مؤتمر دولي في باريس الأسبوع المقبل لمساعدة ليبيا على ضبط حدودها والتزام بـ«دولة القانون»

14 دولة ومنظمة دولية وإقليمية ستحضر المؤتمر بينها مجلس التعاون الخليجي

TT

تستضيف باريس يوم 12 فبراير (شباط) الحالي مؤتمرا وزاريا دوليا حول ليبيا يضم 14 دولة ومنظمة إقليمية ودولية بناء على دعوة مشتركة فرنسية ليبية في بادرة تستهدف مساعدة طرابلس في ميادين رئيسية ثلاث هي الأمن والقضاء وبناء دولة القانون. وتشارك من الدول العربية قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب الدول الغربية الرئيسية: الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا. وتغيب اليابان عن الاجتماع الذي تحضره تركيا. أما المنظمات الدولية والإقليمية فهي الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد المغاربي العربي ومجلس التعاون الخليجي.

وقالت مصادر فرنسية رسمية إن وزراء خارجية بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا والدنمارك ومالطا وتركيا سيحضرون المؤتمر الذي سيديره وزيرا خارجية فرنسا وليبيا لوران فابيوس ومحمد عبد العزيز بينما الآخرون سيمثلون بكبار الموظفين. وحتى مساء أمس، لم تكن قطر والإمارات قد أبلغتا باريس بمن ستتمثلان. وسيحضر الأمين العام المساعد لمجلس التعاون الخليجي وأمين عام اتحاد المغرب العربي فيما تمثل كارتين أشتون بأحد مساعديها. وعلمت «الشرق الأوسط» أن رئيس الوزراء الليبي علي زيدان سيقوم الأربعاء القادم بزيارة رسمية إلى باريس يلتقي خلالها رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس الشيوخ ووزير الخارجية.

ويأتي مؤتمر باريس وهو الثاني من نوعه بعد اجتماع عقد في لندن مباشرة عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافي، في سياق أوضاع متفجرة في بلدان الربيع العربي ومخاوف أمنية في منطقة المغرب العربي المتداخلة مع العملية العسكرية الفرنسية في مالي، وعملية احتجاز الرهائن واسعة النطاق في الصحراء الجزائرية فضلا عن استمرار اهتزاز الاستقرار الأمني في ليبيا نفسها وعجز الحكومة، حتى الآن، عن فرض سلطتها على كل الأنحاء الليبية.

وقالت باريس إن الهدف الأول للمؤتمر الذي يلتئم بعد 18 شهرا على سقوط نظام القذافي، هو العمل معا على تحديد مجموعة من مشاريع التعاون المشتركة مع السلطات الليبية والتي تتناول بالدرجة الأولى الجانب الأمني وخصوصا حماية الحدود وفرض الرقابة عليها وتوفير الاستقرار في الداخل. ويمثل هذا الجانب أحد أهم التحديات التي تفرض نفسها على الحكومة الليبية الجديدة وعلى الدول والهيئات التي تدعمها، وذلك على ضوء افتقار طرابلس للوسائل الضرورية لحماية الحدود البرية البالغة 4 آلاف كلم فضلا عن واجهة بحرية بعرض 2000 كلم.

وأفادت مصادر فرنسية دفاعية أن طرق التهريب «السلاح والمخدرات» وتنقل الجهاديين الإسلاميين من الغرب إلى الشرق تمر داخل وعبر الحدود الليبية وإن كثيرا من السلاح الذي يستخدمه الجهاديون في مالي وصل إليهم من الترسانة الليبية. فضلا عن ذلك، تحولت ليبيا إلى ممر للمهاجرين الأفارقة الذين يودون الوصول إلى الشواطئ الأوروبية. لذا، فإن ليبيا تمثل اليوم، وفق وصف أحد الخبراء الأمنيين الفرنسيين، «الخاصرة الرخوة» التي يتعين على العواصم الأوروبية والغربية بشكل عام معالجتها للتخفيف من عدواها أو مصادر القلق المتأتية عنها.

وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قرروا، نهاية الشهر الماضي، إرسال بعثة مدنية أوروبية إلى ليبيا تكون مهمتها مساعدة الحكومة الليبية على الإمساك بحدودها على أن تكون مهمتها لعامين. ومن ضمن ما تنص عليه المهمة إرسال مراقبين مدنيين أوروبيين ينتشرون إلى جانب الليبيين لتنفيذ هذه المهمة الشائكة. وكان المؤتمر الوطني العام في ليبيا، الذي يعد أعلى سلطة سياسية قد أمر بإغلاق الحدود مع الجزائر والنيجر والسودان وتشاد كما أعلن جنوب البلاد منطقة عسكرية مغلقة.

ولا تعاني ليبيا فقط من اختراق حدودها بل من غياب الأمن في العاصمة وفي المدينة الثانية بنغازي الأمر الذي ظهر بقوة مع إحراق القنصلية الأميركية في بنغازي في شهر سبتمبر (أيلول) واستمرار المشكلات الأمنية المتنقلة بين المناطق وعجز الحكومة عن التحكم بشكل تام في الميليشيات التي لعبت دورا في إسقاط نظام القذافي. ويذكر أن فرنسا وبريطانيا ودولا غربية أخرى طلبت من مواطنيها قبل عشرة أيام أن يتركوا بنغازي بسبب «تهديدات» أمنية مما يظهر الحالة الهشة للأمن في هذه المدينة.

ويأتي في المرتبة الثانية من سلم أولويات المؤتمر مساعدة السلطات الليبية على تحسين أداء القضاء وإقامة دولة القانون والتقيد بأحكامه.

وتريد الدول الغربية مساعدة ليبيا لتتحول إلى دولة حديثة يحترم فيها القانون ويكون القضاء مستقلا. ولهذا الغرض، سيعمد المجتمعون يوم الثلاثاء القادم إلى مناقشة عدد من المشاريع، وتبني ما سيتوصلون للتوافق حوله لجهة تأهيل القضاة والمحققين ومراجعة النصوص القانونية وإشاعة ثقافة احترام حقوق الإنسان والعمل بها في التعاطي بين الدولة والمواطن.