كيري يعد بمبادرة لحل الأزمة السورية.. ونظام الأسد يقبل بالجلوس مع المعارضة دون شروط

هولاند: لا تسليح للفصائل قبل استنفاد الفرص السياسية

جون كيري
TT

تسارعت التطورات عشية انتهاء المهلة الممنوحة لنظام بشار الأسد لقبول مبادرة رئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب التي تنتهي اليوم. ففي حين أعلن وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، استعداد دمشق للحوار مع المعارضة «من دون شروط مسبقة»، وعد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بمبادرة «دبلوماسية» لوقف النزاع، بينما استبعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رفع حظر السلاح عن المعارضة ما دام باب الحوار لا يزال مفتوحا.

وفي ما قرئ كرد على مبادرة الخطيب، أبدى الزعبي الليلة قبل الماضية استعداد حكومته «لدعوة الجميع في الداخل والخارج بمن فيهم التنسيقيات إلى الحوار من دون أن يضار أحد ممن يستجيب لهذا النداء الوطني». وأشار الزعبي، في لقاء مع التلفزيون السوري الليلة قبل الماضية، إلى أن نظام الأسد يؤمن بـ«قدرة الحوار الوطني السوري» على توصيل البلاد لبر الآن في حال تم الحوار «من دون شروط مسبقة ومن دون إقصاء لأحد». وأضاف أن الجدول الزمني للحوار سيقسم لثلاث مراحل هي مرحلة تحضيرية وأخرى انتقالية، وصولا للمرحلة النهائية، وحسب رأيه فإن هذا التقسيم هو «تقسيم واقعي منطقي يحمل الواقع الحقيقي لسوريا ويحوله إلى قراءة سياسية».

ويأتي كلام الزعبي عشية انتهاء المهلة التي حددها الخطيب كموعد نهائي لنظام الأسد لقبول مبادرته بالجلوس مع «نائب الرئيس فاروق الشرع للتفاوض وفق شرطين هما إطلاق سراح السجناء وبالأخص النساء، وتجديد جوازات سفر السوريين في الخارج». وسبق لوكالات أنباء سورية محلية أن نقلت عن نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية قدري جميل نفيه أن تكون الجهات الرسمية قد تجاهلت مبادرة الخطيب، مشيرا إلى أن الأخير هو الذي تجاهل المبادرة الحكومية السابقة لمبادرته.

أما على الصعيد الدولي، فقد وصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، جيفري فيلتمان، أمس العرض الذي قدمه مؤخرا الخطيب بأنه «انفتاح بسيط» من شأنه فتح باب المفاوضات، ويستحق المحاولة. وقال فيلتمان في مؤتمر صحافي ردا على أسئلة بشأن الخطوات التالية تجاه سوريا «يبدو لي أن الشيء الواعد هو ما سمعناه مؤخرا من عرض الخطيب المشروط والمؤقت للجلوس مع ممثلي حكومة الأسد.. وربما هناك الآن انفتاح بسيط أو ربما أن الباب الموصد للمفاوضات بدأ يفتح».

وفي سياق متصل، قال جون كيري، الليلة قبل الماضية، إن الجميع داخل الإدارة الأميركية وفي كل مكان في العالم مصاب بالذعر نتيجة العنف المستمر في سوريا منذ أكثر من 23 شهرا. وأضاف في أول مؤتمر صحافي له كوزير خارجية «تجري الولايات المتحدة الآن تقييما للوضع حيال الخطوات التي يمكن للدبلوماسية اتخاذها من أجل خفض العنف»، مضيفا «هناك الكثير من القتل والكثير من العنف، ونحن نريد بالطبع أن نسعى لإيجاد طريقة للتقدم».

وتأتي تصريحات كيري بعد موجة من الانتقادات للبيت الأبيض في ما يخص الملف السوري، إذ انتقد مشرعون جمهوريون في جلسة استماع للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ أداء إدارة الرئيس باراك أوباما، متسائلين «كم من الدماء يجب أن تزهق حتى يتحرك البيت الأبيض؟».

