا ضد الرئيس السوري بشار الأسد وسياسات إيران المساندة له، وأخذ يقول بعبارات خاطفة لكنها واضحة «الموت للسفاح بشار الأسد.. الموت لنجاد»، وسط اضطراب الحضور وتشتتهم، على العكس من الرئيس نجاد الذي استقبل الواقعة دون أن يهتز أو يتراجع أو يتوقف عن السلام باليد على ضيوف الصف الأول. وفي تلك الأثناء كان عدد من الحرس الإيرانيين والمصريين قد سلموا الشاب الذي لم تُعرّف هويته إلا بأنه مصري، حيث تم تسليمه إلى رجال الأمن المصري خارج المبنى.

وفور حدوث الواقعة اضطر السفير أماني للإمساك بمكبر الصوت وافتتاح الحفل بعزف النشيد الوطني الإيراني والنشيد الوطني المصري.

وقال الطهطاوي رئيس ديوان رئيس الجمهورية، موجها حديثه للرئيس الإيراني: «نرحب بكم باعتباركم ممثلا لدولة عريقة ذات تاريخ ضارب كانت دخولها في الإسلام فتحا عظيما». وعدد الطهطاوي أسماء بعض العلماء المسلمين القدامى مثل ابن سينا والخوارزمي والزمخشري، وأضاف: «وكان قيام الإمام الخميني رضوان الله عليه بثورته الإسلامية فتحا جديدا؛ بأنه أعلن للعالم أن عهدا جديدا قد طلع فجره، وأن الإسلام عائد ليحكم، وأن الاستكبار لا مكان له في الأرض.. إننا نرحب بالرئيس محمود أحمدي نجاد، لأنه يمثل دولة مسلمة شقيقة لم يعرف تاريخها عدوانا.. إيران لم تعتدِ على أحد».

وتابع قائلا إن مصر وإيران «لا تصبران على ضيم ولا تقبلان ذلا، وهما مقبرة لكل غازٍ ولكل معتد. نحن نقول إن زيارة الرئيس الكبير والثائر العظيم الدكتور محمود أحمدي نجاد لنا ستكون بإذن الله إيذانا بعهد جديد، ونحن نرجو أن تنصر مصر إيران وأن تنصر إيران مصر، كما ينصر الشقيقُ الشقيقَ».

وقال الطهطاوي أيضا: «لا بد إذا اجتمع المسلمون واجتمع العرب أن تكون قضية القدس الشريف في مقدمة قضاياهم، والقدس لن تعود بالفرقة، ولن تعود بالتناحر، ولكن ستعود بالوحدة والتعاون بين دول العالم الإسلامي وفي مقدمتها الدول الكبرى مثل إيران ومصر»، وغيرهما.

وأضاف الطهطاوي: «نحن نحبكم وأنتم تحبوننا.. ونحن نريد أن نؤسس العلاقات الإيرانية المصرية على أساس سليم راسخ، حتى تصبح كالشجرة المباركة أصلها في الأرض وفرعها في السماء ونفعها للعرب والمسلمين جميعا».