وفي رد على سؤال حيال خطة لدعم المعارضة السورية قدمتها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» ديفيد بترايوس الصيف الماضي، أقر وزير الدفاع ليون بانيتا بأنه والجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة أبديا دعمها لخطة لتزويد «حذر» للمعارضة السورية بالسلاح. غير أن البيت الأبيض، بحسبه «قرر في نهاية الأمر رفض الخطة».

لكن أيا من بانيتا أو ديمبسي لم يشرح لماذا لم يأخذ الرئيس الأميركي بتوصياتهما، إلا أن مسؤولين بارزين في الإدارة قالوا لصحيفة «واشنطن بوست» إن الأسباب التي دفعت البيت الأبيض للتريث كانت الخشية من وصول الأسلحة إلى «الأيادي الخاطئة»، إضافة إلى أن أوباما كان في خضم حملته الانتخابية، وهذا ما دفعه لرفض خطة التسليح، وهو قرار يسانده بانيتا الآن.

وكانت خطة باتريوس - كلينتون، بحسب ما نشرته «نيويورك تايمز» في 2 فبراير (شباط) الحالي، تقضي بإجراء فحوصات طبية لكوادر من المقاتلين السوريين ومن ثم تدريبهم وتزويدهم بالسلاح، والهدف من هذه الخطة كان خلق حليف سوري في مرحلة الصراع مع نظام الأسد وما بعده.

إلى ذلك، لم يتفاجأ مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة لندن البروفسور فواز جرجس من رفض البيت الأبيض لمبادرة كلينتون - بترايوس، مضيفا أن الرفض ينبغي أن يوضع ضمن سياق رؤية أوباما للعالم وأجندته في الشرق الأوسط «لا شك أن أوباما لا يزال متأثرا بحرب العراق والدروس المستخلصة منها». وفي ما يخص سوريا أشار جرجس إلى أن أجندة أوباما تقوم على مبدأ أنه «يفضل أن تستمر المعارضة المسلحة في ضغطها على الأسد إلى أن يقبل الأخير بالتنحي من تلقاء نفسه عن الحكم في سوريا».

بدوره، شكك الباحث في جامعة سانت آندروز، منذر الزملكاني، في مصداقية المبادرة في الأساس، مضيفا أن «دولا عربية أعلنت الصيف الفائت استعدادها علانية لتسليح المعارضة، مما دفع كلينتون إلى زيارة لحث هذه الدول على التراجع عن هذه الخطوة»، متسائلا «كيف تستقيم أقاويل مبادرات الدعم بالسلاح مع الأفعال على الأرض؟».

وأشار الزملكاني إلى أن الأزمة في سوريا أصبحت من التعقيد والتشابك بما يجعلها عصية على الحل «ولو حتى تدخلت الولايات المتحدة»، مضيفا أن وضع بعض الفصائل المقاتلة في سوريا ضمن لائحة الإرهاب ينسف أي إمكانية لتزويد المعارض بالسلاح، وهو ما سيؤدي إلى استمرار الصراع إلى ما لا نهاية.

وفي هذا السياق، استبعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس رفع الاتحاد الأوروبي الحظر عن الأسلحة الموجهة إلى معارضين سوريين ما دام فتح حوار سياسي ليس ممكنا.

لكن أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس الجنوبية الدكتور خطار أبو دياب ينفي أن يكون الموقف الفرنسي الأخير تراجعا عن المسعى الذي تقوم به كل من باريس ولندن في بروكسل من أجل رفع حظر السلاح عن المعارضة السورية الذي سينتهي مفعوله الشهر القادم، مضيفا أن «الموقف الأخير يصب في خانة تدعيم مبادرة معاذ الخطيب في فتح قنوات دبلوماسية لإيجاد مخرج سياسي للأزمة السورية».